حررت محافظة صلاح الدين من قبضة تنظيم داعش قبل ثلاث سنوات، بعد أن خلّف التنظيم دمارا واسعا.
وكان لسيطرة التنظيم الإرهابي على 15 مستشفى ومؤسسة صحية، أثره الواضح في تراجع الخدمات العلاجية والوقائية في المحافظة.
بعد داعش جاء وباء آخر اسمه "عدم توفر التخصيصات المالية" ليستمر تعثر المؤسسات الصحية وعجزها عن خدمة المواطنين.
"التخصيصات المالية المتعلقة بمشاريع القطاع الصحي، واجهت طريقا مغلقة" يؤكد على الدجيلي عضو مجلس المحافظة.
ويضيف "كحكومة محلية لا يمكننا فعل شيء، الأمر بيد وزارة الصحة وهي لم تفعل شيئا حيال إعمار المستشفيات التي تضررت من جراء سيطرة داعش عليها، واتخاذها ثكنات لعناصره".
ويؤكد محافظ صلاح الدين أحمد الجبوري الأمر ذاته: "أسباب تأخر عملية تأهيل المستشفيات في المحافظة، تعود بالدرجة إلى الأزمة المالية".
فشل كلوي أم إداري؟
يتفق هادي الخزرجي وصديقه جعفر، وهما من أبناء قضاء الدجيل (جنوب صلاح الدين)، على كونهما ضحية الفشل الإداري وليس الفشل الكلوي فقط.
يقول هادي (55عاماً) "أعاني الفشل الكلوي، ومرضي يحتاج إلى عناية مستمرة متمثلة بغسيل الكلى، اضطر للذهاب إلى مستشفى الكاظمية ببغداد والمسافة الطويلة تؤثر سلباً على صحتي".
ويتحدث المواطن (أبو سارة) عن حاجة قضاء الدجيل إلى مستشفى "منذ سنين وليس لدينا سوى مركز صحي واحد لا يفي باحتياجاتنا".
أما (الحاج هاشم) فلم يتوقع أن تفارق زوجته الحياة بعد إحالتها إلى مستشفى الكاظمية ( 70 كم عن الدجيل)، لإجراء عملية ولادة.
مؤخرا تجمّع عدد من أهالي الدجيل أمام هيكل مستشفى أوقف العمل به، واحتجوا على "الإهمال الذي تعاني هذه المدينة التي صمدت بوجه داعش" بحسب أحد وجهاء المدينة، الشيخ مهدي الزبيدي.
المحتجون تساءلوا بغضب "العالم وصل في التكنولوجيا الطبية الى مستويات خيالية وقضاء الدجيل لا يزال يفتقر الى مستشفى لمداواة مرضاه. نطالب المسؤولين أن يلتفتوا إلى هذا القضاء الذي أرخص الدماء من أجل الوطن".
عاجزون بنسبة 60 بالمئة؟
وعلى الرغم من وجود 15 مستشفى في المحافظة إلا أن الحاجة الفعلية تفوق الواقع، نظرا لسعة مساحة المحافظة بمركزها وأقضيتها ونواحيها، فضلا عن نتائج سيطرة داعش، يؤكد خالد برهان معاون مدير عام الصحة، "نسبة الضرر في مستشفياتنا 60 بالمئة".
مستشفى صلاح الدين المكوّن من 400 سرير، تعرض إلى ضرر كبير في بنيته، إبان سيطرة داعش على المحافظة، وتأهيله تم عبر منظمات عالمية ومنها "يو أن دي بي" التي تتولى أيضا تأهيل مشفى تكريت التعليمي بعد عجز وزارة الصحة عن ذلك.
الممرض في مستشفى الضلوعية خليل الجبوري قال "لولا تبرعات أهالي المدينة لما استطعنا تشييد مستشفى رغم قلة أجهزتها".
مشروعات صحية تراجعت أوضاعها بسبب الإرهاب والإهمال، يؤكد المهندس المعماري علاء الزبيدي، "نسب الإنجاز اليوم لا تتعدى 30 بالمئة، إما بتضرر تلك المنشآت نتيجة الحرب على داعش من جهة، أو تركها عرضة للهدم والإهمال دون متابعة". صورة أخرى ترسمها دائرة صحة صلاح الدين على الموقع الرسمي للمحافظة.
فهي تؤكد ان مستشفى طوارئ تكريت استقبلت اكثر من 2660 مريضاً وأجرت 30 عملية جراحية كبرى، وإن "جميع الخدمات لاقت استحسانا من قبل المواطنين".