قبل عدة آلاف من السنين، قام حداد اسمه (كاوه) بشن ثورة ضد ملك آشوري ظالم اسمه (الضحاك).
الثورة انتهت بمقتل الملك في الحادي والعشرين من آذار، وإشعال نار عظيمة لـ"تطهير الهواء من لعنته"، اللعنة التي كانت تمنع الشمس من الشروق وتسببت بمجاعة.
على الأقل هذا ما كتب في الشاهنامة، أسطورة الخلق الفارسية، لتفسير عيد النوروز الذي يحتفل به الإيرانيون والكرد وشعوب أخرى في المنطقة.
وقبل يومين فقط من ذكراه، قام الجيش السوري الحر، مدعوما بقوات تركية، بتهديم تمثال (كاوه الحداد) في مدينة عفرين، التي سقطت بعد هجوم طال قرابة الشهر.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في لهجة احتفالية، إن "رموز السلام ترفرف الآن في سماء عفرين بعد طرد الإرهاب"، لكن الدخان ظهر أيضا إلى جانب "رموز السلام" في سماء المدينة.
قوات الجيش السوري الحر قالت إنها دخلت المدينة "دون إطلاق رصاصة"، لكن بالإضافة إلى الحرائق، تقوم القوات بحملة نهب منظمة استهدفت السيارات والمنازل المتروكة بعد أن ترك أكثر من 200 ألف مدني المدينة هربا من العمليات العسكرية.
تقول وكالة الأناضول إن الجيش الحر حاكم اثنين من عناصره بتهمة السرقة، مع أن الصور تظهر أن المشتركين في هذه العمليات ربما يكونون أكثر من هذا العدد.
وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها تركيا منظمة إرهابية تركت المدينة بعد أن قاتلت على أطرافها لعدة أسابيع. مع أنها تعهدت بالقتال إلى الرمق الأخير.
تقع عفرين في ريف حلب، وبدخولها أصبحت القوات التركية والجيش الحر لا يبعدان سوى عشرات الكيلومترات عن المدينة التي يسيطر عليها الجيش السوري.
سوريا طالبت تركيا بالإنسحاب من المدينة، لكن أنقرة لايبدو أنها مستعدة للتخلي عنها، فدخول تركيا إلى عفرين يصب في صالح فصائل المعارضة المسلحة، الركيزة الأساسية لمنطقة درع الفرات.
ونجحت تركيا بمنع حصول اتصال بين عفرين والمناطق الخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية في ريف حلب الشرقي.
وتسيطر قوات سورية الديمقراطية على مساحات حدودية شمال سوريا تمتد من القامشلي وحتى مدينة تل أبيض ثم منبج التي تعتبر أقرب نقطة لمدينة عفرين. وهي المحطة القادمة للقوات المدعومة تركيا، بحسب أردوغان الذي هدد أيضا بأن قواته قد تدخل الى سنجار العراقية، القريبة من الموصل لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني.
وتعتبر مدينة عفرين نقطة جغرافية مهمة أيضا بالنسبة لمحافظة إدلب التي (تسيطر عليها تحرير الشام). وأدى غياب طرق سالكة توصل إدلب بمنطقة الجزيرة إلى الاعتماد على عفرين التي صارت تمر عبرها مختلف عمليات شراء النفط الخام.
واستغلت الوحدات الكردية هذه الأمر. وبدأت بفرض رسوم جمارك على البضائع التي تمر عبر عفرين ذهابا وإيابا.