خلال الأشهر الأولى لبث لراديو "صوت الرقة"، كان مذيعوه يقدمون نشرات الأخبار بأسمائهم الأولى
خلال الأشهر الأولى لبث لراديو "صوت الرقة"، كان مذيعوه يقدمون نشرات الأخبار بأسمائهم الأولى

في حزيران/يونيو 2017، ارتفع صوت جديد في محافظة الرقة شمال شرق سورية: إذاعة "صوت الرقة".

"داعش لم يسيطر على الأرض وإنما على العقول أيضا"، يقول شيار نيو مدير البرامج في الإذاعة التي تأسست بالتزامن مع عمليات تحرير المدينة.

تسعى الإذاعة، كما يقول القائمون عليها، إلى "تعزير قيم التسامح والتعددية" في مدينة ظلت تحت سيطرة التنظيم المتطرف ثلاث سنوات، وكانت عاصمة له.

تجربة سابقة

جاءت تجربة "صوت الرقة" بعد مشروع سابق لمؤسسها سيروان حج حسين، هو إذاعة "آرتا" في محافظة الحسكة الحدودية مع تركيا والعراق، سنة 2013.

يقول سيروان في حديث لـ(ارفع صوتك) إن إذاعة "آرتا" تبث بأربع لغات، الكردية والعربية والسريانية والأرمنية، من أجل "تحسين العلاقات بين القوميات المنتشرة في شمال شرق سورية، والدفاع عن الحرية والقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان".

ويصل بثها الآن لمناطق القامشلي والمالكية وعامودا ورأس العين.

سيروان حج حسين مؤسس راديو "صوت الرقة"

​​أما إذاعة "صوت الرقة" فتبث برامجها من ناحية عين عيسى، حيث أحد أكبر مخيمات النازحين، نحو الرقة والمناطق المحيطة بها على مدار 12 ساعة في اليوم. أغلبية نشراتها وبرامجها باللغة العربية، وبعض الكردية أيضا.

أسسها سيروان، البالغ من العمر 41 عاما، بعد حصوله على منحة من وزارة الخارجية الأميركية.

بالأسماء الأولى فقط

خلال الأشهر الأولى لبث راديو "صوت الرقة"، كان مذيعوه يقدمون نشرات الأخبار والبرامج بالأسماء الأولى فقط بسبب مخاوف من استهدافهم من "فلول داعش" في المدينة.

لكن هذه المخاوف بدأت تزول تدريجيا وقرر عدد من المذيعين الإفصاح عن أسمائهم الكاملة ونشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

"ليست هناك اعتداءات فعلية لحقت بكادرنا حتى الآن"، يقول مدير البرامج شيار نيو لـ(ارفع صوتك).

تأسس راديو "صوت الرقة" في حزيران/يونيو 2017

​​تبث الإذاعة برامج تقافية وترفيهية ودينية أيضا. يقول شيار إن الهدف هو "نشر الإسلام المعتدل" و"دحض فتاوى داعش".

وحسب مدير البرامج، تبث الإذاعة أيضا رسائل تحذيرية لسكان الرقة لإعلامهم بالمناطق التي تنتشر بها الألغام.

ويقول القائمون على "صوت الرقة" أنهم يريدون أن يكونوا "صوتا لسكان الرقة أمام أصحاب القرار في المجلس المحلي للمحافظة".

وحسب شيار، تمنح إذاعة "صوت الرقة" مساحة واسعة لقضايا الأطفال والمرأة في المدينة، "لتعريف النساء بحقوقهن، وكيف يكن مساهمات في التغيير بالرقة".

يقول شيار إن برامج الإذاعة تلاقي استحسانا لدى سكان الرقة إلا "أن الأفكار الظلامية التي زرعها داعش في عقول بعض السكان لا تزال ظاهرة، وترفض بالمقابل الأفكار التي تطرحها الإذاعة".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.