سودانيون في مظاهرة سنة 2005 يطالبون بتطبيق حد الردة في حق صحفي
سودانيون في مظاهرة سنة 2005 يطالبون بتطبيق حد الردة في حق صحفي

نهاية الأسبوع الماضي، شنت الأجهزة الأمنية في قضاء الغراف شمال محافظة ذي قار العراقية حملة ملاحقة لأربعة أشخاص اتهموا بنشر الإلحاد.

وسائل إعلام عراقية أشارت إلى أن أجهزة الأمن اعتقلت شخصا. وما يزال البحث جاريا عن ثلاثة آخرين.

لا يتضمن قانون العقوبات العراقي أي عقوبة لمن يرتد عن الإسلام. وينص دستور البلاد على حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية.

في المنطقة العربية، تضمن دساتير بعض البلدان حرية المعتقد، فيما تجرم أخرى كل من ارتد عن الدين وتصل عقوبة ذلك إلى الإعدام، رغم تباين المواقف الفقهية حول حد الردة نفسه في الشريعة الإسلامية.

إعدام المرتد

في المملكة العربية السعودية، حيث الشريعة الإسلامية مصدر مباشر للتشريع يتم تطبيق حد الردة بحق من أدين بالخروج عن الإسلام.

ورغم نشر وسائل إعلام مختلفة نهاية العام الماضي، مزاعم حول نية المملكة إلغاء حد الردة، إلا أن السلطات السعودية كذبت ذلك.

وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "إن المزاعم التي يحاول البعض نشرها بحسن أو بسوء نية بأن المملكة العربية السعودية ستقوم بإلغاء حد الردة كاذبة وغير صحيحة جملة وتفصيلا".

وفي سنة 2015، أثارت السعودية جدلا كبيرا بإصدارها حكم الإعدام في حق الشاعر الفلسطيني المقيم على أراضيها أشرف فياض بتهمة الردة، قبل أن تخفف الحكم إلى ثماني سنوات.

وفي السودان، بلغت أحكام إعدام مرتدين التي أًصدرها القضاء 15 حالة، من أصل 155 شخصا وجهت لهم التهمة بين 1968 و2017، حسب دراسة حديثة للمركز الأفريقي لدراسة العدالة والسلام.

وينص الدستور الانتقالي للبلاد على حرية الأديان. وصادقت الحكومة السودانية أيضا على مجمل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تضمن حرية الدين والعقيدة.

وفي عام 2016، صادقت الحكومة السودانية على تعديلات واسعة للقانون الجنائي، تضمنت حذف مصطلح الردة وتعويضه بعبارة "الترويج للخروج عن الإسلام والمجاهرة به". لكن القانون أبقى على عقوبة الإعدام في حالة ما لم يتب المرتد. وحدد عقوبة السجن والجلد في حالة عدول المرتد عن ردته.

​​

وبدوره، ما يزال قانون العقوبات اليمني يتضمن عقوبة الإعدام  بحق المرتد، رغم مصادقة البلاد على المواثيق الدولية الضامنة لحرية المعتقد.

تنص المادة 259 من القانون على أن "كل من ارتد عن دين الإسلام يعاقب بالإعدام بعد الاستثابة ثلاثا وإمهاله 30 يوما".

وعرف القانون الردة بأنها "الجهر بأقوال أو أفعال تتنافى مع قواعد الإسلام وأركانه عن عمد أو إصرار".

في موريتانيا، يعود آخر حكم بالإعدام بتهمة الردة إلى أواخر عام 2014، حين أصدرت محكمة موريتانية حكم الإعدام بحق المدون محمد الشيخ ولد امخيطير بسبب مقالة كتبها، واعتبر أنها تضمنت سبا للنبي محمد.

وخلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تبنت الحكومة الموريتانية مشروع قانون جديد يفرض عقوبة الإعدام على المرتد دون إمكانية التخفيف.

ولا ينص دستور موريتانيا الجديد على حرية المعتقد رغم مصادقة البلاد على المعاهدات والمواثيق الدولية التي تقر بهذا الحق.

رغم الجدل الذي أُثاره تعديل قانون العقوبات الموريتاني والمطالب الحقوقية بمراجعته، إلا أن رئيس البلاد محمد ولد عبد العزيز اعتبر التنصيص على عقوبة إعدام المرتد جاءت بناء على طلب الشعب.

وقال في مقابلة صحافية "الشعب أراد هذا. والقوانين تنبثق من الشعب".

وبشكل أقل وضوحا، ينص القانون القطري أيضا على عقوبة الردة، فقانون العقوبات يقول في مادته الأولى "تسري أحكام الشريعة الإسلامية في شأن الجرائم الآتية إذا كان المتهم أو المجني عليه مسلما: جرائم الحدود المتعلقة بالسرقة والحرابة والزنا والقذف وشرب الخمر والردة (...) وفيما عدا ذلك، تحدد الجرائم والعقوبات وفقاً لأحكام هذا القانون، أو أي قانون آخر".

الملفت أيضا أن القانون الجزائي العربي الموحد، الصادر عن جامعة الدول العربية والذي أقراه وزراء العدل العرب في نوفمبر/تشرين الثاني 1992، ينص هو الآخر على عقوبة إعدام المرتد.

تقول المادة 163 من القانون "يعاقب المرتد بالإعدام إذا ثبت تعمده وأصر بعد استثابته وإمهاله ثلاثة أيام".

تجريد من الحقوق

في الوقت الذي تخلو فيه قوانين أغلب الدول الأخرى من حد الردة، إلا أنها تبقي على جريمة تحقير وازدراء الأديان.

وتضم قوانين الأحوال الشخصية عقوبات تجرد المرتد من بعض الحقوق كالإرث والزواج والحضانة.

وتأخذ هذه القوانين بقاعدة عدم جواز إقرار المرتد على ردته، وهو ما يعني عدم إقامة حد الردة عليه، لكنه يحرم في المقابل من حقوق الزواج والحضانة والإرث. يحدث هذا في كل من سورية والكويت والجزائر والأردن ومصر (...).

في المغرب، أكد وزير العدل والحريات السابق، مصطفى الرميد، خلو قانون العقوبات المغربي من أي نص يعاقب على الردة أو تغيير الدين. وقال "نؤمن أنه لا حاجة لمصادرة حق الناس في الاعتقاد، فمن غير دينه لا عقوبة عليه إطلاقا".

لكن المجلس العلمي، وهو مؤسسة رسمية للإفتاء، سبق أن أثار جدلا واسعا سنة 2013، بعد فتوى قال فيها إن حكم المرتد هو الإعدام.

لكنه عاد وتراجع سنة سنة 2016، ليوضح في وثيقة باسم "سبيل العلماء" أن "المقصود بقتل المرتد هو الخائن للجماعة، المفشي لأسرارها والمستقوي عليها بخصومها، أي ما يعادل الخيانة العظمى في القوانين الدولية".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.