في مجتمع محافظ مثل الأردن، ترغم النساء أحيانا على التخلي عن نصيبهن في الإرث
في مجتمع محافظ مثل الأردن، ترغم النساء أحيانا على التخلي عن نصيبهن في الإرث

توفي والد صفية الحسن قبل نحو عام، وترك خلفه أراضي تجارية وسكنية في العاصمة الأردنية عمان وأموالا في البنك.

تقول صفية إنها تعرضت لضغوط شديدة من إخوتها الذكور للتنازل، هي وشقيقتها، عن نصيبهما في الإرث.

حسب السيدة الأردنية، 48 عاما، يرفض الإخوة أن "تذهب أموال والدهم للغريب"، أي زوجها الذي سيصبح –حسبهم- متحكما في نصيب أختهم من الإرث. لذا يفضلونها أن تتنازل.

تقول صفية، وهي أم لأربعة بنات، إن شقيقتها الصغرى تنازلت تحت الضغط عن حصتها في عقارات يقدر مجموع قيمتها بنحو مليوني دينار أردني (قرابة ثلاثة ملايين دولار) في منطقة الجبيهة غرب عمان، مقابل وعد من الإخوة بصرف راتب شهري لها.

تحجج الإخوة، حسب صفية، بإقامة مشروع عقاري ضخم في المنطقة.

معضلة التخارج

يسمح القانون في الأردن بـ"التخارج"، وهو اتفاق الورثة على تنازل بعضهم عن نصيبه من الإرث مقابل تعويض.

تستغل هذه القاعدة، المستمدة من الفقه والمعمول بها في مختلف الدول الإسلامية، من قبل الإخوة في كثير من الحالات من أجل من إخراج أخواتهن من التركة مقابل تعويضات أقل من القيمة الفعلية لحقهن. وربما لا يمنحن شيئا تحت الضغوط.

حاول قانون الأحوال الشخصية المؤقت لعام 2010 في الأردن تدارك الحيف الذي يقع للنساء. ومنع تسجيل أي تخارج قبل مرور ثلاثة أشهر على وفاة المورث. 

لكنه منح القضاء الشرعي حقا استثنائيا في الإشراف على معاملات تخارج قبل مضي هذه المدة في حالة وجود مسوغات قانونية أو شرعية.

تجد الناشطة الحقوقية إنعام العشا أن القانون بحاجة إلى رفع هذه المدة إلى ستة أشهر لمنح النساء مهلة إضافية للتفكير، مع حصر الاستثناء الممنوح للقاضي في الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط.

وتطالب العشا أيضا بأن ينص القانون على تعداد التركة وإحصائها بالكامل قبل إجراء أي تخارج حتى تكون المرأة على علم تام بقيمة التركة.

وتؤكد الناشطة الحقوقية على ضرورة إرفاق كل معاملة تخارج بـ"حصر للتركة"، وهي وثيقة تصدرها المحاكم الشرعية، وتتضمن مجموع الإرث ومقدار حصة كل من الورثة.

خجل وترهيب

يؤكد مفتش المحاكم الشرعية في الأردن أشرف العمري بأن التخارج لا يعني التنازل عن التركة، بل إنه جاء لتمكين الورثة، بمن فيهن السيدات، من التعجيل بالحصول على حقهن في الإرث.

ويقول العمري إن مدة ثلاثة أشهر التي نص عليها القانون قبل التخارج جاءت لكيلا تكون هناك قرارات انفعالية وقت حدوث وفاة، يتم خلالها اتخاذ قرارات بالتنازل عن الإرث.

وتقول إنعام العشا إن حرمان النساء من الميراث في الأردن من قبل الآباء أو الإخوة، عبر استغلال خجلهن وأحيانا بالتهديد، يدخل كثيرا من النساء في دائرة الفقر.

وتؤكد أن ملكية الأردنيات للأصول العقارية الموروثة من شقق وأراض متدنية مقارنة بالرجال.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.