لاجئون في عرض البحر/Shutterstock
لاجئون في عرض البحر/Shutterstock

لم تحبط عملية الاحتيال التي تعرض لها اللاجئ السوري أبو صلاح من عزيمته للهجرة إلى كندا.

أبو صلاح لاجئ أربعيني من ريف حلب. يقطن بشكل مؤقت في إقليم هاتاي جنوبي تركيا مع زوجته وأولاده الثلاثة.

بعد أن تعرّف على شخص في إسطنبول يدّعي أنه يسجل العائلات عن طريق جمعية كندية للوصول إلى كندا بشكل قانوني، خسر الرجل مبلغ 2400 دولار أميركي.

وثق أبو صلاح بالرجل ووضع المبلغ لدى مكتب تأمين، لكنه تفاجأ بأن صاحب مكتب التأمين هو صديق السمسار الذي التقى به.

بعد نحو شهرين من التسجيل لديهما، حاول أبو صلاح التواصل مع الرجلين، لكن أرقامهما كانت خارج الخدمة. عندها قرر الذهاب إلى إسطنبول لسحب أمواله من المكتب، فاكتشف أن المكتب فارغ ومعروض للإيجار. "عرفت حينها أنه تم الاحتيال عليّ".

رغم ما تعرض له أبو صلاح إلا أنه لا يزال يبحث عبر الإنترنت عن طريقة للوصول إلى كندا، في الوقت الذي يعمل به كعامل بمعمل بسكويت كي يعوض ما خسره من نقود.

​​

حساب فيسبوك يقترح تمكين لاجئين سوريين من الهجرة إلى كندا

​​​حلم للكثيرين

بات ملف الهجرة من أكثر النقاشات التي تدور بين اللاجئين السوريين في الدول المجاورة لسورية، حالمين من خلال ذلك بتحسين أوضاعهم المعيشية في دول غربية بعد الوصول إليها.

كنان الأحمد شاب في العشرينات من عمره لاجئ في مدينة كيليس التركية. يقول لموقع (ارفع صوتك) إن عمليات الاحتيال باتت طريقة شائعة للحصول على الأموال من العائلات المسكينة التي تصدق ما يقال لها فوراً دون التدقيق في مدى صحة العروض التي تعرض عليها.

كنان أيضا كان ضحية عمليات احتيال من شخص أدار مكتبا بدا قانونيا، لكن اتضح أن المكتب وعمله كان "كذبة بكذبة".

"دفعت له 200 دولار لاستخراج الأوراق اللازمة لملف الهجرة وفق ما طلب مني، والآن اختفى صاحب المكتب واختفى معه المبلغ".

ويضيف أن هناك أكثر من 50 شخصا معظمهم من معارفه كانوا قد سجلوا خلال عشرة أيام في المكتب ذاته أملا بالعبور إلى كندا. "لكن الرجل لم يوضح يوما تفاصيل الهجرة.. كان يدّعي أنه يقدم خدمة لإخوته السوريين ولا يتقاضى شيئاً لجيبه وأن الأموال لتغطية تكاليف السفر".

محتالون

تتم عمليات الاحتيال عادة عبر مجموعات مخصصة لخدمة السوريين في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حيث يكتب غالبيتهم أن طريقة الوصول مضمونة إلى كندا وأن الهجرة تتم بشكل قانوني عن طريق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

لكن عند التواصل معهم تكتشف أنهم مجرد أشخاص يقبعون في منازلهم ويمارسون هذه العملية من وراء شاشات الحواسيب.

​​

حساب من فيسبوك "للمساعدة" على "الهجرة" إلى كندا وأستراليا وألمانيا

​​

اتصلنا على أحد الأشخاص الذين يضعون إعلانات على مجموعة "وظائف إسطنبول" حيث كتب فيها: "المكتب السوري في تركيا يقدم للأخوة العرب لجوءا عن طريق المفوضية إلى كندا خلال 60 يوماً للعائلات فقط وبكلفة سبعة آلاف دولار".

قال الشخص الذي ادّعى أن اسمه محمد اليوسف خلال المكالمة: "لا يهم عدد أفراد العائلة. المهم أن يكونوا مسجلين في دفتر عائلة واحد ولا يجوز إدخال أسماء أخرى فيه، كما أن السفر إلى كندا سيكون في الشهر الرابع، وأنا مسجل أيضاً مع عائلتي".

وفيما يخص النقود أضاف "بالنسبة للمال يتم وضعه في مكتب تأمين أموال وبعد أن تصل إلى كندا يصبح المبلغ لي، وهذا المبلغ مدروس من حيث التكاليف والربح".

ولم يجب هذا الشخص عن الأوراق المطلوبة والمكان الذي يتم تقديم الأوراق لديه، حيث تهرب من الإجابة على عدة أسئلة وعندما طلبنا منه كتابة حديثه على الواتس آب من أجل تصويره وتوثيقه، تهرب من ذلك وأغلق الخط.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.