قوات عراقية في قضاء الحويجة/وكالة الصحافة الفرنسية
قوات عراقية في قضاء الحويجة/وكالة الصحافة الفرنسية

سيطرة وهمية على طريق العظيم الرابط بين محافظات بغداد وديالى وكركوك وصلاح الدين تقتل على الهوية المذهبية والطائفية 10 مواطنين وتمثل بجثثهم في مشهد مرعب ينفذه عناصر داعش.

تأتي هذه الحادثة التي حصلت ليل الجمعة بعد أيام من "كمين السعدونية"، الحادثة التي ذهب ضحيتها 27 شخصا في جنوب غرب كركوك، والتي لم تغب عن ذاكرة العراقيين بعد.

ويشير عضو مجلس محافظة كركوك نجاة حسين إلى أن هذه الحادثة هي "السابعة في نفس المنطقة وبنفس الطريقة"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أنه رغم انتشار الوحدات العسكرية بشكل كبير في هذه المنطقة، لكن "المواطن أصبح يشكك في مدى فاعلية الإجراءات العسكرية المتخذة".

وتعيد هذه الحوادث إلى الذاكرة مشهد السيطرات الوهمية التي سبقت ورافقت الحرب الطائفية في العراق أواسط العقد الماضي.

يقول الخبير الاستراتيجي في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي "على هذا الطريق ومنذ عام 2006 غيّب المئات من الأبرياء، ولم يعرف مصير أعداد كبيرة منهم حتى اليوم".

يصف الهاشمي المنطقة التي وقعت بها الحادثة بـ"الهشة"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "القوات المتواجدة لا تكفي لكي تنتشر في كامل تلك المساحات الواسعة ذات التضاريس المتنوعة".

المعالجة

تحتاج تلك المنطقة الحدودية والصعبة التي تربط المحافظات الثلاث (ديالى وكركوك وصلاح الدين) "إعادة تكتيكات ملاحقة الفلول وأساليب وآليات التطهير الأمنية وصناعة المصادر الاستخباراتية المحلية وتقوية الجهد المعلوماتي"، وفقا للهاشمي.

فضرورة المعالجة لا تقتصر على منع الخروقات، بل إيقاف "حوادث الإرهاب التي بدأت تعود من جديد لتعيد معها الرعب والخوف".

وفي السياق ذاته، يقول عضو مجلس محافظة كركوك نجاة حسين "معلوماتنا تشير إلى أن عناصر داعش ما زالوا يختطفون ويقتلون وينشطون في منطقة حوض حمرين".

وتحد منطقة الحوض من الجنوب والشرق ديالى والغرب صلاح الدين والشمال حويجة والرياض والرشاد. وجميع "هذه المناطق ما زال داعش يعشعش فيها"، بحسب وصف حسين.

ويعتبر عضو مجلس محافظة كركوك أن "الخلل سببه الأخطاء العسكرية"، موضحا "بعض القادة يريدون أن يسوقوا الانتصار قبل أن يحصل الانتصار الفعلي، والدليل أنه يجري الآن تطهير المنطقة".

وتشهد منطقة حوض حمرين منذ أربعة أيام "عمليات عسكرية حقيقية، تستخدم فيها الطائرات والمدفعية"، وفقا لعضو مجلس محافظة كركوك، الذي يلفت إلى أنه "كان من المفترض أن تكون هذه العمليات بهذا الحجم منذ البداية".

ويكتفي المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول الزبيدي بالقول إن "قيادة العمليات جادة في دراسة تفاصيل هذه الحادثة، لوضع المعالجات التي تضمن عدم تكراراها".

المسببات

ويرصد الهاشمي بعض الأسباب التي تؤدي لعودة المشاكل الأمنية، والتي يشير إلى أنه حددها بعد "حوارات مع ضباط وعناصر قوات حماية الطرق". وهي:

- السلاح السائب.

- عدم وجود باجات تعريفية موحدة، وكذلك الزي العسكري.

- حرية التجول بسيّارات الدولة المصفحة والمظللة.

- التداخل في الصلاحيات المحليّة.

- عدم وجود تنسيق في تأشير حركات العجلات المسلحة.

- الحواجز المؤقتة التي تنصبها قوات أمنية خارج قواطع مسؤوليتها في الطرق الخارجية، بحجة البحث عن مطلوبين، بينما لا تستطيع شرطة الطرق الخارجية اعتراض طريقها.

- نصب السيطرات غير المرخصة من قبل القيادة المشتركة العراقيّة، والتي ينبغي أن تحاسب قانونيا كسيطرات وهمية.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.