يملأ مرضى الكوليرا جميع غرف المستشفيات في صنعاء حيث يعاني الطاقم الطبي لتقديم الرعاية/رالف الحاج
يملأ مرضى الكوليرا جميع غرف المستشفيات في صنعاء حيث يعاني الطاقم الطبي لتقديم الرعاية/رالف الحاج

بعد حروب عصفت باليمن منذ أواخر 2014، تظهر إلى العيان نتائج صادمة: أكثر من مليون مصاب بالكوليرا، نصفهم أصيبوا سنة 2017 فقط.

أكثر من 2000 شخص، معظمهم أطفال، توفوا لحد الساعة بسبب المرض.

توقعات المنظمات الدولية الأخيرة تشير إلى أن عدد الإصابات قد يرتفع مجدداً في شهر نيسان/أبريل مع قدوم فصل الأمطار، وسط أزمة حادة في المياه النظيفة.

​​​كيف خلف القصف الوباء؟

ينتقل الكوليرا، وهو مرض معوي، إلى جسم الشخص إن تناول طعاما أو مياه ملوثة. وهذا ما حصل في اليمن.

تشير صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن المرض بدأ في الانتشار بالتزامن مع انطلاق عمليات القصف التي نفذتها قوات التحالف في اليمن في آذار/مارس 2015، لدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي ضد خصومه الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح.

تقول الصحيفة إن عمال إحدى محطات معالجة مياه الصرف الصحي في صنعاء تابعوا سقوط القنابل على مدرج المطار الذي لا يفصله عنه سوى حائط قصير، يوم 26 آذار/مارس.

كان العمال على يقين أن قصف المحطة سيتسبب في تفش مهول للأمراض في صنعاء. تركوا أضواءها مضاءة خلال الليل على أمل أن يفهم الطيارون أنها مجرد هدف مدني.

لم تتعرض المحطة للقصف، باستثناء استهداف إحدى الجرافات داخلها. لكن ما أضر بها أكثر هو انقطاع الكهرباء بعد استهداف محطة الكهرباء الرئيسية في صنعاء.

حاول العمال إنقاذ ما يمكن إنقاذه، معتمدين على الديزل بدل الكهرباء. لكنه نفد بعد فترة وجيزة وخرجت المحطة عن العمل نهائيا بنهاية أيار/مايو 2015، تقول نيويورك تايمز.

بعد أسابيع، ملأت مياه الصرف الصحي غير المعالجة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية. باتت الخضر تسقى بالمياه الملوثة، ثم تباع في الأسواق.

رغم عودة المحطة للعمل في فترات متقطعة، أساسا بفضل الدعم الدولي، لم يكن ذلك كافيا. المحطة المخصصة لتحمل 500 ألف شخص، عليها أن تتحمل الآن أكثر من مليون ونصف مليون، ودون أن تكون تشتغل بطاقتها الكاملة. 

لاحقا سيترتفع عدد سكان صنعاء إلى أكثر من ثلاثة ملايين. 

بدأت حالات إصابات بالإسهال وبآلام في الأمعاء تصل المستشفيات تباعا. وفي تشرين الأول/أكتوبر، أكدت التحاليل رسميا وجود الكوليرا في صنعاء. 

اليوم يوجد أكثر من مليون مصاب، تقول المنظمات الدولية.

​​

علاج صعب

انصبت أعين منظمات الإغاثة على اليمن. رالف الحاج، المتحدث الإقليمي للصليب الأحمر، زار البلاد في أيار/مايو 2017.

يقول رالف لـ(ارفع صوتك) "العلاج بشكل طبيعي من الكوليرا يستغرق بين 7 و10 أيام. لكن في اليمن الوضع مختلف".

ويضيف "غرف المشافي في صنعاء تعاني اكتظاظا.. في حالات شاهدت شخصين يتقاسمان السرير أو ينام أحدهما تحته".

​​

التقط المتحدث باسم الصليب الأحمر عشرات الصور لتوثيق الوضع الصحي في البلاد. وهو يعرضها الآن في معرض في بيروت.

بسبب عدم توفر أسرة فارغة في المستشفيات اضطر مرضى الكوليرا للنوم على الأرض/رالف الحاج

​​

​​​​​​يقول رالف إن كثيرا من اليمنيين لا يجدون مكانا لهم في المستشفيات، فتتم معاينتهم في خيم بالخارج.

تتم معاينة المرضى في الخيام بسبب الازدحام في المستشفيات/ رالف الحاج

​​

 تعطل الكثير من المستشفيات في صنعاء. يقول رالف إنها صارت "تركز على علاج النساء والأطفال، أما الآباء فيجلسون على الأرض أو في الخارج، لا مكان لهم داخل المستشفى لمساندة عوائلهم".

يجلس زوجٌ على الأرض إلى جوار زوجته المصابة بالكوليرا/رالف الحاج

​​

​​​في هذه الصورة مثلا، تجلس والدة ابراهيم بجوار ابنها المصاب بالكوليرا في مستشفى السبعين الحكومي، بينما يجلس الأب خارجا أمام الشباك.

يعاني الطفل أيضا من حالة دماغية خلقيّة منعته من النمو بشكل صحيح​.

في مستشفى السبعين الحكومي ، يجلس والد ووالدة إبراهيم إلى جواره بينما يتلقى العلاج من الكوليرا/ رالف الحاج

​​

​​​أرقام صادمة

منذ إعلان وجود الكوليرا رسميا في اليمن في تشرين الأول/أكتوبر 2016، تسبب الوباء بما يلي:

- وفاة أكثر من 2000 شخص.

- تشير منظمة "أنقذوا الأطفال" إلى أن طفلا واحدا يصاب بالكوليرا كل 35 ثانية. 

-تتوقع منظمة الصحة العالمية أن تعود الكوليرا للارتفاع بين نيسان/أبريل وآب/أغسطس 2018 بسبب موسم الأمطار.

- دمرت الحرب نصف المنشآت الصحية الموجودة في مختلف المحافظات اليمنية، ما يجعل تحدي القضاء على الكوليرا صعبا.

- تقدر منظمة الصليب الأحمر أن 80 في المئة من اليمنيين يفتقرون إلى المياه النظيفة والغذاء والوقود وحاجات الصحة الأساسية، ما يسهل تفشي انتشار الوباء.​

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.