تطالب منظمة الصحة العالمية بوقف اختبارات العذرية
تطالب منظمة الصحة العالمية بوقف اختبارات العذرية

فحص العذرية "طلبه حرام وفعله حرام"، تقول دار الإفتاء الأردنية في فتوى رسمية أصدرتها سنة 2009.

هيئة كبار العلماء السعودية هي الأخرى سبق أن أفتت، على عهد رئيسها عبد العزيز بن باز (توفي سنة 1999)، بأن فحص العذرية لا يجوز، إلا أن الفتوى تحدثت عن "حالات استثنائية" يجوز فيها الفحص، "كأن أن تسعى الفتاة إلى رد تهمة عنها".

وعلى شبكة الإنترنت، تنتشر فتاوى كثيرة تحرم فحص العذرية. تقول إحداها على موقع الإسلام سؤال وجواب: "لا يجوز للرجل أن يذهب للطبيب ليتأكد من بكارة عروسه لأن ذلك من سوء الظن ومن تتبع عورات الناس".

وتشدد فتوى الإفتاء الرسمية: "مجتمعنا أشرف وأنظف وأغير وأنبل من أن تُعامل فيه البنات والأخوات هذه المعاملة المهينة".

رغم ذلك، إجراء كشوفات العذرية أمر سائد في الدول العربية قبل الزواج.

العرف فوق القانون

لا تنص القوانين في الدول العربية على ضرورة إجراء اختبار العذرية للفتيات المقبلات على الزواج، بل إن دولا تمنع ذلك.

في آذار/مارس 2016، أوقفت السلطات الجزائرية منح شهادات العذرية بعد تعديلات على قانون الأسرة، حفاظا على خصوصية وحرمة المرأة بحسب ما أوردته جريدة الشروق.

وأصبحت هذه الشهادات لا تعطى إلا في حالات التعرض للاغتصاب أو التورط في أعمال إجرامية.

وفي المغرب، تقول "الجمعية المغربية للعلوم الجنسية" إنها تعتزم تقديم مقترح قانون لمنع منح شهادة العذرية.

"هذه الشهادة فيها إفشاء لسر المهنة، وإهانة للمرأة إذا فرض عليها الإدلاء بها من طرف زوجها أو عائلتها"، يقول عبد الرزاق مسعيد، عن الجمعية المغربية للعلوم الجنسية.

لا ينص قانون الأسرة المغربي سوى على شهادة تؤكد خلو المقبلين على الزواج من الأمراض المتنقلة جنسيا، لكن الكثير من الفتيات يلجأن إلى استصدار شهادات لإثبات العذرية بمبادرة منهن أو بناء على طلب خطبائهن.

تقول خديجة الرباح، الناشطة الحقوقية في الجمعية الديمقراطية لنساء  المغرب، إن استمرار العمل بهذه الوثيقة يشكل انتقاصا من كرامة المرأة وربطا لشرفها بوثيقة لا أخلاقية ولا قانونية.

وتطالب منظمة الصحة العالمية الدول بوقف اختبارات العذرية. وتصفها بالاستفزازية والمهينة.

وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة، في كتيب أصدرته سنة 2014، إن هذه الاختبارات "لا قيمة علمية لها". ودعت العاملين في مجال الصحة إلى عدم إجرائها.

"هذه الشهادة لا علاقة لها بالشهادة الطبية التي تسلم من طرف الطبيب لإثبات خلو الشخص من الأمراض. وإنما هي تقليد اجتماعي يتداخل فيه ما هو ديني وعرفي"، يقول عبد الرزاق مسعيد وهو طبيب مغربي متخصص في الأمراض الجنسية.

في مصر، أثارت واقعة غريبة بطلها نائب برلماني مصري جدلا عام 2016 حينما طالب عضو مجلس النواب إلهامي عجينة بالكشف عن عذرية الطالبات في الجامعات المصرية بشكل دوري لإثبات أنهن "آنسات".

وطالب النائب بأن يكون الكشف شرطا لولوج الجامعة، وكذريعة للحد من الزواج العرفي!

تصريحات إلهامي عجينة قادته إلى الوقوف أمام لجنة تحقيق برلمانية.

الأيزيديات وفحص العذرية

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن السلطات في إقليم كردستان العراق أجرت اختبارات لكشف العذرية لمختطفات سابقات، من الأقلية الأيزيدية، لدى تنظيم داعش.

وتعرضت الأيزيديات، بعد اجتياح التنظيم لجبل سنجار شمال العراق صيف 2014، لعمليات اغتصاب واعتداءات، واسترقاق جنسي، وتزويج قسري.

وأجرت السلطات الكردية اختبارات العذرية لعدد من المختطفات "في إطار الفحص الشرعي لما بعد الاغتصاب"، تقول هيومن رايتس ووتش.

وحسب قاض، يرأس لجنة لجمع الأدلة حول جرائم داعش، فإن هذه الاختبارات تعتبرها المحاكم العراقية دليلا على اغتصاب الأيزيديات.

لكن سلطات الإقليم أوقفت هذه الاختبارات بعد أن "اعتمدت تقرير فحص طبي جديد بشأن العنف الجنسي، يعتمد على توصيات الأمم المتحدة ويتوافق مع حقوق الإنسان والممارسات المثلى"، تقول هيومن رايتس ووتش.

الشرف لا يقاس بالشهادات الطبية

يقول الفقيه المغربي عبد العزيز الطاهري إنه من الصعب إقناع المجتمعات التقليدية وتغيير نظرتها حول اختبارات كشف العذرية.

هذه الاختبارات أحيانا "ينظر إليها على أنها الوحيدة التي تثبث شرف وعذرية الفتاة، ويتم التباهي بذلك"، يقول. ويردف "الشرف لا يقاس بالشواهد الطبية".

ويوضح الباحث في الفقه الإسلامي أن إخضاع المرأة لفحص العذرية اتهام صريح لها بفساد الأخلاق.

"لا يتناسب هذا مع الشرع والدين الذي حصن النساء وحرم قذفهن"، يقول.

ويرى الخبير القانوني والمحامي بهيئة الرباط، خالد الحجازي، إن إخضاع المرأة لفحص العذرية يتعارض مع روح القوانين والمواثيق التي صادقت عليها الدول العربية، خاصة تلك تجرم كل أشكال التمييز.

ويطالب المحامي المغربي الدول العربية بسن قوانين لمنعها.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.