أثار تفجير انتحاري استهدف كنيسة في باكستان-أرشيف
أثار تفجير انتحاري استهدف كنيسة في باكستان-أرشيف

تقسم عقيدة الولاء والبراء العالم إلى "دارين": دار سلم ودار حرب.

"بها نصبت المشانق، وسلت سيوف التكفير. وبها سفكت الدماء المصونة وأحلت الأموال المعصومة"، يقول السلفي السابق والباحث في الدراسات الإسلامية، محمد عبد الوهاب رفيقي.

يعرف أحد أبرز شيوخ السلفية الوهابية، عبد العزيز بن باز، عقيدة الولاء والبراء بأنها "محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين ومعاداتهم، والبراءة منهم ومن دينهم".

ورغم أن مفتي السعودية السابق يشدد أن ذلك لا يعني ظلم غير المسلمين، لكن عليك أن "تبغضهم في قلبك وتعاديهم بقبلك، ولا يكونوا أصحابا لك".

محمد عبد الوهاب رفيقي، السلفي السابق الذي قضى ثماني سنوات في السجن بالمغرب، يدعو إلى "مراجعة مباحث الولاء والبراء ومعالجة ما أصابها من تضخم وغلو وانحراف".

ويؤكد "عقيدة الولاء والبراء كانت سببا في عزل المسلمين عن العالم وعن بعضهم البعض".

أصل التكفير

قاعدة الولاء والبراء هي الأساس الذي تبنى عليه فتاوى "كراهية التعامل مع المسيحيين"، وفق دراسة أعدتها دار الإفتاء المصرية في كانون الثاني/يناير الماضي، عقب التفجيرات التي استهدفت كنيستين شمال وغرب القاهرة وتبناها داعش.

رصدت الدراسة 5500 فتوى على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، من قبيل "حكم تهنئة الأقباط في أعيادهم"، "حكم بناء الكنائس"، "حكم المعاملات الاقتصادية مع الأقباط".

وقالت إن القاعدة الأولى التي اعتمدت عليها الفتاوى هي "قاعدة الولاء والبراء، وهي قاعدة مهمة جدًّا في المنهجية التكفيرية في إنتاج الفتاوى التي بسببها جاء 90% من أحكام فتاواهم بتحريم التعامل مع المسيحيين".​

من أين جاءت هذه العقيدة؟

يزعم المدافعون عن الولاء والبراء وجود 250 آية في القرآن تشير إلى هذه العقيدة. ويقول آخرون إنها تقارب 300، دون أن يستقروا على مفهوم واضح للولاء والبراء إلى حد الساعة.

أغلب المنظرين يعتبرون ما ورد في سورتي الممتحنة والتوبة دليلا على وجوب معاداة غير المسلمين. ابن تيمية يعتبر الولاء والبراء شرطا من شروط الإيمان.

في المقابل، يقول باحثون إن الإسلام لم ينص على الولاء والبراء بالشكل الذي تقدمه الجماعات التكفيرية، كما أنه "ليس من أمهات العقائد، بل "من السياسات التي تتسع وتضيق حسب الظروف ومصالح المسلمين".

أحمد البوكيلي، فقيه مغربي وباحث في الفقه الإسلامي يقول إن اجتزاء النصوص الدينية من سياقاتها التاريخية "هو ما بنى عليه المتشددون هذه العقيدة التي جعلوها جزءا من أركان الدين".

ويتابع "والحال أن الدين برمته لم يشر لا من قريب أو بعيد إلى شيء اسمه الولاء والبراء".

داعش، أكثر التنظيمات المتطرفة دموية، يجعل من الولاء والبراء قاعدة أساسية لتبرير استهداف غير المسلمين، وحتى المسلمين المخالفين.

في تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، أصدر التنظيم شريط فيديو يظهر طفلا وهو يعدم أحد السجناء بدعوى أنه عميل.

ركز التنظيم في الفيديو، الذي حمل عنوان " أحياني بدمه"، على عقيدة الولاء والبراء لدى "أشبال الخلافة". وقدم أطفالا يتحدثون عن ترك "دار الكفر" والانضمام لـ "الدولة الإسلامية".

ودعا داعش أنصاره في أكثر من مرة إلى التبرؤ من أهلهم وذويهم ودولهم، عملا بعقيدة الولاء والبراء.

لا حاجة لها اليوم!

إلى وقت قريب كانت مفاهيم الولاء والبراء تدرس للطلاب في المرحلة الابتدائية في المدارس السعودية، قبل أن تجري المملكة تعديلات على مناهجها.

وقبل ثماني سنوات، صرح مسؤول في وزارة التربية والتعليم السعودية أن المملكة قامت بمراجعة المناهج الدراسية، خاصة الدروس المتعلقة بالولاء والبراء.

محمد تقي الدين، الباحث في الدراسات الإسلامية، يقول إن المفهوم أدخل عنوة إلى الفقه الإسلامي. ويؤكد "لم يعد صالحا ولم يكن صالحا من أصله".

"لا يحتاج العالم اليوم لمزيد من التفرقة على أساس ديني. تكفي المجازر التي ترتكب باسم الدين"، يقول الباحث أحمد البوكيلي.

وبدوره، يحمل الفقيه المغربي أحمد التوتي مسؤولية الكراهية التي يعاني منها الإسلام والمسلمون اليوم إلى استمرار تداول هذا "المصطلح الدخيل".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.