حرك الهجوم الذي أودى بحياة 17 شخصا في مدرسة ثانوية بولاية فلوريدا الأميركية، خلال الشهر الماضي، نقاشا حادا في المجتمع الأميركي حول حيازة السلاح.
ويمنح دستور أميركا الحق لسكان البلاد في امتلاك سلاح ناري.
يبدو الأمر مغايرا في الدول العربية. الحصول على السلاح يحتاج ترخيصا حكوميا مسبقا في مجمل البلدان.
في المقابل، تغض دول أخرى الطرف عن امتلاك السلاح باعتباره جزءا من التقاليد والأعراف، مثل الأردن، أو بسبب الظروف التي تمر بها الدولة، مثلما هو الحال في العراق واليمن.
في دول الخليج ومصر والمغرب والجزائر وتونس من الصعب جدا الحصول على قطعة سلاح خفية أو ظاهرة في المدن الرئيسية. قوانين السلاح والذخيرة بهذه البلدان تفرض شروطا صارمة: خلو السجل العدلي من أحكام جنائية، عدم التورط في نزاعات وجرائم استعمل فيها السلاح، الأهلية العقلية والصحية، تبرير الرغبة في امتلاك السلاح والغرض منه.
وتستكمل هذه الإجراءات ببحث دقيق تجريه السلطات الأمنية.
لكن المناطق الريفية تشهد انتشارا للسلاح بشكل أكبر.
وتعاقب القوانين بالسجن والعقوبات حاملي السلاح بدون ترخيص. في المغرب مثلا، يمكن أن تصل عقوبة امتلاك سلاح بدون رخصة من 15 إلى 20 سنة. وتتم المتابعة القضائية أمام المحكمة العسكرية الدائمة.
السلاح للجميع
في العراق، ليس غريبا أن تباع الأسلحة على قارعة الطريق وفي الأسواق الشعبية. سوق مريدي، الذي يقع شرق العاصمة بغداد، يؤكد ذلك رغم الحملات الأمنية التي حاولت منع بيع الأسلحة فيه.
وتوجد في العراق عشرات الميليشات والتنظيمات المسلحة، إضافة إلى الأسلحة التي يمتلكها الأفراد، رغم المطالبات بحصر السلاح بيد الدولة.
نهاية العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بدء تطبيق "حصر السلاح في يد الدولة".
العبادي يؤكد من البصرة أهمية حصر السلاح بيد الدولة ويدعو قادة فرض القانون الى احترام المواطنين وعدم الضغط عليهم pic.twitter.com/LKY1S62wHy
— الحرة عراق (@AlhurraIraq) February 22, 2018
سلاح العشائر
امتلاك سلاح في الأردن شيء عادي في مجتمع يسود فيه النظام العشائري ويفرض قوانينه، ومنها امتلاك السلاح كجزء من التقاليد والأعراف.
وحسب إحصاءات تعود إلى سنة 2014، توجد في الأردن 120 ألف قطعة سلاح مرخصة، وفق وزارة الداخلية، بينما تقدر إدارة المعلومات الجنائية عدد الأسلحة الموجودة في البلاد بنحو مليون قطعة، أي ان واحدا من كل سبعة أردنيين كان يمتلك سلاحا حينها.
في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، عدلت الحكومة الأردنية قانون الأسلحة والذخائر لمنع استخدامها من طرف العموم.
ألغيت كل الرخص السابقة الخاصة بالأسلحة الأتوماتيكية وبنادق الصيد، وحصر استخدام السلاح فقط في الجهات التي حددها القانون، وهي الجيش والأجهزة الأمنية وموظفو الحكومة المرخص لهم بحمل السلاح.
وفرض القانون أيضا قيودا على امتلاك بنادق الصيد.
التعديلات المشددة التي أدخلتها الحكومة على قانون الاسلحة جاءت حسب وزارة الداخلية للحد من ظاهرة الاستخدام العشوائي للأسلحة النارية.
لكن بالرغم من تشديد إجراءات الحصول على السلاح في البلاد إلا أن امتلاكه ما يزال شائعا بين العشائر.
في مطلع عام 2016، نشب خلاف بين عشيرتين جنوب البلاد، عندما قام شاب من عشيرة المطارنة بقتل شاب أخر من عشيرة الصرايرة ليحكم على الجاني بالإعدام بنفس سلاح الجريمة.
ثقافة شعبية
في اليمن، يعتبر امتلاك السلاح جزءا من تقاليد أهل البلد الذي يشهد فوضى سياسية وأمنية منذ اندلاع الثورة ضد نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح قبل سبع سنوات.
يمنح قانون تنظيم حيازة السلاح حق امتلاك السلاح للمواطنين للاستعمال الشخصي والدفاع عن النفس.
تقول المادة التاسعة من القانون "يحق لمواطني الجمهورية حيازة البنادق والبنادق الآلية والمسدسات وبنادق الصيد اللازمة لاستعمالهم الشخصي مع قدر من الذخيرة لغرض الدفاع الشرعي".
وتنتشر في اليمن أسواق عشوائية لبيع الأسلحة، وهي تجارة تفاقمت بعد الحرب.
وتقول التقديرات إن عدد قطع السلاح باليمن يفوق 60 مليونا، أي أن كل مواطن يمني يمتلك ثلاث قطع بالمعدل.
وكان المشاركون في الحوار الوطني اليمني طالبوا بنزع واستعادة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من كافة الأطراف والجماعات والأحزاب والأفراد، خاصة التي نهبت أو تم الاستيلاء عليها من مؤسسات الدولة.
وطالبت وثيقة الحوار الوطني، الذي عقد بين سنتي 2013 و2014 وشاركت فيه مختلف الأطراف السياسية باليمن، أيضا بجعل السلاح ملكا حصريا للدولة.