على مدى ثلاثة أعوام من سيطرة داعش على الموصل، كان سمير علي (8 أعوام) ينظر يوميا من باب منزله إلى مدرسته بخوف ورجاء أن يعود إليها يوما ما.
يقف سمير اليوم أمام باب مدرسته حاملا نتيجة امتحانات نصف السنة لأول عام دراسي منتظم بعد تحرير الموصل من داعش. يبتسم لأنّه حقق حلم العودة الى المدرسة وحقق النجاح في كافة المواد.
يقول سمير لموقع (ارفع صوتك) "لم أذهب إلى المدرسة في ظل داعش لأنني كنت أخشى أن يأخذوني إلى المعارك وأقتل".
انخفاض أعداد الطلاب في ظل داعش
بسبب المناهج التعليمية التي فرضها داعش وتجنيده للأطفال، منع عدد كبير من الموصليين أطفالهم من مواصلة الدراسة في ظل حكم داعش.
حسام عمر موظف في إحدى دوائر الموصل، يوضح الأوضاع التي عاشها ذوو الطلبة في عهد التنظيم. ويقول "كنا أمام خيارين قاسيين، إما أن تفوت أطفالنا سنوات الدراسة أو أن نخضع لمناهج داعش، لكننا منعنا أطفالنا من الدراسة".
آمنة وليد مواطنة موصلية هي الأخرى منعت طفليها من ارتياد المدرسة تحت سيطرة داعش.
"كنت أرتعب عندما أشاهد أبناء مسلحي التنظيم ذاهبين للمدارس بالزي الأفغاني حاملين كتب العنف، لأنني أتخيل أطفالي وهم يتلقون هذه الدروس".
مؤسسة داعش التعليمية
اتبع تنظيم داعش أسلوب العنف والتطرف في إدارة القطاع التربوي في الموصل كباقي مجالات الحياة، طيلة فترة سيطرته على المدينة.
وأنشأ التنظيم بعد سيطرته على الموصل في 10 حزيران/ يونيو 2014، ديوان التعليم، وهو مشابه لوزارة التربية والتعليم، مهمته إدارة التعليم في الموصل. أسند التنظيم إدارة الديوان لأحد قياديه المصريين، وكان يحمل الجنسية الألمانية، كنيته (ذو القرنين).
وضع ذو القرنين مناهج داعش الدراسية التي كانت عبارة عن القتال والأسلحة وفكر التنظيم المتطرف، وحوّل درس الرياضة إلى درس يُدرب فيه الطلبة على استخدام السلاح وخوض المعارك، وفرض أجوراً على الطلبة مقابل التحاقهم بالمدارس، وفصل بين الذكور والإناث.
حتى الكادر التدريسي هو الآخر فُصل فيه الذكور عن الإناث، واختصر المرحلة الابتدائية إلى خمس سنوات، وسنتين لكل من المتوسطة والإعدادية.
لم يتوقف ديوان التعليم عند هذه الإجراءات فحسب، بل أجبر الكوادر التدريسية في الموصل على الالتزام بالدوام أو الاعتقال والعقاب.
عبدالله محمد، معلم موصلي واصل عمله كمعلم في ظل داعش، يروي لموقع (ارفع صوتك) كيف تعرضت الكوادر التدريسية للتهديدات من قبل مسلحي التنظيم.
ويوضح "أصدر ديوان التعليم تعليمات نصت على أن أي معلم لا يلتزم بعمله في المدرسة سيُعامل كمرتد ومخالف لأوامر الخليفة، حياتنا كانت كابوسا".
القطاع التربوي في الموصل بعد داعش
يُسلط مدير عام المناهج في وزارة التربية العراقية، الدكتور مجيد صادق العلاق، الضوء على أبرز الإجراءات التي اتخذتها وزارته لإعادة تأهيل القطاع التربوي في الموصل:
- إعداد برنامج للتأهيل النفسي والتربوي خاص بالطلبة، يتضمن معالجة الآثار السلبية للصدمات النفسية والاجتماعية والسلوكية التي نتجت عن الجرائم التي ارتكبها داعش.
- تدريب المعلمين والمدرسين على كيفية التعامل مع الطلبة، في إطار مشروع سينفذ بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
- تنظيم العديد من النشاطات الاجتماعية والترفيهية لإعادة منظومة القيم لدى الطلبة وحثهم على العمل الجماعي.
- تجهيز مكتبات المدارس في الموصل بنحو ثمانية آلاف كتاب لتعويض النقص الذي أصابها بسبب داعش.
وأكد العلاق أن الوزارة قدمت ثلاث دراسات لمعالجة الواقع التربوي في الموصل، إضافة على العمل من أجل توحيد الخطاب السياسي والتربوي والديني كي لا يتعرض الطالب إلى متناقضات.