طلاب في إحدى المدراس بصنعاء/وكالة الصحافة الفرنسية
طلاب في إحدى المدراس بصنعاء/وكالة الصحافة الفرنسية

في كتاب التربية الإسلامية للصف الثاني الثانوي في المنهج الدراسي باليمن نصوص تؤكد على أن الإسلام كفل لغير المسلمين من اليهود والمسيحيين حرية العقيدة والعبادة وممارسة شعائرهم الدينية دون قيود.

ويشير الكتاب بهذا الخصوص إلى ما يعرف بـ “وثيقة المدينة” التي وقعها الرسول محمد مع يهود يثرب والتي نصت على أن “للمسلمين دينهم ولليهود دينهم”. وأكدت على التعايش وتبادل المنافع المشتركة بين الطرفين، وعدم الغدر والخيانة، ونصرة المظلوم وحماية الجار ورعاية الحقوق العامة والخاصة.

ويذكر كتاب التاريخ للصف الثامن الأساسي أن “التسامح كان أهم الأسس الأخلاقية للمجتمع في الحضارة الاسلامية”. ويضيف “لا غرابة في ذلك فقد ورد ذكر التسامح ومعانيه أكثر من 40 مرة في القرآن، وورد ذكر العفو أكثر من 35 مرة”.

لكن أكاديميين ومعلمين يمنيين يرون أن هذه مجرد حالات نادرة في المناهج يشار فيها إلى قضايا تتعلق بحرية العقيدة والعبادة والتعايش بين المسلمين و"أهل الكتاب".

ويؤكدون أن هذه المناهج لم تعالج بشكل واضح غالبية القضايا الشائكة في المجتمع اليمني كالتطرف والإرهاب.

ويرى خبراء في الحقل التربوي والتعليمي أن مقررات اللغة العربية والتربية الإسلامية، كما هو الحال بالنسبة للمدارس أيضاً “تُعلم إيديولوجية دينية وليس ديناً”.

رأي طلاب

يقول بلال نصيب وهو طالب في الصف الثامن (15 عاماً) إنه لم يتلق طوال فترة دراسته أي دروس تحض على نبذ التطرف والإرهاب.

“بالعكس غالبية الكتب تدعو إلى الجهاد ضد الكفار”، يقول نصيب.

ويذكر أن كتاب اللغة العربية للصف الخامس يصف “الصليبيين بالكفار”، ويحرض ضد اليهود.

يوافقه في ذلك محمد نبيل، وهو طالب في الصف الثالث الثانوي في العاصمة صنعاء، قائلاً “نسمع عبر وسائل الإعلام بجرائم بشعة تقوم بها الجماعات الإرهابية لكن للأسف لا نجد شيئاً حول هذه الجماعات في المناهج الدراسية”.

يضف “عندما يتحدث كتاب التربية الإسلامية للصف الثالث الثانوي عن الشهادة في سبيل الله، وفضلها ومكانتها عند الله، لا يذكر أن الأمر مقيد فقط بالدفاع عن النفس والعرض والمال، وليس متعلقاً بالاعتداء على الآخرين وقتل المخالفين في الدين أو العقيدة أو الرأي بغير وجه حق”.

لا تطبق

ورغم وجود بعض الدروس التي تحض على التعايش والسلم الاجتماعي والحريات، إلا أن نبيل عبده، وهو مواطن يمني أربعيني وأب لخمسة أطفال، يقول إن “هناك انفصاماً بين ما هو موجود في الكتب وما هو موجود على أرض الواقع”.

“صحيح بعض المناهج تتحدث عن الحريات، لكننا نفتقدها في اليمن، وتتحدث الكتب عن التعايش بين المسلمين واليهود والمسيحيين، في حين نفتقر اليوم للتعايش فيما بيننا كمسلمين”، تابع نبيل بنبرة ساخرة.

وأشار إلى أن المناهج الحالية تلقينية لا تنمي لدى الطالب قدرات التفكير والانتقاد والاستكشاف والإبداع وحب المعرفة والاستطلاع.

التعايش والقبول بالآخر

من جانبها، قالت الدكتورة هدى العماد، وهي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة صنعاء، “مناهج التعليم الأساسي والثانوي لا تعالج قضايا التطرف والإرهاب، كما أنه ليس فيها أي تحريض أو تطرف”.

وأشارت إلى أن التطرف والتحريض يأتي عادة من الكتب المنهجية الجامعية، وبالتالي فإن الأكثر تقبلاً للتطرف هم طلاب البكالوريوس وما فوق.

الأكاديمية اليمنية التي أصدرت حديثاً كتاب بعنوان “الغلو والتطرف والتكفير” ترى أن “هناك مصادر أخرى للتطرف قد تكون مناهج شخصية أو جامعية فضلاً عن القنوات الفضائية”.

اعتراف

ويعترف الدكتور محمد السقاف، وهو وكيل قطاع المناهج والتوجيه في وزارة التربية والتعليم بصنعاء، بالقصور القائم في هذا الجانب.

ويقول السقاف لموقع (ارفع صوتك) “هناك بعض الدروس تتحدث عن القضايا المتعلقة بالتسامح وحقوق المرأة والطفل ونبذ التطرف لكن بشكل جزئي غير عميق”.

ويضيف “نحن معتمدون على مناهج سابقة، ولا نستطيع حالياً إضافة دروس جديدة تتعلق بالتطرف والإرهاب لأن ذلك سيتسبب بتضخم المنهج، ما يعني ضرورة حذف بعض الدروس لإدخال دروس جديدة وهذا يتطلب خبراء متخصصين وإمكانيات”.

مناهج طائفية

ويخشى باحثون ومراقبون من أن يأخذ الأمر منحى أكثر تطرفاً مع رغبة القوى المتحاربة في اليمن بجرّ التعليم إلى مربع الصراع السياسي والمذهبي لصالح أهداف ومشاريع غير وطنية.

ونهاية آذار/مارس 2017، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، تعليق دعمها لطباعة الكتب المدرسية، عقب اتهامات من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لجماعة الحوثيين، بإجراء تغييرات محدودة على الكتب المدرسية تحمل “توجهات الجماعة الطائفية”.

وينتظم في سلك التعليم العام باليمن، أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة، لكن هناك أيضاً أكثر من مليوني طفل خارج المدرسة جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ نهاية آذار/مارس 2015، حسب منظمة اليونيسف.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.