أحمد سعداوي وغلاف روايته "فرانكشتاين في بغداد" بنسختها الانجليزية
أحمد سعداوي وغلاف روايته "فرانكشتاين في بغداد" بنسختها الانجليزية

واشنطن- علي عبد الأمير

أُعلنت الاثنين القائمة الطويلة لجائزة البوكر الأدبية الدولية، عبر اختيار 13 عملاً من بين 108 أعمال عالمية مرشحة لهذا العام. وكانت رواية "فرانكشتاين في بغداد" للكاتب أحمد سعداوي بطبعتها الإنكليزية من بين الواصلين إلى هذه المكانة اللافتة.

سعداوي الذي كان قد فاز عن روايته بنسختها الأصلية (العربية) الصادرة عن "دار الجمل" بجائزة البوكر العربية، كتب على صفحته بفيسبوك "مبارك عزيزي جوناثان رايت، أيها المترجم البارع، شريكي في هذا الفوز".

وكانت الترجمة الصادرة أوائل العام الجاري، حظيت باهتمام لافت فبعد يوم من صدورها، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عرضا لرواية "فرانكشتاين في بغداد" في نسختها الإنكليزية، وحمل عنوان "بيان خيالي عن فظائع الحرب"، وقّعه الأميركي دوايت غارنر الذي رآى في الرواية الكثير من الانفجارات التي كانت تشهدها بغداد بعد  2003، فتصبح "رواية سوريالية عن أناس ينقذفون في الهواء، وكيف ينسى في مشاهد الانفجار قدم هنا أو ذراع هناك، ضمن تفجيرات السيارات المفخخة مع انتظام تكرارها، وفي كل انفجار ثمة موعد مع الجحيم".

من خلال هذا الجنون ثمة صاحب العربة والبائع الجوال هادي الذي يستخدم لالتقاط بقايا الأجسام. وذات يوم يبدأ في جلب أجزاء الضحايا إلى المنزل، ثم يبدأ في جمع هذه القطع معاً، على أمل أن يخلق جثة كاملة لشخص ما، وهو ما ينجح فيه.

يعود هادي إلى منزله ذات مساء وقد هرب مخلوقه، دون أن يكلف نفسه عناء ترك أي علامة على الجهة التي قصدها.

تلك هي القصة الباعثة على الهلوسة، مضحكة ومروعة في خليط شبه مثالي. مضحكة لأن السعداوي يكتب الكثير من الفكاهة السوداء للخروج من الطريقة التي تسقط قطع جسد الوحش في لحظات غير مناسبة.

وهو يندمج في "مشاكل التعفن الخطيرة". ويوجه اللوم إلى المخلوق لسلسلة من عمليات القتل. كل السلطات تعرف أنه من الرهبة النظر إليه، لذلك يبدأ جميع الناس النظر إلى الكائن القبيح في بغداد كمشتبه به.

وبحسب غارنز، تبدو رواية "فرانكشتاين في بغداد" عن أشياء كثيرة أخرى غير المخلوق الذي يرعب المدينة ليلا. انها رواية عن الأمكنة البغدادية حيث صراعات على المنازل القديمة والفنادق.

 إنها رواية صحافية. نلتقي فيها بالحلاقين وحراس الفندق والمنجمين. يتم استهلاك الكثير من الكباب و التشريب والفاصوليا، وتدخين الشيشة. ولكن يتم هذا وفق أفكار مفعمة بالحيوية. السعداوي يضع الكثير من الإنسانية في سرده.

أول مواطن عراقي صحيح

وكما هو الوحش في كتاب ماري شلي "فرانكشتاين. أو، بروميثيوس الحديث "(1818)، يشعر مخلوق السعداوي أنه يساء فهمه. إنه ليس رجلا سيئا، إنه لا يقتل عشوائيا. بدلا من ذلك، إنه يقتل الرجال الذين تسببت قنابلهم في تحويله إلى أجزاء.

يصبح المخلوق هاجس وسائل الإعلام. مثلما هو يفكر في أشياء مثل: "لأنني مكون من أجزاء من أشخاص من خلفيات متنوعة - إثنيات وقبائل وأعراق وطبقات اجتماعية – لذا أنا أمثل المزيج المستحيل الذي لم يتحقق. أنا أول مواطن عراقي صحيح".

المخلوق يختبر نوعه الخاص خلال المهمة الأكبر. يبدأ بقتل الرجال السيئين فقط. قبل فترة طويلة يدرك أنه يحتاج إلى قطع الغيار. يبدأ القتل عشوائيا تقريبا من أجل الحصول عليها.

رواية شجاعة رائعة

في هذه النسخة الترجمة من العربية من قبل جوناثان رايت، يمزج السعداوي التأثير المروع والدنيوية ليحوله إلى تأثير رائع، ليس من المستغرب أنه حصل من خلاله على جائزة البوكر للرواية العربية. هناك نضارة لصوته ورؤيته. وهو يعمل من خلال الصدمة في بلد يعيش سلسلة من المشاهد غير العادية.

ويخلص الكاتب في مقالته بصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن "ما حدث في العراق كان كارثة روحية، وهذه الرواية الشجاعة والرائعة تأخذ هذه الفكرة وتحقق كل معانيها الممكنة".

حفاوة مستحقة

وقوبل ترشيح رواية سعداوي إلى القائمة الطويلة للبوكر الدولية، بحفاوة بدت مستحقة حتى وإن جاءت من كتاب منافسين له كما في جملة قصيرة عميقة كتبها الروائي العراقي المقيم في بلجيكا، علي بدر: " فرانكشتاين في بغداد لأحمد السعدواي على القائمة الطويلة للمان بوكر العالمية، هذه أكبر تحية للأدب العراقي. من قبله حسن بلاسم (قاص وكاتب عراقي مقيم في فنلندا) الذي حصل على جائزة الإندبندت البريطانية".

كما كتب الروائي والقاص والأكاديمي العراقي المقيم في إسبانيا، محسن الرملي، والذي ترجمت أعماله إلى أكثر من لغة، "هذه الصلعة السمراء السومرية تحتها مخ جميل مبدع نفتخر به.. ألف مبروك للصديق العزيز أحمد سعداوي وصول روايته للبوكر العالمية، مبروك لنا جميعا وللأدب العراقي والعربي والعالمي".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.