محتجون في قضاء الدجيل أمام هيكل مستشفى الدجيل المتروك منذ 5 سنوات
محتجون في قضاء الدجيل أمام هيكل مستشفى الدجيل المتروك منذ 5 سنوات

 حررت محافظة صلاح الدين من قبضة تنظيم داعش قبل ثلاث سنوات، بعد أن خلّف التنظيم دمارا واسعا.

وكان لسيطرة التنظيم الإرهابي على 15 مستشفى ومؤسسة صحية، أثره الواضح في تراجع الخدمات العلاجية والوقائية في المحافظة.

بعد داعش جاء وباء آخر اسمه "عدم توفر التخصيصات المالية" ليستمر تعثر المؤسسات الصحية وعجزها عن خدمة المواطنين.

"التخصيصات المالية المتعلقة بمشاريع القطاع الصحي، واجهت طريقا مغلقة" يؤكد على الدجيلي عضو مجلس المحافظة.

ويضيف "كحكومة محلية لا يمكننا فعل شيء، الأمر بيد وزارة الصحة وهي لم تفعل شيئا حيال إعمار المستشفيات التي تضررت من جراء سيطرة داعش عليها، واتخاذها ثكنات لعناصره". 

ويؤكد محافظ صلاح الدين أحمد الجبوري الأمر ذاته: "أسباب تأخر عملية تأهيل المستشفيات في المحافظة، تعود بالدرجة إلى الأزمة المالية".

 

فشل كلوي أم إداري؟

يتفق هادي الخزرجي وصديقه جعفر، وهما من أبناء قضاء الدجيل (جنوب صلاح الدين)، على كونهما ضحية الفشل الإداري وليس الفشل الكلوي فقط.

يقول هادي (55عاماً) "أعاني الفشل الكلوي، ومرضي يحتاج إلى عناية مستمرة متمثلة بغسيل الكلى، اضطر للذهاب إلى مستشفى الكاظمية ببغداد والمسافة الطويلة تؤثر سلباً على صحتي".

ويتحدث المواطن (أبو سارة) عن حاجة قضاء الدجيل إلى مستشفى "منذ سنين وليس لدينا سوى مركز صحي واحد لا يفي باحتياجاتنا".

أما (الحاج هاشم) فلم يتوقع أن تفارق زوجته الحياة بعد إحالتها إلى مستشفى الكاظمية ( 70 كم عن الدجيل)، لإجراء عملية ولادة.

مؤخرا تجمّع عدد من أهالي الدجيل أمام هيكل مستشفى أوقف العمل به، واحتجوا على "الإهمال الذي تعاني هذه المدينة التي صمدت بوجه داعش" بحسب أحد وجهاء المدينة، الشيخ مهدي الزبيدي.

المحتجون تساءلوا بغضب "العالم وصل في التكنولوجيا الطبية الى مستويات خيالية وقضاء الدجيل لا يزال يفتقر الى مستشفى لمداواة مرضاه. نطالب المسؤولين أن يلتفتوا إلى هذا القضاء الذي أرخص الدماء من أجل الوطن".

عاجزون بنسبة 60 بالمئة؟

وعلى الرغم من وجود 15 مستشفى في المحافظة إلا أن الحاجة الفعلية تفوق الواقع، نظرا لسعة مساحة المحافظة بمركزها وأقضيتها ونواحيها، فضلا عن نتائج سيطرة داعش، يؤكد خالد برهان معاون مدير عام الصحة، "نسبة الضرر في مستشفياتنا 60 بالمئة".

مستشفى صلاح الدين المكوّن من 400 سرير، تعرض إلى ضرر كبير في بنيته، إبان سيطرة داعش على المحافظة، وتأهيله تم عبر منظمات عالمية ومنها "يو أن دي بي" التي تتولى أيضا تأهيل مشفى تكريت التعليمي بعد عجز وزارة الصحة عن ذلك.

الممرض في مستشفى الضلوعية خليل الجبوري قال "لولا تبرعات أهالي المدينة لما استطعنا تشييد مستشفى رغم قلة أجهزتها".

مشروعات صحية تراجعت أوضاعها بسبب الإرهاب والإهمال، يؤكد المهندس المعماري علاء الزبيدي، "نسب الإنجاز اليوم لا تتعدى 30 بالمئة، إما بتضرر تلك المنشآت نتيجة الحرب على داعش من جهة، أو تركها عرضة للهدم والإهمال دون متابعة". صورة أخرى ترسمها دائرة صحة صلاح الدين على الموقع الرسمي للمحافظة.

فهي تؤكد ان مستشفى طوارئ تكريت استقبلت اكثر من 2660 مريضاً وأجرت 30 عملية جراحية كبرى، وإن "جميع الخدمات لاقت استحسانا من قبل المواطنين".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.