زادت تركيا من نفوذها مؤخراً في دول عربية عدة، بشكل ملفت. لكن الموقف في العراق يبدو مختلفاً. بعد أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شن عملية عسكرية في سنجار التي يعتقد أن عناصر من حزب العمال الكردستاني ينتشرون فيها، تراجع عن هذا الموقف قائلاً إن الموضوع سيتم نقاشه بين الحكومتين.
فلماذا تختلف طريقة تعامل تركيا مع الملف العراقي عن غيره من الملفات؟
أولا، نستعرض التمدد التركي في دول عربية..
في الصومال..
أقامت تركيا القاعدة العسكرية الأولى والوحيدة لها في الصومال في 2017 برغم الإرهاب والفساد في هذا البلد الأفريقي الفقير. وأنشأت مستشفى "رجب طيب أردوغان" في 2013 في العاصمة الصومالية مقديشو، ووظفت إحدى شركات النقل التركية لخدمة مبنى في مطار مقديشو، فضلاً عن إرسالها خدمة مواصلات طرقية تركية والهلال الأحمر التركي لجمع القمامة.
وزير الدولة للشؤون الخارجية الصومالي السابق عبد القادر أحمد خير قال "عندما أتت تركيا إلى الصومال أولاً في 2011، لم يجرؤ أحد على القدوم إليها. جفاف ومجاعة ونشاط لجماعات إرهابية. الجميع تجنب الصومال".
في السودان..
وفي إطار البحث عن المزيد من المكاسب الاقتصادية، حصلت تركيا في السودان أيضاً على حقوق وصلاحيات لإعادة تأهيل مواقع من العصر العثماني في جزيرة سواكين السودانية على البحر الأحمر. وكانت هذ الجزيرة في قديم الزمان محطة يتوقف فيها الحجاج المسلمون الذاهبون إلى مكة.
وفي حديث أمام البرلمان السوداني، قال أردوغان "أنا وأخي البشير (في إشارة للرئيس عمر البشير) نتحدث حول الأعمال".
المشروع التركي هذا أثار حفيظة ومخاوف دول عربية مثل مصر والإمارات والسعودية. وحيث يعيش في السودان أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين المصريين، تخوفت كل من مصر والإمارات من التوسع التركي بين السودانيين والمصريين.
في سورية
دخلت تركيا الجارة سورية بعمليات عسكرية بهدف تقويض خطر المقاتلين الأكراد والذين تسميهم بـ"الجماعات الإرهابية".
ونفذت هذه العمليات في مناطق عدة منذ نحو عامين. وداهمت مدينة الباب ومؤخراً عفرين وتتوعد المقاتلين الأكراد بدخول تل رفعت القريبة من الحدود التركية ضمن عملية "غصن الزيتون".
التردد في سنجار
تعامل تركيا مع العراق يبدو مختلفاً. فهي لم تتدخل بالطريقة نفسها التي دخلت فيها (عسكرياً) إلى سورية و(اقتصادياً) إلى الدول الأفريقية.
يقول المحلل السياسي، بركات كار في أنقرة لـ(ارفع صوتك) إن "التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الداخل التركي فرضت على حكومة أردوغان التفكير بمكاسب في مكان آخر" وبرأيه هذا هو سبب التوسع التركي في الصومال والسودان ودول أفريقية أخرى.
أما فيما يخص سنجار، فيقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوكجلي في تركيا، د.سمير صالحة لـ(ارفع صوتك) "لا أعتقد أن سبب عدول تركيا عن قرارها بدخول سنجار يعود لأسباب مالية. لأنها جزء من استراتيجيتها في التعامل مع ملفات المنطقة. فهي كانت تقدم دعماً مالياً لأعداد كبيرة من اللاجئين من سورية والعراق، وبالتالي فهي قادرة على تمويل حملات عسكرية كهذه".
ويضيف هناك ميزانية للملفين السوري والعراقي والهدف هو "تقويض الجماعات الإرهابية التي تهدد تركيا".
ويتفق كل من صالحة وبركات في أن السبب في العدول عن قرار الدخول في سنجار هو المعارضة العراقية لذلك أولاً، والتفاهم التركي- العراقي على إخراج المقاتلين الأكراد من سنجار.
ويضيف صالحة "نلاحظ رغبة كل من القيادتين على التفاهم وتثبيت العلاقات على المسار الإيجابي".
ولكن هذه ليست النهاية. في المستقبل يتوقع صالحة أن تقوم تركيا بحملات مشابهة وخاصة في منطقة جبال قنديل شمال العراق والقريبة من الحدود التركية، لأنها تصر على إخراج المقاتلين الأكراد الذين تعدهم "جماعات إرهابية".