ايزيديون يضيئون الشموع في معبد لالش بالقرب من دهوك/وكالة الصحافة الفرنسية
ايزيديون يضيئون الشموع في معبد لالش بالقرب من دهوك/وكالة الصحافة الفرنسية

الحكومة العراقية تصدر قرارا يقضي بدفع مليوني دينار عراقي (ما يقارب 1700 دولار) لكل أيزيدية مُحرّرة من داعش.

تعلق منظمة هيومن رايتس ووتش "هذه خطوة إيجابية للمجتمع الأيزيدي، لكن النساء والفتيات الأيزيديات بحاجة إلى دعم أكبر لإعادة بناء حياتهن".

فيما تتساءل الحقوقية والناشطة الأيزيدية سراب الياس "ماذا يفعل هذا المبلغ؟".

وتقول سراب في حديث لموقع (ارفع صوتك) "لا يكفي لعلاج المشاكل النفسية التي تعانيها المختطفات من قبل داعش لوحدها، ماذا عن المشاكل الأخرى؟".

وتوضح أن المخطوفات تضررن نفسيا وجسديا وماديا، مضيفة "مشاكلنا كبيرة والحكومة لا تتجاوب معنا".

قصة منى

وهنا، يمكن اعتبار قصة الفتاة الأيزيدية منى (الاسم مستعار وفق رغبتها)، نموذجاً للدمار النفسي الذي تسبب به عناصر تنظيم داعش للنساء الأيزيديات.

ما زالت الفتاة البالغة من العمر (21 عاما) لا تستطيع النوم، "ما أن أغلق عيني حتى تراودني الكوابيس، فأستيقظ وأنا أصرخ".

خطف عناصر التنظيم منى وعائلتها أثناء فرارهم من منطقة سكنهم في مدينة الموصل باتجاه قضاء سنجار، في أول يوم لسيطرة التنظيم على المدينة.

تقول الفتاة التي تقطن مع أخيها اليوم في محافظة دهوك، لموقع (ارفع صوتك) "أوقفنا عناصر داعش في منطقة دوميز. خيرونا بين القتل أو الدخول إلى الإسلام. قررنا خائفين أن ندخل إلى الإسلام".

إسلام منى وعائلتها كان نجاة لهم من القتل، لكنه لم ينجهم من التشرد والسبي.

وبعد رحلة طويلة صعبة، مرت خلالها في سبع محطات، انتهى الحال بالفتاة منى بمدينة "الرقة" في سورية، عند رجل غربي من أصل عربي، اشتراها بمبلغ خمسة آلاف دولار، وكان هذا الشخص "أميرا في تنظيم داعش وأسمه أبو أسامة"، وفقا لمنى التي تقول "كان يتحدث الإنجليزية أحيانا والعربية في أحيان أخرى".

تحرير منى جاء بعد عام من الإقامة مع الأمير الداعشي أبو أسامة، حيث أدى قصف جوي إلى إصابته ومن ثم وفاته بعد نقله إلى المستشفى.

وصلت منى وبمساعدة إحدى النساء مع مهرب إلى العراق، مقابل مبلغ 10 آلاف دولار.

ما مرت به منى، قد يحتاج للكثير من الجهد لمحو ما علق في ذاكرتها من ألم، حالها حال الآلاف من الأيزيديين المحررين من داعش.

وعلى موقعها الرسمي، تقول منظمة هيومن رايتس ووتش إن "المال يمثل جانبا واحدا فقط من الدعم الذي يحتاجه ضحايا داعش"، داعية السلطات إلى "النظر في برنامج يراعي الفروق بين الجنسين بمشاركة الناجين لفهم احتياجاتهم"، على أن يتضمن البرنامج "المساعدة الطبية والرعاية الصحية النفسية ومبادرات تعطي الناجيات وسائل لكسب قوتهن".

"أفضل من لا شيء"

وتنقل عضو مجلس النواب عن المكون الأيزيدي فيان الدخيل عن عضو لجنة صرف التعويضات في وزارة الهجرة محمد التميمي قوله "المبالغ قليلة لكن هذه هي إمكانيات الوزارة".

وتضيف دخيل في حديث لموقع (ارفع صوتك) "الوزارة تحاول زيادتها إلى خمسة مليون دينار".

حديث دخيل يأتي بعد اجتماع لها مع لجنة التعويض.

وتوضح دخيل أن هذا المبلغ الذي جاء بعد مطالبات كثيرة، "وسيلة لتحسين وضع الناجيات" اللواتي يعانين من أزمات نفسية كبيرة، معربة عن أملها في "الحصول على دعم أكبر في الفترة المقبلة".

وتتابع "حدثتنا اللجنة أن هناك برامج متكاملة ستشمل الناجيات الأيزيدات".

وتشمل البرامج إعادة تأهيل نفسية ومشاريع دخل صغيرة "تساعدهن على تجاوز الأزمة التي مررن بها".

ويبلغ عدد الناجيات الأيزيديات أكثر من 3400 فتاة، وفقا لدخيل.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.