منذ ثلاث سنوات وأنا أقيم في تركيا لاجئا. عائلتي لاجئة في مصر، ولا أستطيع الحصول على تأشيرة الدخول إلى مصر بعد الشروط التي فرضتها الحكومة على دخول السوريين إلى أراضيها نهاية عام 2013.
تقدمت بأكثر من طلب للقنصلية المصرية في إسطنبول. رفضت كلها. بدأت أعتاد الحياة مشتتا بعيدا عن عائلتي. أصبح فيسبوك وواتساب وسيلتي الوحيدة للتواصل مع عائلتي.
قطعت الحرب التي دخلت عامها السابع، أوصال العائلات السورية. في كل موجة نزوح، يرحل جزء من العائلة إلى بلد ما، فتزداد الأوصال تقطعا.
أبي وأمي وثلاثة من إخوتي في مصر، أخي الرابع في لبنان. بعض أعمامي في الأردن، وأولادهم موزعون بين ألمانيا وهولندا والإمارات. عماتي في لبنان وخالاتي في مصر، وهكذا.. بعض هؤلاء لم أرهم منذ سبع سنوات، عمر الأزمة في سورية.
لست الوحيد، ملايين السوريين مثلي.
بين خمس دول!
علي الخلف، شاب في العشرينيات من عمره، كان يعيش مع عائلته في ريف حلب قبل سيطره تنظيم داعش للمنطقة.
أقنع والديه، وهاجر إلى ألمانيا. كان هذا القرار بداية تشتيت العائلة. يقول "في 2015 مرت بنا ظروف مأساوية. كنت قد وصلت حديثا إلى ألمانيا، بينما كان أخي محمد عالقا في هنغاريا يحاول الوصول إلي. أما أخي الأصغر، فكان قد وصل اليونان للتو ، فيما كان أبي مستقرا في تركيا ووالدتي في سورية تحاول العودة إلى تركيا".
وصل شقيقا علي إلى ألمانيا. ويقطنون الآن جميعا في مدينة دورتموند. وتمكنت الأم من الدخول إلى تركيا حيث منزل العائلة في مدينة الريحانية.
"أكثر ما يحزننا أنا وإخوتي هو أن تمر الأعياد علينا ونحن بعيدون عن أهلنا"، يقول علي.
حاول الأشقاء الثلاثة الحصول على تأشيرة لدخول تركيا، دون جدوى. "الأمر صعب، بل مستحيل أحيانا للسوريين"، يقول الشاب السوري.
المنفذ الوحيد للتواصل
غالبية السوريين يعتمدون على تطبيقات التواصل الاجتماعي، خصوصا فيسبوك وواتساب، للبقاء على اتصال مع ذويهم في دول أخرى.
حتى كبار السن تعودوا على استخدام هذه التطبيقات.
يعيش يمان، وهو طالب جامعي من ريف حلب في العشرينيات من عمره، في تركيا. يقول "أتحدث يوميا مع والدي عن طريق برنامج الماسنجر. هذه هي الطريقة الوحيدة".
لم شمل الأسر اللاجئة ليس سهلا. كفاء، معلمة مدرسة من ريف حلب، خاض زوجها رحلة اللجوء نحو أوروبا، على أساس أن يحصل على إقامة تمكنه من لم شمل عائلته المكونة من زوجته وأولاده الثلاثة.
فشلت خطة الزوج، وما زالت العائلة تعاني الأمرين. تقول كفاء "وصل زوجي إلى السويد في نهاية عام 2015، وبدأ بمعاملة الإقامة بعد سنة كاملة من مكوثه هناك، ومن ثم بدأ العمل في معاملة لم الشمل".
حدثت الحكومة السويدية موعدا لكفاء وأطفالها من أجل مقابلة في القنصلية السويدية في إسطنبول.
انتقلت العائلة بمساعدة مهربين إلى مدينة غازي عنتاب ثم إلى إسطنبول. لكن طلب لم الشمل رفض.
"قدم زوجي طعنا بقرار الرفض ووكل محاميا. ونحن ننتظر مصيرنا، تقول كفاء.
تقيم العائلة الآن في تركيا بشكل غير قانوني منذ سبعة أشهر.
قرارات ملغية!
لم الشمل العائلي في أغلب الأحيان الطريقة القانونية الوحيدة لاجتماع الأسرة، خاصة في أوروبا.
يقدم طلب لم الشمل في أوروبا، عادة، من قبل الأطفال تحت سن 18 لأبائهم ومن الزوج لزوجته أو العكس، ومن الأب أو الأم لأطفالهما تحت 18 سنة.
وفي تركيا، حيث يقيم أكثر من ثلاثة ملايين ونصف لاجئ سوري، تم تفعيل لمّ الشمل بقرار حكومي للسوريين في أواخر عام 2014، وتقدم آلاف الطلبات للمعابر التركية.
ناصر، لاجئ سوري في العشرينيات من عمره في غازي عنتاب، يملك مكتبا للخدمات القانونية للاجئين السوريين. أسسه بعدما قدم هو نفسه لاجئا من مدينة تدمر.
يقول إن معاملات لم الشمل صارت أكثر تعقيدا. "في البداية، لم يكن هناك تدقيق على الأشخاص القادمين من سورية فيما إذا كانوا حاصلين على جواز سفر أو بطاقة حماية اللاجئ المؤقتة التي تقدمها تركيا".
لاحقا، صار "لم الشمل محصورا على من لديه جواز سفر كي يدخل تركيا ثم صعبت الأمور ليقتصر لم الشمل على الأم والأب والإخوة تحت 18 سنة، ثم تم تعديل القرار ليقتصر على الأم والأب فقط"، يقول ناصر.
ويتابع "منذ نحو ثمانية أشهر توقف لمّ الشمل بشكل نهائي رغم أن هناك آلافا من الطلبات المعلقة ولم ينجح أصحابها في جلب ذويهم من سورية"