بعد حروب عصفت باليمن منذ أواخر 2014، تظهر إلى العيان نتائج صادمة: أكثر من مليون مصاب بالكوليرا، نصفهم أصيبوا سنة 2017 فقط.
أكثر من 2000 شخص، معظمهم أطفال، توفوا لحد الساعة بسبب المرض.
توقعات المنظمات الدولية الأخيرة تشير إلى أن عدد الإصابات قد يرتفع مجدداً في شهر نيسان/أبريل مع قدوم فصل الأمطار، وسط أزمة حادة في المياه النظيفة.
#Yemen’s water crisis in numbers:*Over 15 million people have no access to clean water.*90% of the population rely on water being trucked into their cities.*Over 1 million were ill with cholera last year. With the rainy season coming, another epidemic looms.#WorldWaterDay
— ICRC (@ICRC) March 22, 2018
كيف خلف القصف الوباء؟
ينتقل الكوليرا، وهو مرض معوي، إلى جسم الشخص إن تناول طعاما أو مياه ملوثة. وهذا ما حصل في اليمن.
تشير صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن المرض بدأ في الانتشار بالتزامن مع انطلاق عمليات القصف التي نفذتها قوات التحالف في اليمن في آذار/مارس 2015، لدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي ضد خصومه الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح.
تقول الصحيفة إن عمال إحدى محطات معالجة مياه الصرف الصحي في صنعاء تابعوا سقوط القنابل على مدرج المطار الذي لا يفصله عنه سوى حائط قصير، يوم 26 آذار/مارس.
كان العمال على يقين أن قصف المحطة سيتسبب في تفش مهول للأمراض في صنعاء. تركوا أضواءها مضاءة خلال الليل على أمل أن يفهم الطيارون أنها مجرد هدف مدني.
لم تتعرض المحطة للقصف، باستثناء استهداف إحدى الجرافات داخلها. لكن ما أضر بها أكثر هو انقطاع الكهرباء بعد استهداف محطة الكهرباء الرئيسية في صنعاء.
حاول العمال إنقاذ ما يمكن إنقاذه، معتمدين على الديزل بدل الكهرباء. لكنه نفد بعد فترة وجيزة وخرجت المحطة عن العمل نهائيا بنهاية أيار/مايو 2015، تقول نيويورك تايمز.
بعد أسابيع، ملأت مياه الصرف الصحي غير المعالجة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية. باتت الخضر تسقى بالمياه الملوثة، ثم تباع في الأسواق.
رغم عودة المحطة للعمل في فترات متقطعة، أساسا بفضل الدعم الدولي، لم يكن ذلك كافيا. المحطة المخصصة لتحمل 500 ألف شخص، عليها أن تتحمل الآن أكثر من مليون ونصف مليون، ودون أن تكون تشتغل بطاقتها الكاملة.
لاحقا سيترتفع عدد سكان صنعاء إلى أكثر من ثلاثة ملايين.
بدأت حالات إصابات بالإسهال وبآلام في الأمعاء تصل المستشفيات تباعا. وفي تشرين الأول/أكتوبر، أكدت التحاليل رسميا وجود الكوليرا في صنعاء.
اليوم يوجد أكثر من مليون مصاب، تقول المنظمات الدولية.
تفشِّي وباء الكوليرا بسبب الصراع الدائر في #اليمن في أكثر من مليون ألف حالة يُشتبه بإصابتها بالمرض، 35% منهم أطفال. https://t.co/lPONEcejVM pic.twitter.com/OGusaL1OQn
— البنك الدولي (@AlbankAldawli) February 17, 2018
علاج صعب
انصبت أعين منظمات الإغاثة على اليمن. رالف الحاج، المتحدث الإقليمي للصليب الأحمر، زار البلاد في أيار/مايو 2017.
يقول رالف لـ(ارفع صوتك) "العلاج بشكل طبيعي من الكوليرا يستغرق بين 7 و10 أيام. لكن في اليمن الوضع مختلف".
ويضيف "غرف المشافي في صنعاء تعاني اكتظاظا.. في حالات شاهدت شخصين يتقاسمان السرير أو ينام أحدهما تحته".
الكوليرا في اليمن... صور فوتوغرافية تجسد آلام المرضى pic.twitter.com/ybeaJKL0sl
— الحرة (@alhurranews) March 22, 2018
التقط المتحدث باسم الصليب الأحمر عشرات الصور لتوثيق الوضع الصحي في البلاد. وهو يعرضها الآن في معرض في بيروت.
يقول رالف إن كثيرا من اليمنيين لا يجدون مكانا لهم في المستشفيات، فتتم معاينتهم في خيم بالخارج.
تعطل الكثير من المستشفيات في صنعاء. يقول رالف إنها صارت "تركز على علاج النساء والأطفال، أما الآباء فيجلسون على الأرض أو في الخارج، لا مكان لهم داخل المستشفى لمساندة عوائلهم".
في هذه الصورة مثلا، تجلس والدة ابراهيم بجوار ابنها المصاب بالكوليرا في مستشفى السبعين الحكومي، بينما يجلس الأب خارجا أمام الشباك.
يعاني الطفل أيضا من حالة دماغية خلقيّة منعته من النمو بشكل صحيح.
أرقام صادمة
منذ إعلان وجود الكوليرا رسميا في اليمن في تشرين الأول/أكتوبر 2016، تسبب الوباء بما يلي:
- وفاة أكثر من 2000 شخص.
- تشير منظمة "أنقذوا الأطفال" إلى أن طفلا واحدا يصاب بالكوليرا كل 35 ثانية.
-تتوقع منظمة الصحة العالمية أن تعود الكوليرا للارتفاع بين نيسان/أبريل وآب/أغسطس 2018 بسبب موسم الأمطار.
- دمرت الحرب نصف المنشآت الصحية الموجودة في مختلف المحافظات اليمنية، ما يجعل تحدي القضاء على الكوليرا صعبا.
- تقدر منظمة الصليب الأحمر أن 80 في المئة من اليمنيين يفتقرون إلى المياه النظيفة والغذاء والوقود وحاجات الصحة الأساسية، ما يسهل تفشي انتشار الوباء.