عبد ربه منصور هادي
عبد ربه منصور هادي

منذ ثلاث سنوات، يمارس الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ​سلطاته من العاصمة السعودية الرياض على الرغم من إعلان حكومته وحلفائها استعادة 80 في المئة من أراضي البلاد. 

ومنذ أن أجبره اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء على الرحيل، لم يعد الرئيس اليمني إلى بلاده سوى أربع مرات تقريباً لفترات وجيزة، كان آخرها في نهاية 2016، حيث قضى نحو ثلاثة أشهر في مدينة عدن التي أعلنتها حكومته عاصمة مؤقتة للبلاد، قبل أن يعود مجدداً إلى العاصمة السعودية الرياض في شباط/فبراير 2017، على إثر توتر عسكري مع فصائل مسلحة جنوبية تطالب بالانفصال عن شمال اليمن.

تقبلوا أي نتائج

ويوم الأحد (11 آذار/مارس 2018)، أثار وزير في الحكومة اليمنية جدلاً كبيراً، عندما نشر على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” منشوراً، دعا فيه اليمنيين “للخروج والتظاهر والاعتصام .. من أجل عودة الرئيس هادي إلى اليمن”، مضيفاً أن “لبنان استعاد رئيسه (سعد الحريري) ببضعة أيّام”، وهو ما فسر على أن الرئيس اليمني قيد الإقامة الجبرية في الرياض.

وأكد صلاح الصيادي، وهو وزير دولة في حكومة رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر قائلاً “أدعو الجميع للتظاهر والاعتصام حيث ما يسمح الوضع بذلك.. من أجل عودة رئيسنا لليمن وتحقيق الانتصار على مليشيات إيران وإنهاء الانقلاب”.

ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من الرئاسة أو الحكومة اليمنية على منشور الوزير الصيادي، في وقت أبدى فيه أكاديميون وناشطون وصحافيون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي مخاوف جادة من تصاعد الخلافات بين التحالف الذي تقوده السعودية والرئاسة اليمنية.

عودته مطلبنا

واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بمئات المنشورات والتغريدات لناشطين يمنيين تحت وسم “عودة الرئيس هادي مطلبنا”.

وكانت تقارير إخبارية دولية تحدثت نهاية العام الماضي عن منع الرياض للرئيس عبدربه منصور هادي ووزراء يمنيين من العودة إلى بلادهم.

ونشرت وكالة أسوشيتد برس الأميركية تقريراً مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الماضي نقلت فيه عن مسؤول يمني قوله إن الرئيس هادي ذهب إلى مطار الرياض في آب/أغسطس الماضي، للعودة إلى عدن إلا أنه أعيد من المطار، بحجة أن “عودته ليست آمنة وأن السعوديين يخشون على حياته”.

لكن الرئاسة اليمنية نفت في بيان رسمي آنذاك تلك المزاعم، وقالت إن هذه الأخبار تأتي ضمن ما وصفتها “بالحملة على السعودية في معركتها ضد التدخلات الإيرانية في اليمن”.

وتعقيباً على البيان الرئاسي قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، في تغريدة على حسابها بتويتر “الدليل الوحيد على أن الرئيس هادي ليس تحت الإقامة الجبرية في الرياض هو أن يعود ليحكم 80 في المئة من أراضي البلاد المحررة من العاصمة المؤقتة عدن”.

وكثيراً ما هاجمت كرمان، وهي قيادية بارزة في حزب التجمع اليمني للإصلاح، التحالف الذي تقوده السعودية على خلفية الحرب المتصاعدة في اليمن منذ ثلاث سنوات، ما اضطر رئيس الحزب محمد اليدومي مطلع شباط/فبراير الماضي للتبرؤ منها، قائلاً “هذه المرأة لا تمثل الإصلاح لا من قريب ولا من بعيد”.

سحبت فتيل الصراع

ولم يستبعد نشوان العثماني، وهو كاتب وصحافي يمني أن يكون الرئيس هادي تحت الإقامة الجبرية، قائلاً لموقع (ارفع صوتك) إن “التسريبات الإعلامية تفيد بأنه منع من العودة إلى اليمن”.

لكن الدكتور ناصر الطويل، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء، يذهب إلى أن التناقضات والتعقيدات القائمة في مدينة عدن والمحافظات الجنوبية هي العامل الرئيس لبقاء عبدربه منصور هادي في الرياض.

ويرى أن عودة الرئيس هادي في مثل هذا الوضع ستؤدي إلى انفجار الموقف مع الفصيل المتطرف والأكثر نفوذاً في الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال.

“السعودية سحبت فتيل الصراع، من خلال إبقاء هادي في الرياض، بما من شأنه الحفاظ على المكاسب السياسية والعسكرية حققتها عملية عاصفة الحزم”، أكد الطويل لموقع (ارفع صوتك).

القصور الملكية

من جهته، اعتبر الصحافي والكاتب اليساري خالد عبدالهادي “الحديث عن إقامة جبرية للرئيس هادي بمدلولها الإداري والسياسي غير دقيق”.

وشدد الصحافي، الذي كان يعمل مديراً لتحرير صحيفة الحزب الاشتراكي اليمني، على أهمية “التفريق بين إقامة جبرية وبين إقامة اضطرارية تقف خلف إطالتها مخاوف وحسابات واقعية وغير واقعية لدى هادي نفسه ولدى السعوديين”.

وقال لموقع (ارفع صوتك) إنه من الصعب معرفة ما يدور خلف أسوار القصور الملكية في الرياض، لكنه يرى أن معظم التناولات التي تداولت هذه المسالة هي تكهنات وتعليقات من نشطاء سياسيين وإعلاميين تغلب عليها نبرة الغضب والاحتجاج على سلوك التحالف العربي في اليمن.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.