مشهد عام لمركز مدينة المسيب
مشهد عام لمركز مدينة المسيب

بابل- أحمد الحسناوي:

المسيب، مدينة في شمال محافظة بابل، تقع على الفرات وهي مركز قضاء يضم نواحي الإسكندرية، جرف الصخر، وسدة الهندية، وتمتاز بموقع جغرافي مميز فهي على الطريق بين بغداد (70 كم) وكربلاء (35 كم)، مثلما تضم مجتمعاً مختلطاً طائفيا ما جعلها على رأس أهداف الجماعات الإرهابية التي سعت إلى إضرام الحرب الطائفية، وتحديدا في المناطق التي تتميز بتواجد طائفي مشترك.

​​​​ويقسم الفرات مدينة المسيب إلى قسمين (صوبين)، الكبير على يسار النهر، وتسكنه غالبية شيعية، والصغير (صوب ألبو حمدان) على يمين الفرات وتسكنه غالبية سنية، توسعت مناطقها في السنوات العشرين الأخيرة من القرن الماضي لتصبح متمركزة في ناحية جرف الصخر.

الناحية التي كانت تضم 57 ألف نسمة، قبل سيطرة تنظيم داعش عليها في صيف 2014، تحولت مع وجود العديد من وحدات التصنيع العسكري فيها قبل العام 2003، إلى مركز من مراكز النظام السابق الحساسة، ما جعله يعطيها اهتماما خاصاً انعكس على طبيعتها السكانية.

لم تتوقف التحولات عند هذا الحد، فحين التزمت بغداد بعد العام 1994 بتوجه ديني محافظ حمل شعار "الحملة الإيمانية" تم افتتاح مدرستين في  مركز ناحية جرف الصخر تحت إشراف "جهاز الأمن الخاص" يؤكد ثامر ذيبان الحمداني عضو مجلس محافظة بابل عن قضاء المسيب.

التدريس "في ظاهره ركّز على العلوم الدينية العامة، لكنه في حقيقته ركّز على الفكر السلفي  المتشدد، من خلال استقطاب الأعمار من 6 ـ 10 سنوات وتهيئتهم على الشك والريبة من جيرانهم"، لا سيما مع الدور الذي لعبته المسيب (الجارة) في انتفاضة 1991 ضد النظام في بغداد.

وفي ربيع العام 2004، نعت المسيب أحد أبنائها، المهندس والأديب والمفكر قاسم عبد الأمير عجام الذي اغتاله الإرهابيون أثناء توجهه إلى عمله في بغداد، مديراً عاماً لدار الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة. أعقب ذلك هجوم في حزيران من العام ذاته شنه تنظيم القاعدة على أحد مراكز شرطة القضاء، انطلاقا من مناطق جرف الصخر، ما أدى إلى قتل وجرح نحو 30 شرطياً. وفي شباط/فبراير 2005 قتل 17 شخصاً وجرح 16 بتفجير سيارة مفخخة.

 

صهريج مفخخ

وفي 17 تموز/يوليو 2005 الذي صادف يوم وصول النظام السابق إلى الحكم بانقلاب عسكري في 1968، فجر صهريج ناقل للغاز المسال أمام حسينية المسيب وسط المدينة، لتتكون كرة نارية ضخمة أوقعت نحو 150 شخصاً على الأقل بين قتيل وجريح.

ويعتقد عميد "عشيرة النصاروة" عبد الرزاق النصراوي، أن "التنوع المجتمعي والطائفي في المسيب كان سبباً رئيسياً لاستهدافها من قبل الجماعات المتشددة".

وما تعرض له قضاء المسيب، من كارثة دموية بتفجير صهريج مفخخ، تبناها تنظيم القاعدة في وقتها، "جعل أبناء القضاء على المحك، إما التماسك ومواجهة الواقع بصلابة، أو الانجرار وراء اقتتال طائفي يأكل الأخضر واليابس" يضيف النصراوي.

 

الناجي الوحيد؟

شكلت حادثة خطف وقتل 13 من عمال البناء من قبل عناصر تنظيم القاعدة  في جرف الصخر العام 2008، تحدياً أخر لسكان المسيب في مواجهة محاولات جرهم للاقتتال الطائفي.

ويقول الناجي الوحيد من تلك المجزرة، فائز الشمري (33 عاماً)، " كنا متواجدين صبيحة ذلك اليوم، عندما جاء شخص قال إن لديه أعمال بناء في منطقة صنديج، التابعة لناحية جرف الصخر، حيث تم الاتفاق معه والتوجه نحو المكان المقصود".

ما إن وصل العمال، للمنطقة المقصودة حتى وجهت فوهات البنادق نحوهم، وأحاط  بهم ملثمون "كانوا يهتفون بشعارات طائفية تؤكد على تصفية الشيعة الروافض" يؤكد الشمري موضحا "نجاتي منهم، كانت لغفلة المسلحين، فانتهزت الفرصة وهربت نحو البساتين ليلاً".

