على بوابة البرجسية إحدى المناطق النفطية بقضاء الزبير غرب محافظة البصرة، يقف علي رحيم ابراهيم (20 عاما) في حيرة وغضب من استمرار بطالته التي ينام ويصحو على أوجاعها، كما يقول.
يتحدث إبراهيم بشيء من الغضب عن العمال في الحقول النفطية "آلاف الأجانب يأتون من أقاصي الأرض ليعملوا هنا ويأخذوا فرصنا بالعمل دون أن يحرك المسؤولون ساكناً. يمرون علينا كل صباح ولا يكلفون أنفسهم حتى بنظرة إشفاق".
كل الشركات النفطية في قضاء الزبير تستخدم العمالة الأجنبية بحسب رئيس اللجنة الأمنية بقضاء الزبير مهدي ريكان، الذي بين لموقعنا، أن "الكثير من العمال الأجانب يحملون إقامات سنوية منتهية الصلاحية، وهو أمر استغلته الشركات كي يقبل الأجنبي بأجور عمل منخفضة".
مكاتب خاصة للاستيراد والتصدير ومحطات تعبئة الوقود وحتى المنازل يستخدم فيها العمال الأجانب من جنسيات باكستانية وهندية وبنغالية وعربية مختلفة، رغم أن دخولهم كان لغرض السياحة وهو أمر مخالف للقانون، يشير ريكان.
أجور أقل وطاعة أكبر
"أجورهم قليلة مقارنة بالعراقيين وطاعتهم كبيرة"، يقول أبو سالم صاحب مقهى بمنطقة الحكيمية بمركز مدينة البصرة، واصفا العمال الباكستانيين الذين يشتغلون بأمرته.
المقارنة هذه، يؤيدها أبو محمد الخليفة الذي يوظف معه عمالا باكستانيين بشركته الخاصة بالمقاولات في قضاء الفاو أقصى جنوب البصرة "لا يسببون المشاكل وهم متواجدون بمقر الشركة ليل نهار ولديهم حرص كبير على أن يرضى عنهم رب العمل كما أن اجورهم أقل بكثير من العامل العراقي".
جلال الباكستاني واحد من العمال الأجانب يعيش في البصرة منذ أربع سنوات و يعمل في (كوفي شوب) و تعلم قليلا من العربية، تم اعتقاله لفترة من قبل الجهات الأمنية وأطلق سراحه بعد توسط صاحب المقهى لدى المسؤولين.
مثله (آصف) وهو باكستاني أيضا ويتكلم العربية بشيء من التلعثم و يعمل منظفا بقاعة أعراس ومناسبات منذ سنتين أو أكثر، ولم تجدد إقامته وهو يضطر الى إخفاء نفسه بين الحين والآخر من الجهات الأمنية حتى لا تعتقله و تسفره خارج البلاد.
البشر.. مورد ربح جيد؟
الفيزا السياحية في العراق سهلة خصوصا لمن يجيئون لزيارة العتبات المقدسة كما يقول علي جاسم لموقعنا، وهو وسيط لجلب العمال الأجانب ويعمل تحت مسمى شركة سياحية.
"هذه الفيزا السياحية ساعدتنا كموردين للعمال الأجانب في جلبهم إلى البلاد والحصول على عمولات جيدة" يوضح جاسم مؤكدا "مهمتنا تنتهي بإدخالهم للبلاد. بعد ذلك على العامل أن يواجه مصيره".
لكن أغلب العمالة الأجنبية في البصرة لا يوجد لديها تصريح عمل، يقول رئيس "اتحاد نقابات العمال" في البصرة جاسم الصالحي، موضحا "العامل وفق القانون لا بد أن يكون لديه تصريح عمل، لكن أغلب العمالة الأجنبية الموجودة هنا وصل بفيزا سياحة".
وزارة عمل "نائمة"؟
ووفقا للقانون العراقي، يجب أن تقل نسبة العمالة الأجنبية في أي شركة عن نصف العمال، وذلك في شركات القطاع الخاص وتلك التي تعمل في قطاع النفط، وأن تكون اختصاصات العمالة التي يتم استقدامها غير موجودة في العراق.
لكن رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في مجلس البصرة بشرى المحمداوي تقول "وزارة العمل عندنا نائمة ولم تأخذ دورها بهذا الشأن، خصوصا إن قانون العمل غير مفعل هنا ولم يعط قسم التشغيل في البصرة دوره"، منتقدة "الإضرار بمصلحة العامل العراقي عبر خروقات كبيرة في الشركات العاملة بالعراق".