يفوق عدد قطع السلاح باليمن 60 مليونا، أي أن كل مواطن يمني يمتلك ثلاث قطع
يفوق عدد قطع السلاح باليمن 60 مليونا، أي أن كل مواطن يمني يمتلك ثلاث قطع

حرك الهجوم الذي أودى بحياة 17 شخصا في مدرسة ثانوية بولاية فلوريدا الأميركية، خلال الشهر الماضي، نقاشا حادا في المجتمع الأميركي حول حيازة السلاح.

ويمنح دستور أميركا الحق لسكان البلاد في امتلاك سلاح ناري.

يبدو الأمر مغايرا في الدول العربية. الحصول على السلاح يحتاج ترخيصا حكوميا مسبقا في مجمل البلدان.

في المقابل، تغض دول أخرى الطرف عن امتلاك السلاح باعتباره جزءا من التقاليد والأعراف، مثل الأردن، أو بسبب الظروف التي تمر بها الدولة، مثلما هو الحال في العراق واليمن.

في دول الخليج ومصر والمغرب والجزائر وتونس من الصعب جدا الحصول على قطعة سلاح خفية أو ظاهرة في المدن الرئيسية. قوانين السلاح والذخيرة بهذه البلدان تفرض شروطا صارمة: خلو السجل العدلي من أحكام جنائية، عدم التورط في نزاعات وجرائم استعمل فيها السلاح، الأهلية العقلية والصحية، تبرير الرغبة في امتلاك السلاح والغرض منه.

وتستكمل هذه الإجراءات ببحث دقيق تجريه السلطات الأمنية.

لكن المناطق الريفية تشهد انتشارا للسلاح بشكل أكبر.

وتعاقب القوانين بالسجن والعقوبات حاملي السلاح بدون ترخيص. في المغرب مثلا، يمكن أن تصل عقوبة امتلاك سلاح بدون رخصة من 15 إلى 20 سنة. وتتم المتابعة القضائية أمام المحكمة العسكرية الدائمة.

السلاح للجميع

في العراق، ليس غريبا أن تباع الأسلحة على قارعة الطريق وفي الأسواق الشعبية. سوق مريدي، الذي يقع شرق العاصمة بغداد، يؤكد ذلك رغم الحملات الأمنية التي حاولت منع بيع الأسلحة فيه.

​​وتوجد في العراق عشرات الميليشات والتنظيمات المسلحة، إضافة إلى الأسلحة التي يمتلكها الأفراد، رغم المطالبات بحصر السلاح بيد الدولة.

نهاية العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بدء تطبيق "حصر السلاح في يد الدولة".

 

سلاح العشائر

امتلاك سلاح في الأردن شيء عادي في مجتمع يسود فيه النظام العشائري ويفرض قوانينه، ومنها امتلاك السلاح كجزء من التقاليد والأعراف.

وحسب إحصاءات تعود إلى سنة 2014، توجد في الأردن 120 ألف قطعة سلاح مرخصة، وفق وزارة الداخلية، بينما تقدر إدارة المعلومات الجنائية عدد الأسلحة الموجودة في البلاد بنحو مليون قطعة، أي ان واحدا من كل سبعة أردنيين كان يمتلك سلاحا حينها.

في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، عدلت الحكومة الأردنية قانون الأسلحة والذخائر لمنع استخدامها من طرف العموم.

ألغيت كل الرخص السابقة الخاصة بالأسلحة الأتوماتيكية وبنادق الصيد، وحصر استخدام السلاح فقط في الجهات التي حددها القانون، وهي الجيش والأجهزة الأمنية وموظفو الحكومة المرخص لهم بحمل السلاح.

وفرض القانون أيضا قيودا على امتلاك بنادق الصيد.

التعديلات المشددة التي أدخلتها الحكومة على قانون الاسلحة جاءت حسب وزارة الداخلية للحد من ظاهرة الاستخدام العشوائي للأسلحة النارية.

لكن بالرغم من تشديد إجراءات الحصول على السلاح في البلاد إلا أن امتلاكه ما يزال شائعا بين العشائر.

​​

في مطلع عام 2016، نشب خلاف بين عشيرتين جنوب البلاد، عندما قام شاب من عشيرة المطارنة بقتل شاب أخر من عشيرة الصرايرة ليحكم على الجاني بالإعدام بنفس سلاح الجريمة.

ثقافة شعبية

في اليمن، يعتبر امتلاك السلاح جزءا من تقاليد أهل البلد الذي يشهد فوضى سياسية وأمنية منذ اندلاع الثورة ضد نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح قبل سبع سنوات.

يمنح قانون تنظيم حيازة السلاح حق امتلاك السلاح للمواطنين للاستعمال الشخصي والدفاع عن النفس.

تقول المادة التاسعة من القانون "يحق لمواطني الجمهورية حيازة البنادق والبنادق الآلية والمسدسات وبنادق الصيد اللازمة لاستعمالهم الشخصي مع قدر من الذخيرة لغرض الدفاع الشرعي".

وتنتشر في اليمن أسواق عشوائية لبيع الأسلحة، وهي تجارة تفاقمت بعد الحرب.

وتقول التقديرات إن عدد قطع السلاح باليمن يفوق 60 مليونا، أي أن كل مواطن يمني يمتلك ثلاث قطع بالمعدل.

وكان المشاركون في الحوار الوطني اليمني طالبوا بنزع واستعادة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من كافة الأطراف والجماعات والأحزاب والأفراد، خاصة التي نهبت أو تم الاستيلاء عليها من مؤسسات الدولة.

وطالبت وثيقة الحوار الوطني، الذي عقد بين سنتي 2013 و2014 وشاركت فيه مختلف الأطراف السياسية باليمن، أيضا بجعل السلاح ملكا حصريا للدولة.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.