اعتداءات بالسيارات المفخخة، بالعبوات الناسفة، بقصف الهاونات، بخطف الناس العزل وقتلهم "يوميا كانت المدينة عرضة لسقوط الهاونات، من جهة الحي العسكري المعروف ببساتينه الكثيفة، في يو واحد سقط أكثر من 14 قذيفة هاون على مركز مدينة المسيب" يؤكد عبد الله السطاني.

وشملت عمليات الخطف والقتل مواطنين من السنة رفضوا التعاون مع تنظيم القاعدة، يقول أحمد زكي الأنباري ( 55 عاماً)  مؤكدا "الارهاب استهدف السنة والشيعة، خاصة في الصوب الصغير أي منطقة ألبو حمدان".

 

جوامع تصبح محاكم شرعيةً؟

يرى رجل الدين الشيعي الشيخ فراس الجميلي، أن دور المساجد والجوامع في المسيب ظل مع حفظ اللحمة الاجتماعية للمدينة رغم أن بعض الجوامع في ناحية جرف الصخر تحولت إلى "محاكم شرعية تحاسب وتقتل على أساس الهوية والإنتماء المذهبي".

ويحذر رجل الدين السني الشيخ خالد الجنابي، من رمي آثام الارهاب على أهل السنّة "لا يزال مصير أكثر 1200 من الشباب السني مجهولاً حتى الآن"، على الرغم من تحرير جرف الصخر من سيطرة داعش في تشرين الأول/ أكتوبر العام 2014 .

اللافت ان كثيرا من أهالي جرف الصخر نزحوا بعد عمليات صيف 2014 إلى المسيب، فيما يبدو مسار عودتهم إلى بيوتهم حاليا، أمرا مؤجلاً بسبب ما لحق بالمنطقة من خراب جراء العمليات الحربية.

نائب رئيس مجلس محافظة بابل، حسن فدعم، قال في وقت سابق لموقعنا "عدم عودة النازحين إلى جرف الصخر جعلهم يبحثون عن خيارات أخرى، لذلك نجد البعض من أبناء جرف الصخر وقد استقر في مناطق بابل".

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365 

مواضيع ذات صلة:

شعار على جدار في الحلة مركز بابل كيف سيصبح فكرة انتخابية؟/ارفع صوتك
شعار على جدار في الحلة مركز بابل كيف سيصبح فكرة انتخابية؟/ارفع صوتك

علي عبد الأمير وأحمد الحسناوي:

 مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في 12 أيار/مايو المقبل، بدأت القوى السياسية المسيطرة على أوضاع البلاد منذ 2003، تجديد آمالها في البقاء ممسكة بمقاليد السلطة على الرغم من بروز قوى وتحالفات جديدة تأمل هي الأخرى ولكن بـ"تغيير المعادلة السياسية".

يأتي ذلك بعد مباشرة مكتب مفوضية الانتخابات في بابل أواخر العام المنصرم بفتح مراكز التحديث لسجلات الناخبين، فتكشف التقارير إن نسبة المحدثين لسجلاتهم ضعيفة، فيقول الناطق بإسم مكتب المفوضية "نسبة التحديث في مدينة الحلة بلغت 20 بالمئة بينما كانت في الأقضية والنواحي 45 بالمئة".

ومن أصل 53 ألف بطاقة ناخب في مناطق وسط بابل وجنوبها، لم يتم تحديث سوى 16 ألف بطاقة فقط أي بنسبة تقل عن 30 بالمئة، وهي نسبة ضعيفة جدا مقارنة بنسبة سكان تلك المناطق واستقرارها، إذا ما قورنت بمناطق شمال بابل التي تعاني من ضعف أمني ينعكس ضعفا في الإقبال على تحديث السجلات.

 

التغيير ممكن .. غير ممكن

تنقسم الآراء حيال الانتخابات إلى قسمين:

1- تيار يدعو إلى المشاركة والتعبير عبر صناديق الاقتراع:

إذ يعتقد كثير من المواطنين ببابل أن التغيير ممكن عبر حسن اختيار النواب من بين المرشحين، فيقول صباح حسن سماكة (50 عاما) "الانتخابات القادمة ستحقق لنا التغيير، وعن نفسي فإنني سأشارك وبقوة لأنه واجب وطني، وحق مشروع من حقوقنا ولا يمكن التفريط بأصواتنا، لأننا في موضع القوة هذه المرة".

أما سيف تحسين (36 عاما) فيشدد على أن "المشاركة بالانتخابات لابد منها، وأعتقد أن التغيير قادم وبناء دولة قوية خالية من الفساد والمفسدين لا يتحقق إلا من خلال إرادتنا القوية "، بينما  يناشد محمد سلمان (47 عاما) مواطنيه على ممارسة "الحق الدستوري والوطني" في الانتخاب والتغيير لكن شريطة "الاختيار الجيد للشخصية والكتلة السياسية ".

