أوضح محمد بن سلمان أنه لا ينوي التنصل من الفهم الوهابي المتزمت للإسلام (أ ف ب)
تعاقب المملكة العربية السعودية بالسجن مدة لا تزيد 10 سنوات ولا تقل عن خمس سنوات كل من وصف الملك أو ولي العهد "بأي وصف يطعن في الدين أو العدالة"

في العالم العربي، يعتبر انتقاد الحاكم رئيسا كان أو ملكا جريمة يعاقب عليها القانون، رغم إقرار دساتيرها بحرية الرأي والتعبير.

تختلف العقوبات من بلد لآخر، لكن قاسمها المشترك هو أن "انتقاد الحاكم ممنوع" وقد يؤدي إلى المحاكمة بقانون الإرهاب كما هو الحال بالنسبة لمصر والسعودية.

في 27 حزيران/يونيو 2016، اعتقلت السلطات الجزائرية الصحافي والمدون محمد تامالت بعد نشره فيديو يتضمن قصيدة ينتقد فيها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مستعملا ألفاظا جارحة ومهينة.

اعتقل تامالت ووجهت له تهم "الإساءة إلى رئيس الجمهورية بعبارات تتضمن السب والقذف" و"إهانة هيئة نظامية"، وأدين بالحبس لمدة عامين وأداء غرامة مالية تقدر بـ1800 دولار.

توفي تامالت، الحاصل على الجنسية البريطانية، داخل السجن بعد دخوله في غيبوبة استمرت ثلاثة أشهر.

انتقدت المنظمات الحقوقية أحكام السجن الصادرة في حق المدون الجزائري. هيومن رايتس ووتش قالت إن "على الموظفين الحكوميين التسامح مع الخطاب الذي قد يكون مهينا أو جارحا".

مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، سارة ليا ويتسن اعتبرت حينها أنه "لا توجد أي حماية لحرية التعبير في الجزائر إن تسببت قصيدة على فيسبوك بسجن صاحبها عامين".

شخص الملك مقدس!

في المغرب، كان الدستور حتى وقت قريب ينص أن "الملك شخص مقدس لا تنتهك حرمته". ألغى تعديل سنة 2011، بالتزامن مع الربيع العربي، القداسة عن الملك. نص فقط "على واجب التوقير والاحترام".

يعاقب القانون الجنائي المغربي على الإساءة للملك والعائلة الحاكمة، بأحكام تصل إلى سنتين سجنا. وتضاعف العقوبة إذا تمت الإساءة في الفضاء العام أو في وسائل الإعلام.

بدوره، يحظر قانون الصحافة والنشر أي خطاب يمس بهيبة الملك وينص على إيقاف وحجز الصحف والمواقع التي تنشر هذه الخطابات.

لكن أكثر ما يثير الانتقادات هي تهمة "الإخلال بواجب التوقير والاحترام لشخص الملك"، التي تعتبرها المنظمات الحقوقية غامضة وضبابية.

في سنة 2008، أدانت محكمة في مدينة أكادير (جنوب) مدونا بتهمة الإخلال بالاحترام الواجب للملك، وحكمت عليه بالسجن سنتين بعد نشره مقالا قال فيه إن "الملك (محمد السادس) يشجع شعبه على الاتكال" بتوزيع الهبات والإكراميات. ألغت محكمة الاستئناف الحكم لاحقا.

في 20 شباط/فبراير 2012، أدانت محكمة مغربية طالبا جامعيا بمدينة تازة (شرق) بثلاث سنوات سجنا بتهمة إهانة الملك محمد السادس في شريط مصور بث على موقع يوتيوب.

طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش بالإفراج عن الطالب المغربي. وقالت "إن كان المغرب يعتزم تنفيذ ضماناته الدستورية الجديدة بشأن حرية التعبير، فإنه يحتاج إلى التخلص من القوانين التي ترسل الناس إلى السجن لإهانة رئيس الدولة، حتى لو كان ما يقولونه يبدو فظا".

