مرقد السيد زيبار في جنوب كركوك الذي فجره داعش/الصورة خاصة بمنظمة ميثرا للتنمية والثقافة اليارسانية تنشر  بإذن خاص في موقع ارفع صوتك
مرقد السيد زيبار في جنوب كركوك الذي فجره داعش/الصورة خاصة بمنظمة ميثرا للتنمية والثقافة اليارسانية تنشر بإذن خاص في موقع ارفع صوتك

أربيل ـ متين أمين:

لم يمض زياد فهد كاكائي وسكان قريته ليلة واحدة منذ ستة أشهر في قريتهم توبزاوه التابعة لقضاء داقوق جنوب محافظة كركوك، خوفا من هجمات تنظيم داعش الليلية.

يشدّ زياد فهد رحاله كل مساء إلى كركوك ليمضي ليلته فيها، تاركاً مواشيه وآلياته الزراعية ويعود صباحا إلى القرية ليمارس حياته اليومية.

يشكو كاكائي من قلة تواجد القوات العراقية في منطقته وعجزهم عن الدفاع عن أنفسهم.

يقول "قرانا تتعرض للهجوم من قبل إرهابيي داعش. لا يوجد من يحمينا".

ويُطالب بغداد بتوفير الحماية اللازمة لهم، أو فسح المجال لهم بحماية مناطقهم بأنفسهم.

بسبب الجماعات الإرهابية، حُرم أتباع الديانة الكاكائية من أداء مراسمهم الدينية، وانخفض إنتاجهم الزراعي بشكل ملحوظ بسبب الوضع الذي يعيشونه.

هجمات مستمرة

رغم إعلان بغداد تحرير كافة الأراضي العراقية من التنظيم في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، إلا أن مسلحي داعش ما زالوا يتواجدون في جنوب كركوك منفذين هجمات مسلحة ضد سكان المنطقة والقوات الأمنية.

قائد الشرطة الاتحادية العراقية، الفريق رائد شاكر جودت، أعلن في 18 آذار/مارس الحالي عن تنفيذ قواته عمليات استباقية بحثا عن المسلحين المتخفين في مناطق الحويجة، شملت تمشيط عدة قرى.

ويشير إلى أن العمليات أسفرت عن تدمير ثلاثة أنفاق وعدد من الفخاخ، إضافة إلى السيطرة على معمل لتصنيع المقذوفات وقاعدة لإطلاق الصواريخ.

تاريخ الديانة الكاكائية

يعود تاريخ ظهور الديانة الكاكائية أو اليارسانية (إحدى الديانات الكردية القديمة)، إلى نحو أكثر من خمسة آلاف عام. وبحسب المصادر التاريخية، فإنّ جذور هذه الديانة تمتد إلى الديانة الميثرائية، التي ظهرت بين الشعوب الهندو-أوروبية، وعن طريقهم انتشرت في غرب آسيا ومنها إلى كردستان.

وينقسم الكاكائيون بين إيران والعراق، حيث يبلغ عدد الكاكائيين في إقليم كردستان العراق نحو 250 ألف شخص، وهناك بين مليوني وثلاثة ملايين كاكائي في المناطق الكردية في إيران.

نوروز هذا العام

استفاق الكاكائيون صباح عيد نوروز هذا العام، يوم 21 مارس/آذار الحالي، على خبر تفجير أحد مراقدهم المقدسة في جنوب كركوك وهو مرقد السيد زيبار الذي يقع في قرية زنقر جنوب كركوك.

وبحسب منظمة ميثرا للتنمية والثقافة اليارسانية، فإن مرقد السيد زيبار الذي يحتضن قبر السيد زيبار أحد الشخصيات الدينية الكاكائية، يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1990، وكان موقعا يتجمع فيه أتباع الديانة سنويا في عيد نوروز، فهذا العيد يعتبر دينيا وفي الوقت ذاته قوميا لدى الكاكائيين.

يؤكد رئيس منظمة ميثرا، رجب عاصي، لموقع (ارفع صوتك) أن "الحكومة العراقية منعت أتباع الديانة هذا العام من إيقاد النار في قلعة زنقر، قبل يوم من نوروز"، لأن الأوضاع الأمنية غير مستقرة.

وبحسب مصدر عسكري عراقي، كانت هناك معلومات لدى القوات الأمنية بتحركات التنظيم في المنطقة، فطلبت من المواطنين ألا يحتفلوا في القلعة وقرب المرقد حفاظا على سلامتهم.

وفجر مسلحو داعش مرقد السيد زيبار ليلة نوروز، موضحا "مع الأسف كان قدرنا هذا العام ألا نحتفل بنوروز".

يضيف عاصي أن أتباع الديانة يتعرضون لعمليات إبادة جماعية فكرية، ويردف "خلال حكم النظام العراقي السابق، تعرضنا لعمليات إبادة تمثلت في عمليات تصحيح القومية، فغيّر حزب البعث قومية العديد من أتباع الديانة من الكردية إلى العربية قسرا".

أما بعد 2003، فيرى عاصي أن هذه العمليات متواصلة "من خلال اعتبار الكاكائيين عرباً وشيعة".

ويتهم عاصي النظام الإيراني بالعمل على تشييع أتباع الديانة الكاكائية في العراق اليوم "من خلال منح المال والمناصب الحكومية في الحكومة العراقية لبعض الكاكائيين مقابل تغيير ديانتهم".

ويضيف أن طهران تهدف من خلال هذه العملية إلى إنهاء وجود أتباع الديانة في إطار الحملة التي يشنها النظام ضد أتباع الديانة في إيران منذ توليه الحكم عام 1979 وحتى الآن.

داعش فجر خمسة مراقد دينية كاكائية

تشير إحصائيات منظمة ميثرا إلى أن تنظيم داعش فجر خلال السنوات الأربع الماضية خمسة مراقد دينية كاكائية أربعة منها كانت تقع في شرق الموصل، أما الخامس فهو مرقد السيد زيبار في كركوك الذي فجره التنظيم الشهر الحالي.

وبلغ عدد الكاكائيين الذين قتلوا على يد التنظيم أكثر من 253 كاكائياً، فيما هاجرت نحو 100 عائلة من أتباع الديانة من العراق إلى أوروبا والدول الأخرى.

أكبر هاواري، مواطن آخر من أتباع الديانة، يسكن في محافظة حلبجة شمال شرق مدينة السليمانية في إقليم كردستان، ما زال يتذكر التهديدات والهجمات التي تعرضوا لها من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة في تسعينيات القرن الماضي وبداية القرن الحالي. 

ويقول هاواري لموقع (ارفع صوتك) "رغم الهدوء الذي نعيشه في حلبجة حاليا، إلا أننا لسنا مطمئنين من المستقبل. نحن مستهدفون طالما هناك أشخاص يحملون الفكر المتطرف".

ويُشدد على أن حل هذه المشاكل يحتاج لوقت طويل لصعوبتها وتعمقها، مضيفا أن هناك حاجة الى ترسيخ روح قبول الآخر المختلف، والتعايش السلمي في المجتمع أولاً.

ويختتم هاواري حديثه "إذا ازدادت محاولات استهدافنا ولم نتلق الحماية اللازمة، حينها سيكون خيارنا هو ترك هذه الأرض، لحماية مستقبل أطفالنا".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.