لقطة عامة لمنطقة الغوطة شرق دمشق/وكالة الصحافة الفرنسية
لقطة عامة لمنطقة الغوطة شرق دمشق/وكالة الصحافة الفرنسية

الركام والبنايات المدمرة على الأرض وهياكل السيارات المعطوبة والدخان المتصاعد في السماء.

في منطقة الغوطة، شرقي دمشق العاصمة السورية، هذا تقريبا كل ما يمكنك مشاهدته.

الأبنية الأكثر نشاطا في هذه المنطقة هي المستشفيات، حيث العشرات من المدنيين يملأون أروقتها، معظمهم تعرضوا لإصابات وحروق جراء القصف المتواصل على المنطقة من قبل الجيش السوري التابع لنظام بشار الأسد.

الصورة نفسها تطغى على جميع المناطق التي شملها النزاع السوري. وتتعالى صرخات المدنيين تحديدا من الغوطة.

على مواقع التواصل الاجتماعي، تنتشر صور المأساة وتطغى على المنشورات نبرة يأس كأن أحدا لا حول له ولا قوة لإيقاف حمام الدم.

​​

​​

​​

ومع اقتراب الذكرى السابعة لاندلاع النزاع في سورية، في آذار/ مارس 2011، بتظاهرات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد ثم تحوله إلى حرب دامية، "لم يحقق أي طرف فوزاً واضحاً من الحل العسكري العقيم، والخاسر بكل وضوح هو الشعب السوري"، وفق وصف الأمم المتحدة.

أكثر من 340 ألف قتيل، وموجة نزوح هي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، وأكثر من نصف عدد سكان سورية البالغ 20 مليون نسمة، لا يستطيعون العودة إلى منازلهم بسبب تهدمها، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.

أسعار المواد الغذائية ارتفعت بثمانية أضعاف كمعدل مقارنة بمستواها قبل الأزمة.

وتعتبر الأمم المتحدة أن الظروف التي يواجهها المدنيون في سورية هي "اسوأ من أي وقت مضى".

ويلفت المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إلى أنه مع دخول النزاع عامه الثامن، "يعيش 69 في المئة من المدنيين السوريين في فقر مدقع".

التحرر من الخوف

أما رئيس إعلان دمشق وعضو الائتلاف السابق، سمير نشار، فيعتبر أنه رغم هذه الظروف، لكن "الثورة حررت الإنسان من الخوف".

ويقول نشار في حديث لموقع (ارفع صوتك) "السوريون يريدون مطلب الحرية، ورغم مرور الذكرى السابعة لكن الشعب لن يتوقف".

ويتهم نشار "النظام السوري وحلفاءه إيران وروسيا"، بإيصال السوريين إلى ما هم عليه اليوم، مشيرا إلى أن انتهاء الوضع متعلق "بإرادة المجتمع الدولي الجادة".

بدوره، ينتقد المحلل السياسي السوري والمقرب من الرئيس الأسد، عفيف دلة، ما ورد في تقارير الأمم المتحدة، ويقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "تقاريرها دائما تبحث عن النتائج ولا تبحث عن المسببات".

ويضيف أن ما حصل في سورية "لا يمكن أن يكون بسبب نزاع داخلي، بل هو صراع دولي إقليمي".

الأطفال بين الموت والإعاقة

وفي الغوطة الشرقية، يقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الحملة العسكرية قتلت أكثر من 948 مدنيا منذ بدأت في 18 شباط/ فبراير الماضي، بينهم 150 طفلا، فيما تصف منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) الغوطة بأنها أصبحت "جحيما على الأرض" للأطفال. وتدعو إلى مساعدة عاجلة.

وفي مقابلة مع رويترز قالت هنرييتا فور المديرة التنفيذية ليونيسف إن "القصف لا يتوقف مطلقا تقريبا، ما يعني أن الطفل يرى العنف والموت وبتر الأطراف"، لافتة إلى أن "الحرب شردت 5.8 مليون سوري"، وأصبحوا إما لاجئين في الخارج أو نازحين في الداخل وإن نصف هذا العدد من الأطفال.

ويعتبر المحلل السياسي عفيف دلة ما حصل هو نتيجة "تواطؤ إقليمي دولي، سهل وجود تنظيمات إرهابية وجهزها لتنفيذ عمليات إجرامية"، متوقعا حلا قريبا للنزاع.

ويوضح "الحل أصبح أقرب من أي وقت مضى، بسبب القناعات التي تولدت لدى الأطراف الدولية من نتائج هذا الصراع".

ويلفت رئيس إعلان دمشق سمير نشار إلى أن داعش هي "نتاج النظام السوري، الذي أطلق سراحهم من السجون، بهدف القضاء على الثورة". فتنظيم داعش "أعطى الحجة للأيد لأن يستخدم القوة في قمع الثوار، بعد أن ألبسهم لباس الإرهاب"، على حد وصفه، معتبرا أن حل الأزمة متعلقة بإرادة المجتمع الدولي.

ويوضح "الشعب السوري ينظر إلى الولايات المتحدة ويعتبرها المجتمع الدولي، فإذا كان أميركا جادة بتخليص السوريين سيحصل ذلك".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.