وشهد المغرب محاكمات مماثلة بخصوص إهانة الملك. أسبوعا قبل إدانة الطالب الجامعي عبد الصمد هيدور، قضت محكمة مغربية بسجن شاب آخر بتهمة نشر تعليقات وصورة كاريكاتورية للملك محمد السادس.

إذا انتقدت فأنت إرهابي!

في مصر، يمكن أن تؤدي إهانة الرئيس إلى المحاكمة بقانون الإرهاب. في 12 نيسان/أبريل الماضي، أدين محام مصري بـ 10 سنوات سجنا، والإقامة الجبرية لخمس سنوات والحرمان من استخدام الانترنت لمدة مماثلة.

واتهم المحامي محمد رمضان بـ"إهانة رئيس البلاد والتحريض على الإرهاب" على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يتم الإفراج عنه في آب/أغسطس 2017.

لا ينص قانون العقوبات المصري على عقوبة السجن إذا أهين رئيس البلاد. واكتفى بالغرامة المالية فقط (الفصل 179).

لكن يبدو أن المشرع المصري يسير في اتجاه إقرار عقوبة السجن. وقدم نائب برلماني مقترحا بتشديد العقوبة بحق كل من أساء لرئيس الجمهورية لتصل إلى ثلاث سنوات سجنا.

وأثارت محاكمة المحامي المصري محمد رمضان بقانون الإرهاب انتقادات لاذعة في الأوساط الحقوقية. منظمة العفو الدولية اعتبرت الحكم استغلالا لقانون الإرهاب من أجل إسكات من يتعرضون للحكومة بالانتقاد.

 وقالت إن ذلك "اعتداء سافر على حرية التعبير ومثال مروع على الخطر الذي يتربص بمن يمارسون الانتقاد السلمي".

وكشف تقرير للشبكة العربية لحقوق الإنسان أن عدد المتابعات بتهم الاساءة للرئيس شهد ذروته في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي بواقع 24 قضية في 200 يوم من حكمه.

الطعن في ولي العهد إرهاب

تعاقب المملكة العربية السعودية بالسجن مدة لا تزيد عن 10 سنوات ولا تقل عن خمس سنوات كل من وصف الملك أو ولي العهد "بأي وصف يطعن في الدين أو العدالة".

ونص على هذه العقوبة في قانون الإرهاب الجديد الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش القانون الجديد. واصفة اعتبار "انتقاد ولي العهد عملا إرهابيا" بأنه "اقتراح هزلي".

​​خمس سنوات إن أطلت لسانك!

شهدت الكويت خلال السنوات الأخيرة سلسلة محاكمات على خلفية انتقاد أمير البلاد. شملت برلمانيين سابقين اتهموا بالتطاول على الأمير.

وينص قانون الجزاء الكويتي على عقوبات تصل إلى خمس سنوات بحق كل من "طعن علنا أو في مكان عام بأي وسيلة (...) في حقوق الأمير أو عابه في ذلك أو تطاول على مسند الإمارة" (المادة 25)

وفي سلطنة عمان، يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات أو بالعقوبة كل من "طعن في حقوق السلطان وسلطته أو عابه في ذاته".

في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، صادق رئيس الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان على مرسوم بقانون في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، أقر عقوبات في حق من ينتقد النظام. ويقول القانون "يعاقب بالسجن من أضر بسمعة أو هيبة رئيس الدولة أو نائبه أو حكام الإمارات أو أولياء عهدهم أو نواب الحكام".

وتعتبر قضية الأستاذ الجامعي ناصر غيث أبرز قضية أثارث الجدل في الإمارات بعد إدانته بـ10 سنوات سجنا على خلفية اتهامه بنشر معلومات كاذبة عن قادة دولة الإمارات.

وبدوره، يعاقب القانون الأردني بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات "كل من ثبتت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك".

وينص قانون العقوبات القطري على عقوبة سجن أقصاها 5 سنوات "كل من طعن بإحدى طرق العلانية في ممارسة الأمير لحقوقه وسلطاته، أو عاب في ذاته".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.