الطفلة ندى الأهدل/تنشر بإذن خاص منها ومن عمّها
الطفلة ندى الأهدل/تنشر بإذن خاص منها ومن عمّها

قبل أكثر من أربع سنوات، كانت الطفلة اليمنية ندى الأهدل (15 عاماً) على وشك أن تصبح ضحية جديدة لزواج القاصرات في اليمن، في وقت لم تكن قد تجاوزت آنذاك عمر الـ11 عاما.

لكن الطفلة العنيدة التي تنحدر من أسرة ريفية بسيطة، وقفت في وجه والديها لتقول بأعلى صوتها “لا .. ما زلت طفلة.. أريد أن أعيش حياتي”.

في ذلك الحين، لم يكن قد مضى سوى وقت قصير على فقدان ندى لخالتها بنت الإحدى عشر ربيعا، بعملية انتحار مروعة بعد أشهر قليلة من إجبارها على الزواج في هذه السن المبكرة.

تقول ندى “كنا نلعب معاً.. تزوجت ثم انتحرت حرقاً”.

“قبل هذه الحادثة حاولت أختي (12 عاماً) الانتحار بالبنزين للسبب ذاته، كما أصيبت ابنة عمي (11 عاماً) عقب زواجها بحالة نفسية، هذا خلق لديّ انطباعاً بأن الزواج هو انتحار حقيقي”، أضافت الفتاة التي تنشط حالياً في مجال حماية حقوق الطفل.

ومع إصرار والديّ ندى على المضي قدماً في مراسيم الزواج بالقوة في 2013، نجحت الطفلة الصغيرة بالفرار إلى منزل عمها في صنعاء الذي ساعدها في تحويل قصتها إلى قضية رأي عام ملهمة لمئات الفتيات من ضحايا الزواج المبكر حول العالم.

“قراري هذا كان بمثابة بوابة أمل لآلاف الصغيرات من ضحايا هذا الزواج المدمر”، أكدت ندى، التي تصف نفسها بأنها إحدى أصغر الناشطات الحقوقيات في العالم.

وكسبت ندى تعاطفاً دولياً وتغطية إعلامية واسعة عندما بثت فيديو في “يوتيوب”، شرحت فيه آنذاك حيثيات هروبها إلى منزل عمها في صنعاء، حصد 8 مليون مشاهدة في 3 أيام وترجم إلى أكثر من 30 لغة.

قصة ندى نشرت في كتاب ترجم إلى عدة لغات، كما كانت محل اهتمام عدد من المؤتمرات الدولية الخاصة بالفتيات في تركيا والكويت ومصر والأردن وجنيف.

اغتصبها اخوانها

وترى ندى، التي تدرس في الصف الثامن الأساسي، وتقيم حالياً في الكويت، أن زواج القاصرات واحد من أشكال العبودية والرق في اليمن.

“كثير من زميلاتي لم يكملن تعليمهن بسبب تزويجهن في سن مبكرة”، قالت ندى الأهدل، التي تعرضت لمشاكل عدة على خلفية قضيتها المثيرة للجدل.

وأشارت بهذا الخصوص إلى قصة احتجازها لمدة 10 أيام في دار رعاية مخصص لحماية الفتيات بصنعاء تشرف عليه وزارة الداخلية اليمنية، بهدف إخفائها عن وسائل الإعلام وإضعاف تأثير قضيتها على مؤتمر الحوار الوطني الذي أدارته الأمم المتحدة بين القوى السياسية في اليمن (2013 - 2014).

تؤكد ندى أنها وجدت هناك عديد الفتيات من ضحايا زواج القاصرات وانتهاكات حقوقية أخرى.

“وجدت طفلة في عمر 8 سنوات اغتصبت من قبل إخوانها الثلاثة، ومن هول الصدمة فقدت النطق ولم تستطيع الحديث إلا بعد أسبوعين من وجودها في الدار”، قالت ندى، بنبرة يخالجها الألم.

وأضافت “للأسف الطفلة محتجزة بينما الجناة طلقاء”.

اقرأ أيضاً:

الخجل من الجريمة أم اسمها؟ أطفال يمنيون ضحايا الاستغلال الجنسي

وسردت قصة إحدى الفتيات القاصرات من ضحايا الزواج المبكر تدعى فاطمة، قالت إنها “تعرضت لشتى أنواع العنف، وحين عادت إلى أسرتها بعد 13 شهرا، رفضوا استقبالها”.

“تم سجنها، دون إنزال أي عقاب بالمجرم بذريعة أنه أصبح زوج لها.. لاحقا علمت أنه طلقها مقابل 60 ألف ريال، لأن القانون لا يحمي الفتيات من أي انتهاكات ضدهن، على حد قولها.

قصتها مع القاعدة

لكن أسوأ ما تعرضت له الطفلة ندى الأهدل على خلفية نشاطها المناهض لزاوج القاصرات، هو اختطافها لمدة 14 يوماً، على يد عناصر تابعة لتنظيم القاعدة في مدينة عدن في الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2015.

توضح “تم اقتيادي مع عمى تحت تهديد السلاح إلى منزل مهجور، حيث تم التحقيق معنا على مدى ثلاثة أيام. بعد العصر كان يحضر أمير الجماعة ليعطينا محاضرات عن الخلافة الإسلامية”.

لكن ندى تقول إن عناصر التنظيم الإرهابي، أفرجوا عنها وعن عمها لاحقاً بعد أن تيقنوا بعدم وجود أي شبهة بتلقيهما تمويلات أجنبية معادية للإسلام، حسب الاتهامات التي وجهت لهما.

أنشطة وطموح

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، قادت الفتاة التي وصفها رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن دغر بـ “أيقونة اليمن”، سلسلة مبادرات رائدة لمساعدة الأطفال.

ومن بين تلك المبادرات إعلانها العام الماضي عن مؤسسة “ندى الأهدل لحماية حقوق الطفل”، وإعداد برامج توعوية بمخاطر تجنيد الأطفال وزواج القاصرات وتعطيل العملية التعليمية في ظل الحرب وأثرها على مستقبل الطفل في اليمن.

كما شاركت ندى في فيلم سينمائي عالمي بعنوان (أنا نجود بنت العاشرة ومطلقة) رشح لجائزة الأوسكار في العام (2017).

وإلى جانب مساعدة الأطفال ضحايا الحروب، تطمح ندى بأن يكون اكمال تعليم الفتيات نصاً دستورياً ملزماً للجميع، واعتبار زواج القاصرات تحت سن 18 سنة جريمة قانونياً، وأن تصبح اليمن نموذجاً للعالم المتحضر في احترام حقوق الأطفال.   

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.