من الاحتفال الرسمي باعلان سامراء عاصمة العراق للحضارة الإسلامية
من الاحتفال الرسمي باعلان سامراء عاصمة العراق للحضارة الإسلامية

علي عبد الأمير وهشام الجبوري

قبل نحو 1200 عام، وتحديدا في 835 م بنى الخليفة المعتصم، مدينة سامراء، التي دفن فيها بعد وفاته في 842 م (ولد ببغداد 796 م).

وتتناقل الكتب التاريخية حكاية عن المعتصم (هو أبو إسحاق محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد) كان في عهد أخيه المأمون واليا على الشام ومصر، إنه جاء يبحث عن موضع لبناء عاصمته، فوجد هذا الموضع (سامراء)، وقام بتخطيط مدينته التي انتقل إليها مع قواته وديوانه، ولم يمض إلا زمن قليل حتى قصدها الناس وشيدوا فيها المساكن والمصالح العامة.

لكن أبرز أثر عرفت به سامراء، والمتمثل بالجامع الكبير ومنارته "الملوية"، لم يبن في عهد المعتصم، بل في عهد ابنه (الخليفة العاشر)، أبو جعفر المتوكل الذي بنى عام 859 م بنى "مدينة المتوكلية"، وشيّد الجامع الكبير ومنارته الشهيرة.

سامراء التاريخية، وبعد نحو 400 عام على بنائها، انتهت فعليا، وتعرضت إلى تدمير شبه كامل أثناء الغزو المغولي 1258 م، فهدمت أسوارها ومبانيها.

إقرأ أيضا:

الثانية في الأهمية بعد بابل.. كيف يمكن إحياء آثار صلاح الدين

وقبل أيام أصبح للعراق عاصمة جديدة، حين أعلنت مدينة سامراء رسمياً، "عاصمة العراق للحضارة الإسلامية". وجاءت هذه الخطوة بعد إقرار مجلس النواب لقانون تم التصويت عليه في الخامس من آذار/مارس الماض ، ويقضي بجعل سامراء عاصمة للحضارة الإسلامية.

​​

من "أسوأ مدن العالم".. حاليا!

عواصم العراق باتت متعددة، فبعد بغداد التي بناها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في أربع سنوات 762-766 م على شكل دائرة وأطلق عليها اسم مدينة السلام أو دار السلام، كانت هناك  البصرة "عاصمة العراق الاقتصادية"، بمقابل أربيل "عاصمة إقليم كردستان"، لكن تكاثر هذه العواصم والدعوات إليها، لم تغير من حقيقة إن تلك المدن، وتحديدا بغداد، هي من بين أسوأ مدن العالم القابلة للعيش.

وتسمية سامراء عاصمة العراق للحضارة الإسلامية، لا بد لها "من تفعيل ميداني، يرافقه تخصيص مبالغ مالية مناسبة لإنجاحها كمشروع ثقافي وسياحي"، حسب ما تراه عضوة لجنة الثقافة البرلمانية، ليلى البرزنجي، التي تشكك بـ"جدية الحكومة المركزية في تنفيذه وعموم خطة وضع سامراء ضمن المحميات الدولية الثقافية".

 

إقرأ أيضا:

سامراء مدينة السياحة الدينية .. بلا فنادق

ويعتقد زميلها النائب عبد القهار السامرائي، أن "على الحكومة زيادة إمكانيات الدوائر المحلية في سامراء لرفعها إلى مستوى محافظة لضمان تنفيذ المشروع".

​​

الدعوات بضرورة تأهيل مدينة سامراء بما يجعلها تستحق فعليا تسمية "عاصمة العراق للحضارة الإسلامية" يؤكدها نائب محافظ صلاح الدين إسماعيل الهلوب، "ضرورة تخصيص موازنة خاصة بسامراء، كي يتنسى لها تحصين تأريخها وحمايته من الإهمال المتعمد".

وللأهالي شكوكهم

مواطنون من سامراء يعتقدون أن الإعلان الجديد الخاص بمدينتهم دعاية. سامر العباسي (30 عاماً) يقول "القرار دعاية انتخابية، وضحك على الذقون، ورقص على جراحنا"، أما محمد عبد الجبار فيوضح " سامراء لم تعد مهيأة لاستقبال قرارات سياحية وثقافية مهمة، لان لغة السلاح هي من تخيم عليها".

 

إقرأ أيضا:

مثقفو صلاح الدين: التشدد الديني والاجتماعي يمنع وجود كلية للفنون

وليس بعيدا عن النبرة الشعبية المتشككة، يتحدث رئيس جامعة سامراء الدكتور موسى جاسم محمد الحميش" لقد قدمنا الدراسات العلمية والتاريخية التي تدل على أحقية سامراء بالاهتمام سياحيا وثقافيا، لكننا نجهل الأسباب التي تقف وراء عدم أخذ دراساتنا بعين الاعتبار".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.