القوات العراقية تتقدم في المناطق الصحراوية على الحدود السورية بمحافظة الأنبار/وكالة الصحافة الفرنسية
القوات العراقية تتقدم في المناطق الصحراوية على الحدود السورية بمحافظة الأنبار/وكالة الصحافة الفرنسية

الفلوجة - رشيد الجميلي:

عادت أخبار الخروقات الأمنية والهجمات المسلحة التي يشنها داعش على المدن المحررة في الأنبار لتذكّر بأسلوبه القديم في الاغتيالات واستهداف المواقع الحكومية والمؤسسات المدنية.

"تصاعدت الهجمات المباغتة ضد الدوريات والكمائن، ووصلت السيطرات الوهمية على الطرق السريعة والعمليات الانتحارية إلى مناطق محاذية للعاصمة بغداد"، يقول ضابط في وزارة الدفاع العراقية طلب عدم الكشف عن اسمه كونه غير مفوض بالتصريح لوسائل الإعلام .

وفي تلك المحاولات يسعى تنظيم داعش إلى "تنظيم صفوفه بعد الهزيمة التي مني بها في العراق عن طريق القيام بعمليات هنا وهناك لكننا جميعا مستعدون وجاهزون للمواجهة"، يقول الناطق الرسمي باسم "مجلس العشائر المتصدية للإرهاب"، الشيخ غسان العيثاوي.

وفيما تبدو المعركة ضد داعش قد انتهت داخل المدن التي سبق للتنظيم أن احتلها في 2014، إلا أن "المعركة الأخيرة وهي معركة إنهاء الوجود لم تنته، وذلك لوجود جيوب وخلايا نائمة تابعة لداعش"، يوضح المسؤول العشائري.

قد لا تكون القوات الأمنية جاهزة الآن لهذه المعركة، فالأنبار هي:

* امتدادات صحراوية واسعة (تشكل المحافظة نحو ربع مساحة العراق).

* عدد القوات لا يكفي لتأمين هذه المساحات.

* ضعف العامل الاستخباراتي وغياب الوسائل المتطورة للمراقبة.

ومع كل هذا، تقوم القوات الأمنية بعمليات نوعية في صحراء الأنبار، كان آخرها قتل سفّاح داعش المدعو (إسماعيل محمد عبود)، وعملية على حدود القائم أدت إلى مقتل العشرات من عناصر داعش.

وثمة قناعة راسخة بين قيادات محلية في الأنبار تؤكد أن "النصر على داعش تحقق لكن المعركة لم تنته". وهو ما يعبّر عنه رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار نعيم الكعود.

بقاء المعركة مفتوحة مع التنظيم الارهابي، تفرضه مؤشرات واقعية. "هنالك إرادة خارجية وداخلية داعمة للإرهاب ولا تريد للعراق الاستقرار، فضلاً عن وجود قيادات ما زالت طليقة في صحراء الأنبار وخلايا نائمة"، يؤكد المسؤول المحلي.

​​

ماذا في قلب الصحراء؟

يلفت المسؤول الأمنيون في الأنبار إلى أن عناصر داعش "مستعدون لمرحلة ما بعد هزيمة التنظيم"،  عبر دفن ترسانة من الأسلحة المتوسطة و الثقيلة في وديان الأنبار وصحرائها، والانفاق بالقرب من المدن المحررة مثل الرطبة والقائم وهيت.

القوات الأمنية العراقية في مواجهتها المتواصلة مع داعش وضعت اليد على أسلحة كثيرة، يوضح نعيم الكعود.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.