عايشة أحمد وطفلتها على رصيف شارع بصنعاء/ارفع صوتك
عايشة أحمد وطفلتها على رصيف شارع بصنعاء/ارفع صوتك

للعام الثالث على التوالي، يحل اليوم العالمي للمرأة على وقع استمرار تفاقم معاناة النساء في اليمن، جراء هذه الحرب التي خلقت عشرات الآلاف من الأيتام والأرامل والثكالى.

وتذكر تقارير محلية ودولية متطابقة أن حوالي 30 في المئة من ضحايا الحرب في اليمن البالغ عددهم أكثر من 47 ألف قتيل وجريح هم من النساء والأطفال.

هذا حالنا

“لأول مرة أسمع بيوم المرأة العالمي!”، قالت عايشة أحمد، وهي مواطنة يمنية رداً على استفسار مراسل (ارفع صوتك)  عما تعني لها هذه المناسبة التي تحييها الأمم المتحدة في 8 آذار/مارس كل عام.

وذكرت عايشة، التي كانت تجلس مع ابنتها زهور (عام وعشرة أشهر) على رصيف شارع رئيس شمالي غرب مدينة صنعاء، باسطة يدها للتسول، أنها تظل عشر ساعات يومياً على هذا الحال لتجني ما يعادل (4.3 دولار أميركي)، تساعد بها زوجها في نفقات أسرتها المكونة من 11 فرداً.

“هذا حالنا اليوم في ظل هذه الظروف الصعبة”، أضافت المرأة الأربعينية ذات البشرة السمراء التي تقطن وأسرتها منزلاً صغيراً بالكاد يستطيعون سداد إيجاره البالغ 20 ألف ريال شهرياً (6.41 دولار أميركي).

اقرأ أيضاً:

الحرب تفاقم حالات الطلاق في اليمن

خسائر وجهود

وقذفت الحرب الدائرة في البلد العربي الفقير بنحو 22 مليون يمني (أكثر من ثلثي السكان) إلى دائرة الجوع، بينهم ثمانية ملايين شخص لا يعلمون من أين ستأتي وجبتهم التالية، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة.

تقول لمياء الإرياني، وهي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة (منظمة حكومية)، إن اليمنيات خسرن الكثير بسبب الحرب المتصاعدة منذ ثلاث سنوات.

“هناك تسرب مخيف ومفجع من المدارس وتدنٍ في نسبة الالتحاق بالتعليم، وارتفاع نسبة الطلاق”، أوضحت لمياء الإرياني، التي كانت تتحدث لموقع (ارفع صوتك) من العاصمة الأردنية عمان، حيث تشارك ضمن ستين سيدة يمنية، في اجتماع التوافق النسوي للسلام والأمن، وهو تجمع نسوي يمني يضم ناشطات وقيادات حزبية ومستقلة تحت مظلة مكتب الأمم المتحدة للمرأة.

وأشارت إلى أن توقف المرتبات الحكومية وفقدان فرص العمل أدى إلى خروج آلاف اليمنيات إلى الشوارع للتسول.

وأكدت أن التوافق النسوي للسلام والأمن يبذل جهوداً حثيثة لتقريب وجهات النظر ودعم تحريك الملف السياسي وإعادة الأطراف المتحاربة إلى مفاوضات السلام اليمنية المتوقفة منذ عام ونصف.

اقرأ أيضاً:

نساء يمنيات: حقوقنا مجرّد حبر على ورق

أسوأ دولة للمرأة

وصنف تقرير منتدى الاقتصاد العالمي حول “الفجوة بين الجنسين لعام 2017”، اليمن في المرتبة 144 كأسوأ دولة لمعيشة المرأة، على صعيد حقوق التعليم والاقتصاد والسياسة والصحة، للسنة الثانية عشر على التوالي.

وتُشكل النساء حوالي نصف إجمالي سكان اليمن البالغ عددهم أكثر من 27 مليون إنسان.

 

أرقام صادمة

تقول فهمية الفتيح، وهي مسؤول الإعلام والاتصال في صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن، “للسنة الثالثة منذ بداية الصراع، لا تجد النساء هنا ما يحتفين به في يومهن العالمي غير المزيد من المعاناة”.

أضافت “تتحمل النساء والفتيات بشكل أكبر وطأة الحرب وتبعاتها، حيث تشكل النساء والأطفال 76 في المئة من إجمالي النازحين البالغ عددهم 3 ملايين نازح”.

وفيما يشهد اليمن أعلى معدل لوفيات الأمهات في المنطقة العربية، تحدثت المسؤولة الأممية عن إصابة نحو 1.1 مليون امرأة حامل في البلاد بسوء التغذية الذي من المحتمل أن يعرض حياة 75 ألف امرأة لمضاعفات أثناء الولادة.

وتشير دراسات حديثة إلى ارتفاع نسبة العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي بما فيها الاستغلال والانتهاك الجنسي، إلى 70 في المئة، نتيجة الصراع والحركة القسرية.

وتقدر الأمم المتحدة أن هناك نحو 3 ملايين امرأة معرضات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.

ونتيجة للنزوح والأوضاع الاقتصادية المتردية للأسر، تصاعدت خلال السنوات الثلاث  الأخيرة على نحو لافت ظاهرة زواج الصغيرات في اليمن، لتبلغ نسبة الفتيات المتزوجات دون سن 18 نحو 66 في المئة بنهاية عام 2017.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.