عاملان من بلدية الموصل أثناء عملية دفن عدد من جثث المدنيين في المدينة القديمة وسط الموصل
عنصران من قوات الدفاع المدني اثناء عملية دفن عدد من جثث المدنيين في المدينة القديمة وسط الموصل

لم تتجاوز وسن حسين، الـ 23 عاما من العمر.

لكنها أرملة، قتل داعش زوجها في انفجار سيارة مفخخة خلال معارك الموصل.

لم تصرف الحكومة أية تعويضات لوسن، "هناك الكثير من الاجراءات الروتينية والصعوبات التي تعيق معاملاتنا، الكثير من الأرامل يراجعن دوائر الطب العدلي والمحكمة ودائرة الأحوال الشخصية لإثبات أن أزواجهن قد توفوا أو قتلوا"، تقول وسن التي لم تستلم بعد مبلغ الإعانة من دائرة الرعاية الاجتماعية.

في أحسن الأحوال ستستلم وسن 150 ألف دينار عراقي شهريا (نحو 120 دولارا).

لكنها تعتبر نفسها "محظوظة" لأنها تمكنت من إثبات وفاة زوجها على يد داعش.

أمل عبد العظيم (39 عاما)، موصلية أخرى، تعاني ظروفا معيشية صعبة بعد أن قام التنظيم بإعدام زوجها عام 2016، بتهمة "التجسس لقوات التحالف".

تنزوي في إحدى غرف منزلها في المدينة القديمة من الموصل، وهي تفكر بمستقبل أطفالها الأربعة، فالعائلة لا تمتلك أي مصدر للدخل، ولا يوجد من يعيلها، وتعتمد على المساعدات التي يقدمها لها الجيران.

تقول أمل "حرمت من مستحقات الأرامل التي تقدمها الحكومة، لأن جثة زوجي ما زالت مفقودة، فالتنظيم أبلغنا بتنفيذ الإعدام به فقط دون أن يسلمنا جثته".

لا توجد حتى الآن أي إحصائيات بأعداد الأرامل في الموصل رغم مرور نحو تسعة أشهر على تحرير المدينة من داعش، بينما تشير الإحصائيات غير الرسمية إلى وجود الآلاف من النساء، اللواتي قتل داعش أزواجهن، أو سقطوا خلال العمليات العسكرية التي شهدتها المدينة العام الماضي، إضافة إلى وجود أعداد كبيرة من المفقودين الذين كانوا معتقلين في سجون التنظيم قبل تحرير الموصل.

وتريد مريم عثمان (45 عاما)، التي لم تحصل هي الأخرى على الإعانة المالية حتى الآن، تأسيس مؤسسة خاصة بشؤون الأرامل في الموصل.

وتضيف "بعض المنظمات غير الحكومية صادق في تعامله معنا، أما البقية فتقتصر مساعداتها على توزيع كيس من المواد الغذائية، قيمة المواد الموجودة فيه أقل من قيمة أجرة التاكسي الذي نستقله للوصول الى مقر المنظمة لاستلامها".

وترفض مديرية شؤون المرأة التابعة لوازرة العمل والشؤون الاجتماعية في الموصل، الإدلاء بأي تصريحات أو الكشف عن إحصائيات لوسائل الإعلام بحجة أنها غير مخولة من قبل الوزارة، لكن أحد موظفي المديرية الذي فضل عدم ذكر اسمه، كشف لـ(ارفع صوتك) عن أن "المديرية تعمل حالياً على تسجيل الأرامل في الموصل ضمن شبكة الحماية الاجتماعية لتوفير راتب شهري وهذا فقط ما نقدمه لهن في الوقت الحاضر".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.