2- تيار يدعو إلى مقاطعة الانتخابات حيث لا أمل من "الديمقراطية العراقية".

فيرى حسين إبراهيم  (37 عاما) لا جدوى في "الديمقراطية فهي في العراق فاشلة، ولا جديد بشأن أية عملية انتخابية"، أما حيدر علي شاكر (37 عاما)  فيقول "سأشارك في الانتخابات لا لغرض التصويت لقائمة معينة، بل لشطبها وإتلاف الورقة الانتخابية، كون الموجودين  منحرفين وفاسدين  ولا يحققون أي فائدة لنا".

 ويتفق معه نهاد غانم باقر (46 عاما) " قررت عدم المشاركة بالانتخابات، لم أجد شخصا وطنيا حريصا على الشعب".

 

عشائريون طائفيون

لا يختلف اثنان بشأن سيطرة الانتماءات العشائرية والطائفية على المشهد السياسي والبرلماني والحكومي العراقي، وهو ما يراه التربوي المتقاعد ظاهر الأعرجي (60 عاما) فيقول "التجارب الانتخابية السابقة كشفت طبيعة النسيج المجتمعي المتكون من انتماءات عشائرية وطائفية، لذا لا أعتقد أن الانتخابات القادمة ستكون خالية من تلك التأثيرات، فستلعب العشيرة، الطائفة والحزبية دورها في تصويت الناس".

ويضيف الأعرجي إن الديمقراطية العراقية لا زالت في مهدها وهي لم تحقق ذاتها بعد وتحتاج إلى مدة زمنية أخرى كي تثبت وجودها.

وثمة من يعتقد إن الشكل المعلن للديمقراطية العراقية يحقق "فكرة صدام الحداثة الغربية مع التخلف الاجتماعي الممثل بالقيم العشائرية والدينية الطائفية" بحسب أحمد جاسم محمد علي، 43 عاما، الذي يؤكد "العشيرة ستكون المحرك لنسبة كبيرة من الناس لا سيما عند أبناء المجتمعات الريفية ".

ومع إقرار حسين محمد (56 عاما) وهو من سكنة منطقة ريفية هي قضاء المحاويل "نحن مجتمع عشائري نمنح أصواتنا لمن توصي به العشيرة، لذا لا أرى جديدا في الانتخابات القادمة"، لكنه يشير إلى محاولات للخروج على وصايا العشيرة "سأشارك لغرض التغيير، مع يقيني أن النتيجة ستكون معروفة بعودة الوجوه الحالية".

 

الشباب أكبر المشاركين

وبحسب مديرة "منظمة بنت الرافدين" علياء الأنصاري، سيكون المواطنون في مشاركتهم على النحو التالي:

1- من  20 - 30 عاما الأكثر مشاركة في الانتخابات المقبلة.

2- من  35- 45 عاما الأكثر مقاطعة.

3- من 55 - 60 عاما سيشاركون بنسبة 70 بالمئة والقلة هم المقاطعون.

 

أصوات جرف الصخر؟

تعاني المناطق الشمالية من بابل وتحديدا ناحية جرف الصخر من خلو ساكنيها، إما بفعل ما شهدته من نزوح للأهالي جراء العمليات العسكرية لطرد الإرهاب، أو مخاوف الأسر والعوائل النازحة من العودة وتعرضهم للمساءلة القانونية.

مؤيد الجنابي أحد وجهاء جرف الصخر و يسكن في قضاء المسيب المجاور يقول "كنا وما زالنا نطالب بإعادة النظر بقضية ناحية جرف الصخر، والتي تخلو غالبية مناطقها كالفاضلية والفارسية والحجير وغيرها من أي تهديد، الأمر الذي يفتح باب التساؤلات واسعا بشأن العملية الانتخابية وهل ستكون ناجحة فيها أم لا"؟

 

الموظفون: سنشارك خوفا

ويبدو أن ضغوطات عدة ستلعب دورها في مسار العملية الانتخابية، كما يؤكد عقيل محمد (26 عاما)  بالقول "لدينا مخاوف من خشية أن نتعرض للتهديد، إذا ما ذهبنا لانتخاب قائمة معينة، باعتبارنا موظفين قد تعاقبنا الحكومة في حال مشاركتنا بما لا يرضيها أو في حال عدم مشاركتنا" ويتفق معه أنور عبد النبي (30 عاما) "تعرضنا لضغوطات في العمليات الانتخابية السابقة، تمثلت بإجبارنا على انتخاب قائمة معينة، ولو امتنعنا عن المشاركة فسنكون في باب المسائلة، بل وحتى العقوبة الوظيفية".

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365