طاهرة رحمن خلال استعدادها للظهور على الهواء
طاهرة رحمن خلال استعدادها للظهور على الهواء

في تمام السادسة، يشاهد أهالي أربع مدن واقعة على ضفاف نهر المسيسيبي في ولاية الينوي نشرة الأخبار وحالة الطقس عبر WHBF-TV التابعة لشبكة CBS.

ومنذ أيام، تابع أهالي الولاية وجهاً جديداً عبر شاشتهم. فقد قدمت لهم الأخبار مسلمة أميركية محجبة تدعى طاهرة رحمن. قدم والداها من شبه القارة الهندية.

"أحب طريقة صنع قصة للأخبار التلفزيونية"، تقول طاهرة رحمن لـ(صوت أميركا)، التي بدأت عملها كمراسلة تلفزيونية في شباط/فبراير الماضي.

هذه الوظيفة الأولى التي تظهر بها المراسلة على الشاشة، بمظهرها الذي يوضح هويتها.

"لم أرَ أحداً يشبهني على الكاميرا سابقاً.. على الأقل في قناة أميركية"، تقول المراسلة. وتضيف "الكثيرات في عائلتي لا يضعن الحجاب، لكن أمي واثنتين من خالاتي يضعنه. تعلمنا ذلك في الإسلام، وهو خيار".

كان ذلك الخيار الذي تبنته الشابة منذ كانت في الثانية عشرة من عمرها. ويؤكد مسؤولها في العمل أن تعيينها لا علاقة له بأصلها أو معتقدها، بل بموهبتها.

​​

"اكتشفنا أنها الأولى (المحجبة)، وحتى لو كانت رقم 30 أو 300 أو 3000 فلن يصنع ذلك فرقاً"، يقول مايك ميكل، مدير الأخبار في القناة.

طاهرة رحمن خلال عملها

​​

كان ظهور طاهرة على شاشة الأخبار بمثابة مفاجأة ترحيبية بمجتمع المنطقة المسلم الآخذ بالتزايد رغم قلة عدده.

"فاجئني الأمر حقاً"، يقول محمد الزين، كبير الجالية المسلمة في المدن الأربعة التي يقطنها 400 ألف مواطن، منهم 1000 مسلم، لا يزال عددهم في تصاعد.

ويرى الزين في الفرصة التي حصلت عليها المراسلة لحظة هامة لجميع مسلمي أميركا، لا سيما وأنها تعطي الفرصة لغير المسلمين للاعتياد على رؤية الحجاب في أي مكان.

ويقدر مركز بيو للأبحاث تعداد المسلمين في الولايات المتحدة بحوالي 3.45 مليون مسلم، وتتنبأ تقديرات المركز بأن يصبح الإسلام الدين الثاني في البلاد بحلول عام 2040.

"خلال اليومين الفائتين، تلقيت بعض الرسائل الإلكترونية تقول إن ديني هو دين الشيطان، وعليّ إعادة النظر"، تقول طاهرة. وتوضح أن الأمر لم يكن بالجديد عليها وعلى أسرتها، الذين واجهوا مواقف عنصرية سابقاً.

وتقول طاهرة إن تلك التجارب السابقة قوّتها لتتوقع أي رد فعل عنيف حيال ظهورها بالحجاب. "عندما تنشأ كأميركي مسلم، تزيد سماكة جلدك، وتتعلم كيف تعيش بذلك".

طاهرة في اجتماع عمل

وبدلاً من حذف التعليقات التحريضية العامة والأخرى الواردة على حساباتها الخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قررت الشابة تركها ليراها الجميع. "أظن أنه على الناس أن يعرفوا ما يواجه الأشخاص مثلي، حتى لو لم يظهروا على التلفاز".

ويقول ميكل "نعلم أنها ستلفت الانتباه، ليس على مستوى السوق المحلي وحسب، بل خارجه".

ويشدد على أن التعليقات الإيجابية المنهمرة على القناة تفوق السلبية، وأن الضغط الوحيد في الأمر يكمن في التعامل مع الاهتمام الكبير الذي أولاه الإعلام للمراسلة.

ويضيف "هذا يعطيها الفرصة لمشاركة رحلتها مع الآخرين، وهذا ما نريده. لكن في نفس الوقت لديها مواعيد لتسليم العمل، عليها التقيد بها".

بدورها، تقول طاهرة إن دوامة الأخبار اليومية تبقيها في أجواء العمل.

وتقول "أعتقد أنها لحظة عظيمة.. ولكن في نفس الوقت، يوماً بعد يوم، لم يتغير شيء. وصولك إلى المكان الذي تريده لا يعني أن تعمل أقل".

وتتمنى الشابة أن يؤتي عملها ثماره بشكل لا يقتصر فقط على صعودها السلم المهني، بل يمتد لإتاحة فرص لمن يقتدون بها للحصول على فرص مماثلة في المكاتب المختلفة حول البلاد.

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.