قوات خاصة عراقية أثناء ملاحقتها عناصر داعش على الحدود العراقية السعودية/وكالة الصحافة الفرنسية
قوات خاصة عراقية أثناء ملاحقتها عناصر داعش على الحدود العراقية السعودية/وكالة الصحافة الفرنسية

خسر تنظيم داعش آلاف المقاتلين وأكثر من 98 بالمئة من الأراضي التي احتفظ بها لأكثر من ثلاث سنوات في العراق وسورية.

وبعد أشهر من إعلان العراق نصره على التنظيم، يعلن التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، أنه تمكن من القضاء على الخلافة التي أعلنها التنظيم في العراق وسورية.

بيد أنه من الممكن تقويض هذه المكاسب بسهولة بسبب "عدم الاستقرار المستمر في المنطقة"، وفق ما يرى مسؤول في الاستخبارات الأميركية.

يؤكد ذلك العمليات التي ينفذها التنظيم بين الآونة والأخرى، سواء من خلال التفجيرات الانتحارية أو نصب الكمائن المتحركة.

ويقول ديفيد كاتلر، من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية خلال حديث له في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "على المدى القريب، أشعر بالقلق من فقدان المكاسب في سورية والعراق، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به هناك".

ويعتبر كاتلر أن أيديولوجيا داعش لا تزال تلقى صدى عالميا حيث "تحاول التكيف مع الخسائر في المنطقة".

وفي العراق، يرى كاتلر أن المكاسب معرضة للخطر بسبب زيادة عدم الاستقرار السياسي التي تغذيها تحديات إعادة البناء وانعدام الثقة بين السكان السنة والحكومة المركزية التي يهيمن عليها الشيعة.

ويوضح "حتى إذا لم تؤد هذه إلى ظهور جماعة إرهابية، فإن المخاوف من الانتقام والمظالم السنية بسبب التهميش السياسي والتمييز والتأخير في إعادة الإعمار قد تعوق المصالحة اللازمة لتحقيق سلام دائم".

وتشير شبكة الأمن القومي في جامعة تكساس الأميركية إلى أن القتال مع داعش لم ينته بعد، وتخلص إلى خمس نقاط يجب تنفيذها، لمنع تنامي هذا التنظيم من جديد، وتوضحها بالتالي:

  • الحفاظ على الضغط العسكري على فلول داعش في العراق وسورية.
  • إعطاء الأولوية لمحاربة أهم نقاط التنظيم، خاصة في سيناء وليبيا.
  • زيادة الاستثمارات المالية والقروض للمساعدة في إعادة بناء المجتمعات المحطمة (خاصة السنية الضعيفة) في العراق وسورية.
  • توسيع الجهود الدبلوماسية للمساعدة في الحد من التوترات بين إيران والسعودية، وخاصة محاولة التوصل إلى حل لنزاعهما بالوكالة في اليمن.
  • زيادة التعاون بين الحكومة الأميركية والقطاع الخاص لمواجهة التطرف عبر الإنترنت.

على الأرض

ميدانيا، تنفذ قيادة العمليات المشتركة العراقية، عمليات تطهير لبقايا التنظيم في حوض جبال حمرين، حيث تلتقي محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين.

كما تنفذ وفقا لمعلومات استخبارية عمليات ملاحقة لعناصر التنظيم الذين حاولوا الاختفاء بعد عمليات التحرير، فضلا عن تفكيك الخلايا النائمة.

ويقول المتحدث باسم قيادة العمليات العميد يحيى رسول الزبيدي إن سرعة تحرير تلك المناطق أدت إلى هروب أعداد كبيرة من عناصر وقيادات التنظيم، مؤكدا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن القيادة "ستكثف من عمليات التفتيش والتطهير للخلايا النائمة، كما ستزيد من الجهد الاستخباري".

وفي الموصل شمالا وتحديدا إلى غرب المحافظة، نزولا إلى غرب البلاد في محافظة الأنبار، يستغل من تبقى من عناصر داعش المناطق الصحراوية والوديان والهضاب الممتدة على الشريط الحدودي، والحفر والمخابئ التي سبق أن حفروها (قبل استعادة الموصل)، وهيأوا فيها أهم احتياجاتهم من أسلحة وأعتدة وماء ووقود وغذاء، للاختباء لفترات طويلة، وفق ما رصدته اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى.

ويقول رئيس اللجنة محمد إبراهيم لموقع (ارفع صوتك) "نحتاج إلى دعم القوات في مناطق الصحراء والجزيرة الممتدة حتى محافظة الأنبار"، داعيا قيادتي القوة الجوية وطيران الجيش العراقي إلى "تكثيف طلعاتهم وقصف مواقع التنظيم في تلك المناطق".

فيما يؤكد العميد الزبيدي أن "الاستطلاع الجوي مستمر، إضافة إلى التواجد العسكري للقطعات العسكرية في الصحراء".

ويبلغ طول الشريط الحدودي الممتد بين العراق وسورية نحو 667 كيلومترا.

ويتنقل آلاف المقاتلين من فصائل الخرساني وبدر وسيد الشهداء التابعة لهيئة الحشد الشعبي، بآلياتهم لإحباط أي عمليات تسلل لعناصر تنظيم داعش في تلك المناطق الصحراوية الشاسعة، والتي تحصل بشكل يومي، وفقا لقياديين في الحشد.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.