جنود عراقيون أثناء التدريب/وكالة الصحافة الفرنسية
جنود عراقيون أثناء التدريب/وكالة الصحافة الفرنسية

أوّل قرار اتخذه الحاكم المدني الأميركي في العراق بول بريمر خلال المرحلة الانتقالية عام 2003 كان حلّ الجيش والأجهزة الأمنية.

في تلك اللحظة دخلت المؤسسة الأمنية العراقية مرحلة جديدة، شهدت خلالها تطورات، بعد أن كانت على حالها على مدى عقود طويلة.

أبرز تلك التغيرات إلغاء الخدمة الإلزامية والاكتفاء بالمتطوعين في الجيش وأجهزة الأمن الأخرى.

يقول اللواء المتقاعد عماد علو إن إلغاء التجنيد الإجباري "انعكس بشكل سلبي على عملية الضبط العسكري وقيادة المؤسسة العسكرية".

ويرى علو أن "إعادة بناء المؤسسة العسكرية كان فيه ضعف، الجيش أصبح وكأنه جهاز للأمن الداخلي".

ويتابع اللواء المتقاعد أن مراكز التدريب بالنسبة للجنود والضباط "ليست بمستوى التحديات لإنتاج قادة ومقاتلين بحجم الأحداث الأمنية التي واجهها العراق في مراحل القتال مع الجماعات الإرهابية".

لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع العقيد ليث النعيمي ينفي تأثر الضبط العسكري بموضوع إلغاء التجنيد الإجباري.

ويقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) إن المجند كان يقضي مدة التكليف، ولا يهتم بالانضباط، على عكس المتطوعين سواء اليوم أو بالسابق، "فهم يعتبرون الجيش مهنة لذلك يهتمون بالضبط العسكري حتى يحافظون على مهنتهم".

وعلى صعيد الهيكلية في مؤسسة الجيش، فيلفت العقيد النعيمي إلى أنه "لا يوجد فرق كبير في هيكلية الجيش قبل وبعد 2003".

ويوضح أن الجيش السابق كان يتكون من خمسة فيالق، أما الآن فهو يتكون من قيادات عمليات، عدد الفرق العسكرية 13 فرقة، وتتبع كل أربعة منها لفيلق.

وكل فرقة تضم أربعة ألوية بالإضافة إلى لواء مغاوير، وكل لواء يتكون أربعة أفواج، "لذلك عدد المقاتلين حاليا قريب من الجيش السابق".

وفيما يخص جانب التسليح، فإن هناك انفتاحا على كل دول العالم في شراء الأسلحة، على عكس المرحلة السابقة التي كانت تقتصر على دول شرق أوروبا وخصوصا روسيا أو ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي.

أما عن الأيدولوجية العقائدية العسكرية للجيش فيعتبر المتحدث باسم الوزارة أن خطط ومهام وسياقات عمل الجيش "تعتمد على الديمقراطية بالانتخابات".

فمن خلال الانتخابات يترشح القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع ومن خلالهم "يتم رسم استراتيجية فرض القانون وتطبيق النظام"، وفقا للنعيمي.

جهاز مكافحة الإرهاب

التغيير الآخر الأبرز على المؤسسة الأمنية، هو استحداث جهاز مكافحة الإرهاب، وهو جهاز أشرفت على بنائه القوات الأميركية، ليكون القوة المكلفة بمعالجة التنظيمات المتطرفة التي بدأت تنشط عام 2003.

بدأت فكرة تكوين الجهاز بعد ظهور تنظيم القاعدة، أواسط 2003. في تلك الفترة كان الجيش قد حل، والعراق في طور إنشاء الحرس الوطني كبديل للجيش، كما أن القوات الأمنية لم تكن بالمستوى والكفاءة المرجوة، وفقا للمتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعمان.

يقول النعمان "التحالف الدولي والجانب الأميركي تحديدا، أنشأ وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب سميت لواء العمليات الخاصة ومقرها في مطار بغداد".

تدربت عناصر الوحدة وسلحت بشكل مباشر من الجانب الأميركي، وشاركت في بداية إنشائها بفعاليات مع قوات التحالف.

ويوضح النعمان "تطورت الوحدة وتشكلت عدة أفواج، ومن ثم توحدت بجهاز مكافحة الإرهاب في شباط/ فبراير 2007، وارتبطت به كل أفواج العمليات الخاصة التي كانت تعرف بالفرقة الذهبية".

ارتبط الجهاز بشكله الحالي بشكل مباشر بالقائد العام للقوات المسلحة، رأس السلطة التنفيذية، "حتى تكون لديه القدرة على استثمار موارد الدولة في مجال مكافحة الإرهاب"، وفقا للنعمان.

عدد المقاتلين في جهاز مكافحة الإرهاب اليوم أقل من 10 آلاف مقاتل، مقسمين على 14 فوجا توزعت على كل محافظات العراق باستثناء إقليم كردستان.

وتتبع تلك الأفواج لثلاث قيادات، هي: العمليات الخاصة الأولى في بغداد والخاصة الثانية المكلفة بملف إعادة فرض النظام في كركوك ومقرها في قاعدة سبايكر، والعمليات الخاصة الثالثة ومقرها في البصرة.

الداخلية هي الوزارة الأكبر

أما وزارة الداخلية، فشهدت توسعا كبيرا في أعداد منتسبيها والمؤسسات التابعة لها.

فقبل عام 2003 كان عدد منتسبي وزارة الداخلية 36 ألفا، فيما ارتفع العدد بعد ذلك العام إلى 650 ألف منتسب، وفقا للمتحدث الأسبق باسم الوزارة الفريق عبد الكريم خلف.

كما زاد عدد أفواج الطوارئ إلى أكثر من 120 فوجا، في حين كان في كل محافظة فوج، وفي بغداد فوجين، موزعين على الرصافة والكرخ، إضافة إلى قوات جديدة تم استحداثها، هي الشرطة الاتحادية والرد السريع.

واستحدثت الوزارة مديريات جديدة، منها مديرية الشرطة المجتمعية ووكالة الوزارة لشؤون الشرطة ومديرية مكافحة الإرهاب والجريمة.

ويعتبر الفريق خلف أن إضافة قوات الرد السريع والشرطة الاتحادية وأفواج الطوارئ، "طريقة فوضوية لتضخيم وزارة الداخلية بشكل غير مسبوق"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "أصبحت أكبر وزارة داخلية على مستوى الشرق الأوسط".

ويعتبر خلف الفصل بين الأجهزة الأمنية الداخلية والدفاع صعب. 

ويختتم الفريق خلف حديثه بالقول "بناء المؤسسة الأمنية مترهل، الآن نحتاج إلى إعادة بناء للقوات الأمنية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.