تسعى إيران إلى خلق تنظيمات على طراز حزب الله عمادها مقاتلوها من سورية والعراق وأفغانستان وباكستان/وكالة الصحافة الفرنسية
عناصر من مقاتلي حزب الله -أرشيف

دعم حزب الله منذ وقت مبكر النظام السوري في حربه ضد فصائل المعارضة، لكنه لم يعلن عن ذلك بشكل صريح إلا سنة 2013.

وقال الأمين العام للحزب حسن نصر الله في خطاب تلفزيوني حينها إن "ثلة من مقاتلي الحزب يشاركون في القتال في سورية"، وبالضبط في معركة القصير التي اندلعت في منتصف سنة 2013، وانتهت بسيطرة قوات بشار الأسد وحزب الله على المدينة.

وصف نصر الله مقاتليه بصناع "انتصارات" معركة القصير، التي لا تبعد عن الحدود اللبنانية بأكثر من 15 كيلومترا.

بعدها، اصطف مقاتلو الحزب إلى جانب النظام السوري في باقي المعارك، من حلب إلى ريف دمشق وحمص وحماة واللاذقية.

أربع مدن رئيسية

ينتشر عناصر حزب الله في أربع مدن ومناطق رئيسية: حلب، حمص، ريف دمشق، ريف حماة، وعدد من المراكز العسكرية الاستراتيجية.

في حلب، شارك الحزب في معركة استعادة المدينة من قبل النظام السوري. وأسس مركزا لإدارة عمليات معارك ريف حلب. وشارك مقاتلوه في معارك، كانوا في بعضها وحدهم في مواجهة مقاتلي المعارضة.

في محافظة حمص، ظهر حزب الله بشكل علني عام 2012 بعد معركة القصير. انتهت المعركة بدمار المدينة. وما يزال الحزب ينشر قواته فيها إلى حدود اليوم.

ونشر حزب الله قواته في مدن أخرى كدمشق وريفها والقنيطرة والزبداني ودرعا، واللاذقية وريفها وطرطوس.

تكبد الحزب خسائر كبيرة في سورية، وفقد حتى منتصف العام الماضي أكثر من 1040 مقاتلا حسب مجلة نيوزويك الأميركية.

وجاء على رأس القتلى قائده العسكري مصطفى بدر الدين الذي قتل في قصف مدفعي استهدف موقعا قريبا من مطار دمشق في أيار/م​​ايو 2016.

 

القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين

 

انتهاكات حزب الله

لم تمر مشاركة حزب الله في الحرب السورية، دون أن تثير حفيظة القوى السياسية اللبنانية.

رئيس الجمهورية حينها، ميشال سليمان، انتقد "استقلال" حزب الله عن منطق الدولة وانخراطه في الحرب السورية.

صبحي الطفيلي، الأمين العام السابق لحزب الله وأحد أبرز مؤسسيه، قال إن زج حزب الله في معركة سورية فتح الباب أمام حرب مذهبية في البلاد.

واتهم الطفيلي الحزب بأنه مجرد ذرع لإيران في سورية.​​

وبدوره، اتهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حزب الله بأنه "جاء بالإرهابيين إلى لبنان نتيجة ذهابه للحرب في سورية".

وتلاحق حزب الله اتهامات بارتكاب مجازر في عدد من المدن السورية، في مقدمتها مدينة القصير وريفها. وأظهر شرائط فيديو منشورة على الإنترنت قيام مقاتليه بإعدام جرحى من المعارضة.

واتهم عناصر حزب الله بالمشاركة في مجازر أخرى، أبرزها مجزرة قرية تل شغيب ومجزرة قرية العدنانية ومجزرة قرية أم عامود ومجزرة قرية رسم النفل ومجزرة المزرعة، عام 2013. وكلها في ريف حلب.

ويتمتع حزب الله بسلطات مطلقة في مواقع انتشاره بسورية. ولا توجد نية لديه للانسحاب. وسبق للأمين العام للحزب حسن نصر الله أن قال إن وجود مقاتليه في سورية "قائم ما دامت الأسباب قائمة".

والاثنين فقط، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرا قالت فيه إن "قوات متحالفة مع النظام، مثل حزب الله اللبناني، تتمتع بصلاحية الاعتقال والتعذيب والإخفاء القسري".

وفي تصريح صدر في شباط/فبراير الماضي، قال وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون، إن وجود حزب الله في سورية زاد من سفك الدماء ونزوح الأبرياء.

وعاقبت وزارة الخزانة الأميركية، في شباط/فبراير، ستة أشخاص على صلة بحزب الله بحظر أنشطتهم التجارية وتجميد أصولهم المالية.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.