في محافظة ذي قار جنوبي العراق، يتداول الناس الحديث عن حركة دينية سرية يطلق عليها تسمية "المولوية".
السلطات الأمنية في المحافظة أعلنت اعتقال العشرات من "المنتمين إلى الحركة المولوية"، بتهمة "الوقوف ضد أفكار المرجعية الدينية وزعزعة الأمن".
يقول رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ذي قار جبار الموسوي إنّه تمّ إلقاء القبض على 45 عنصرا من هذه الحركة "التي تكفر المراجع".
ويضيف في حديث لـ(ارفع صوتك) أن المولوية تنظيم يضم نحو "أربعة آلاف شخص" ينتشرون في المحافظات الجنوبية وينشطون في ذي قار.
يرتبط كل 50 شخص من الحركة بقيادي يسمى "المولوي"، ويعتبر أتباع المولوية المرجعية الدينية "بدعة"، ويرون ضرورة أن يكون "عقل الشخص هو مرجعه".
وتعتبر الحركة أن بإمكان الإنسان أن يكون مرجعا لنفسه بعد "قراءة كتب الأحاديث الدينية والتفقّه بأمور الدين"، بحسب الموسوي الذي قال إن الحركة نشطت أواخر عام 2017 تحت اسم "السلوكية"، أو "أولاد الله"، ومن ثم تغير اسمها إلى "المهدوية"، وانتهت عند "المولوية".
ويقول الموسوي إن الأجهزة الأمنية حصلت على هذه المعلومات بعد إجرائها تحقيقات أولية مع معتقلين من أتباع الحركة.
ظهور المنقذ
وعلى الرغم من أن هذه التيارات هي أقلية بين المسلمين الشيعة في العراق، لكن ظهورها يتكرر.
في عام 2008 ظهرت جماعة "أنصار المهدي" التي تدّعي أنها ممهدة لخروج الإمام المهدي، ثاني عشر الأئمة عند الشيعة.
وسبقها في 2007 ظهور مجموعة "جند السماء"، التي دخلت باشتباكات عنيفة مع قوات الأمن، أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الجانبين قبل أن تكتب نهايتها.
تتفق تلك الجماعات على الدعوة إلى "تنظيف" المذهب، تمهيداً لخروج الإمام المهدي الذي لن يخرج إلا بتوفّر شروط يعتبرون أنها يجب أن تتحقّق سريعاً.
لكن "التنظيف" سرعان ما يتحول إلى أعمال عنف يروح ضحيتها العشرات.
يقول الأستاذ في الحوزة (المدرسة الدينية لدى الشيعة) الشيخ ناصر الأسدي إن تلك الحركات "تسعى إلى نشر الفساد في المجتمع وصنع الأزمات، مبررة ذلك بالرغبة في تعجيل ظهور الإمام المهدي".
يقول الأسدي إن "هذه القناعة مخالفة لضوابط العقل والشرع، فانتشار الفساد يجب أن يكون لا إراديا وليس مصطنعا".
القانون هو الحل
ومع أن قانون العقوبات العراقي لا يتضمن فقرة تجرم "المعتقدات الدينية"، إلا أن رئيس اللجنة الأمنية في حكومة ذي قار المحلية يشدد على أن "الاعتقال والمحاسبة القانونية ضرورية في حالة المولويين".
ويوضح أنه على الرغم من أن القانون يضمن حرية التعبير واعتناق الديان، لكن "لا يمكن اعتبار (آراء) هذه الفرقة ضمن اعتبارات ضمان حرية الرأي، لأنهم يحرضون على الفساد وقتل رجال الدين المسلمين".
ويقول الموسوي "تم اعتقالهم وفق المادة 27 المتعلقة بحيازة الأسلحة، والمادة المتعلقة بزعزعة الوضع الأمني داخل المحافظة".
ولا يستبعد رئيس اللجنة الأمنية في ذي قار أن تكون الحركة "مرتبطة بجهة دولية خارجية بسبب المطبوعات والكتب التثقيفية التي ينشرها أتباع الحركة".
حتى الآن لم يقم أتباع الحركة المولوية بأي نشاط مسلح، لكنهم "يمتلكون الأسلحة الخفيفة"، بحسب الموسوي.
يقول الشاب كمال العسكري (28 عاما) إن "حالات الانتحار وتجارة الحبوب والمخدرات والمشاكل العشائرية"، هي ما يتصدر أخبار المحافظة، "والآن أضيفت الحركات الدينية الشاذة" إلى كل ذلك، بحسب وصفه.
ويحمّل كمال، الذي يقطن في قضاء سوق الشيوخ بذي قار، رجال الدين مسؤولية الحالات الاجتماعية والنفسية التي يعاني منها المجتمع.
ويضيف في حديث لموقع (ارفع صوتك) "هذا يتحمله الخطباء الذين اتخذوا من المنبر مصدر رزق وليس منبرا لتوعية المجتمع"، مضيفا أن "هذه الحالات يجب أن تعالج فكريا وليس بالقوة".