جحجيح مع عدد من تلاميذ مدرسته في رحلة كشافة/  من صفحته على فيسبوك وتنشر بإذن منه
جحجيح مع عدد من تلاميذ مدرسته في رحلة كشافة/ من صفحته على فيسبوك وتنشر بإذن منه

الزمان: عطلة نهاية الأسبوع.

المكان: مدرسة الحلة الابتدائية المختلطة في منطقة البلديات شرق بغداد.

يواجه مدير المدرسة، حميد جحجيح، تلميذا له في المرحلة الثانية، بعد تحدي الأخير لجحجيح في لعبة الشطرنج.

لعبة شطرنج بين المدير والتلميذ/ من صفحته على فيسبوك وتنشر بإذن منه

​​

ينتهي السباق بثلاث نقاط للتلميذ مقابل صفر للمدير، ويرفع الطرفان رقعة الشطرنج بابتسامة.

ورغم عدم وجود دوام رسمي، يصّر جحجيح على القدوم لتنظيف المدرسة وترتيب الصفوف.

مدارس بدون طفولة

يهتم هذا المدير أيضا بثقافة الطفل والنشاط المدني. وكان هذا سببا في تعرضه إلى مشاكل كثيرة.

ويرى جحجيح أن المدارس في العراق بتصاميمها المختلفة لا تمثل "بيئة ملائمة للأطفال ولا للتربية"، فبناياتها الضيقة وغياب مساحات اللعب يجعلها أقرب إلى "المؤسسات الحكومية".

جحجيح ينظف المدرسة أثناء عطلة نهاية الأسبوع/ من صفحته على فيسبوك وتنشر بإذن منه

​​وهو ما دفعه إلى البحث عن أسلوب يعوض الأطفال عما يصفه بـ"عدم ممارسة الطفولة".

يقول جحجيح في حديث لـ(ارفع صوتك) "نحن استثمرنا درس التربية الفنية. حاولنا تحسين البيئة المدرسية ومنح الطفل مساحة ليمارس أشياء لها علاقة بطفولته كالرسم والموسيقى والتمثيل".

لكن في مدرسة الحلة التي تحتوي على 24 حصة في الأسبوع لمادة الفنية، لا يوجد مدرّس لهذه المادة وهو ما دفع ببعض المعلمين والإدارة إلى المبادرة في عمل الأنشطة الفنية.

يساعدهم بشكل رئيس علاء الخالدي، وهو معلم موسيقى في إحدى المدارس الأهلية، تبرع بيوم كل أسبوع، يقدم فيه أربع حصص موسيقى بدون مقابل.

الموسيقى حرام!

"حصص الموسيقى والفنية أتت بنتائج إيجابية، وربما أصبحت أهم الحصص التي تقدم في المدرسة"، وفق ما يؤكد جحجيح.

لكن الأمور لم تستمر على ما يرام، فمنطقة البلديات حيث تقع مدرسة الحلة، تمتاز أنها منطقة خاضعة لسطوة الأعراف القبلية المتشددة. كما "تهيمن الأحزاب الإسلامية عليها"، إضافة إلى أن أهالي المنطقة يحرمون الموسيقى ومعظم أنواع الفنون.

يقول مدير مدرسة الحلة "تقدم الناس بشكاوى إلى مديرية تربية الرصافة الثانية، لكن المديرية وقفت إلى جانبنا، لأننا لا نخالف القانون أو التعليمات".

أصر جحجيح على الاستمرار في تقديم حصص الموسيقى والرسم، متحديا سطوة الأهالي وغضب معظمهم.

ويعتبر جحجيح أن مادة الفنية هي فرصة بإمكان وزارة التربية استغلالها في إنتاج جيل مثقف مختلف عن الأجيال السابقة، لكنها "للأسف لا تهتم بهذا الموضوع".

بيئة غير سليمة

ويصف مختصون بعلم النفس البيئة الدراسية في العراق بـ"غير السليمة".

وتقول أستاذة علم النفس في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز "كثير من السلوكيات المنحرفة بدأت تظهر على الأطفال في المدارس"، والسبب أن المدارس أصبحت "بيئة منفّرة وليست جاذبة".

وتقف وراء تراجع الدراسة جملة أمور، بدءا من اكتظاظ الصفوف بأعداد كبيرة من الطلبة مرورا بالمناهج الدراسية، وليس انتهاءً عند تنسيق الحصص الدراسية في الجدول الأسبوعي.

يضاف إلى ذلك غياب وسائل الإيضاح وباقي عناصر التشويق والحداثة في عرض المعلومات، فضلا عن البنى التحتية المتهرئة للمدارس، وحرمان تلاميذها وطلبتها من حصص الفنون والرياضة.

وتضيف عبد العزيز في حديث لـ(ارفع صوتك) "إذا سألنا أي طالب هل تحب المدرسة؟ سيجيب بكلمة لا".

وتصف أستاذة علم النفس وضع الطالب أو التلميذ بـ"السجين"، لأن الحصص الأسبوعية "تركز على المناهج العلمية وتهمل النفسية والأخلاقية والفنية".

وتشدد على ضرورة أن تكون هناك حصص ترفيهية وأنشطة لاصفية للترفيه عن الطلبة بعد يوم دراسي طويل.

جحجيح مع تلاميذه/ من صفحته على فيسبوك وتنشر بإذن منه

​​​العنف في المدارس

ويفتح مدير مدرسة الحلة بابا جديدا لمظاهر الخلل التعليمي في المدارس، متمثلا باستخدام العنف في التعامل مع الأطفال.

يقول جحجيح "استخدام العنف بكل أنواعه سواء الجسدي أو اللفظي أو النفسي، لا يأتي سوى بالنتائج السلبية للمعلم وللطفل".

ويرى أن العلاقة بين المعلم والطفل طردية، فـ"كلما ساد الاحترام، عززنا الثقة وحصلنا على تلاميذ متفوقين وذوي شخصية قوية".

في هذا السياق، تؤكد عبد العزيز أن العنف يمس بعملية بناء شخصية الطفل، ويعرقل تكوينها كشخصية سوية في المستقبل.

وتوضح "تبدأ الممارسات المنحرفة تظهر على سلوكيات الأطفال في المدارس، كالتدخين والتسرب من قاعات الدرس وارتياد المقاهي أثناء وقت الدوام".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.