جسر دمّره داعش في نينوى
جسر دمّره داعش في نينوى

متابعة: "ارفع صوتك"

بدت استعادة ذكرى سقوط النظام العراق السابق في 9 نيسان/ أبريل 2003، فرصة للحديث عن الآمال الأميركية، لا سيما بعد تمكن البلد من توجيه ضربة قاصمة لتنظيم داعش بالتعاون مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، واتجاه بغداد إلى مسار يحمل أملا تأخر كثيرا بالسلام والاستقرار، عبر انتخابات برلمانية تبدو حاسمة في رسم ملامح "عراق بلا داعش".

ويؤكد الباحث ثانسيس كامبانيس في مقال مطول نشره موقع "معهد سينتشوري" أنه كي يتعافى العراق فإن على الولايات المتحدة وحلفائها التزاما كبيرا وإلا "فسنظل جميعاً نعاني من الحصاد المرير لإسقاط دولة عربية حاسمة".

ويلفت إلى إن اللحظة الحالية تضع التزامات أميركا في حالة من "الارتياح الشديد"، فبينما يستيقظ العراق من آخر كابوس لداعش، فإنه يتعين على بقية العالم مساعدة البلاد على التعافي وإعادة البناء.

ويعترف الباحث "لا تستطيع أمريكا تحديد نتائج العراق، لكنها لا تزال تتمتع بنفوذ كبير"، يأمل في أن يتحقق عبر "هدفين أساسيين للسنة المقبلة: الحفاظ على الأمن المادي وتعزيزه في المناطق المحررة من داعش، والمساهمة في تشكيل حكومة وطنية مستقرة بعد انتخابات 12 ايار/مايو 2018".

وفي حين يبدو العرب السنة وقد "سقطوا من سلطتهم المهيمنة في نظام  صدام حسين في عام 2003"،  إلا إنهم مع فوضى مجتمعاتهم بعد فترة حكم داعش الدموية، يرون إمكانية في عيش مشترك مع الشيعة المهيمنين على الحكم.

وينقل الباحث عن صادق الركابي، عضو البرلمان والمستشار المقرب من رئيس الوزراء حيدر العبادي: قوله "لقد دفع السُنة ثمنا باهظا للطائفية"، معترفا أن معظم السنة لم يدعموا الجماعات المتطرفة مثل القاعدة و داعش.

وبشأن الأكراد بعد محاولة الانفصال الفاشلة في الخريف الماضي فإنهم "باتوا يعتقدون بأن الجغرافيا، والاقتصاد، وقوانين السلطة لا تسمح بمستقبل لهم سوى داخل حدود العراق". وهذا يعني بحسب الركابي: "الشعب العراقي يتجه نحو بناء وطني".

لكن هذه اللغة التصالحية حول "العيش المشترك"، تناقضها، كما يقول الكاتب، تقارير حول قيام عناصر من المليشيات الشيعية بالإساءة للسكان السنة "سرقوهم عند نقاط التفتيش، واستولوا على مصالحهم، وفي بعض المناطق هناك تقارير عن اغتيالات للسنة ليلاً".

ومع ذلك هناك ولأول مرة منذ عام 2003 "رؤية وطنية للعراق"، فقد "تمكنت قيادة العراق من تحقيق توازن كبير، والحفاظ على صداقات مع إيران، والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة، وتركيا" بل شهد العراق تعاوناً بين إيران والولايات المتحدة، حتى إن كان على مضض، خلال الحرب ضد داعش.

فرصة كبيرة للعراق وأميركا؟

و يوضح الباحث ثانسيس كامبانيس إن "إيران تمتلك العديد من الأذرع في العراق ويمكنها بالتأكيد أن تلعب دور المخرب إذا اختارت ذلك، لكن عدم الاستقرار في العراق يهددها أيضاً، ليس أقلها بسبب مشاركتها حدود برية تمتد إلى ما يقرب من ألف ميل".

ويختم مقاله بالقول "يواجه العراق الكثير من المخاطر، ولا تزال لدى الولايات المتحدة فرصة للعب دور مفيد للعراق، وفي الوقت نفسه تعزيز مصالحها الخاصة في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط واحتواء آفة العنف المتطرف. لا يوجد ضمان للنجاح، لكن ربما تكون هناك فرصة كبيرة لأول مرة منذ عام 2003. دعونا لا نضيعها".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.