الموصل – صالح عامر:
في مخيم الحدباء الكشفي وسط غابات الموصل، الذي ما زالت آثار الدمار الذي خلفه داعش ظاهرةً فيه، يقف حازم ثائر (11 عاماً)، مؤديا التحية للعلم العراقي وعيناه ممتلئتان بالدموع، وهو يتذكر والده الذي أعدمه التنظيم داعش في هذا المخيم قبل نحو ثلاثة أعوام.
بعد سيطرته على مدينة الموصل في حزيران/يونيو من عام 2014، حوّل تنظيم داعش مخيم الحدباء الكشفي إلى مركز لتنفيذ عمليات الإعدام ضد مناوئيه، ومن ثم إلى مركزٍ لتدريب المسلحين الأطفال (أشبال الخلافة)، الذين كان داعش يعدهم عسكريا وعقائديا في هذا المخيم.
يقول ثائر لموقع (ارفع صوتك) وهو يشير إلى المكان الذي يقف فيه "هنا قتل التنظيم أبي. رأيت ذلك في الإصدار المرئي الذي أصدره التنظيم حينها. أنا هنا اليوم لحراسة هذا المكان كي لا يعود إليه داعش مرة أخرى ويعدم آباء الأطفال الآخرين".
فتيات وفتيان وزعوا على شكل مجموعات منظمة، ترتدي الفتيات ملابس زهرية اللون وقبعات حبرية وربطات عنق، أما الفتيان فيرتدون قمصاناً وقبعات بيضاء.
الجميع يحملون بأيديهم أعلاماً عراقية ويرددون بأصوات عالية النشيد الوطني العراقي تزامنا مع مراسم رفع العلم العراقي.
يمثل هذا أبرز مشهد من مشاهد مخيم الحدباء بعد مرور نحو عام ونصف على تحريره من التنظيم.
وسيم عمر (14 عاما) مشارك آخر في النشاطات الكشفية في الموصل. يوضح لموقع (ارفع صوتك) أن مشاركته تأتي من منطلق حبه للرياضة والمغامرة.
منع والدا وسيم ابنهما من ممارسة أي نشاطات رياضية خلال فترة داعش خوفا من أن يستغله مسلحو التنظيم ويجندوه في صفوف مسلحيهم الأطفال.
على الجهة الأخرى، تقف نور ابراهيم (15 عاما) وتعبر عن فخرها بأداء تحية الكشافة مع زميلاتها في المخيم. وتؤكد لموقع (ارفع صوتك) "هذه التحية تشعرني أن داعش انتهى إلى الأبد وأننا جزء من الذين حرروا المدينة من سيطرته".
قبل انسحابه من المخيم، فجّر تنظيم داعش كافة القاعات ونهب أكثر من 200 خيمة، إضافة إلى حفره العديد من الخنادق والأنفاق، وتفخيخ مساحات واسعة من المخيم بالعبوات الناسفة، فاستلمتها شعبة الكشافة والمرشدات في المديرية العامة لتربية محافظة نينوى مدمّرة لا تحتوي سوى تلال من الأنقاض.
ويشير مسؤول شعبة الكشافة والمرشدات في تربية نينوى صفاء الدين محمود لموقع (ارفع صوتك) إلى أن وزارة التربية جهزت المخيم بعد تطهيره من العبوات الناسفة ورفع الأنقاض بعدد من الكرفانات مع التجهيزات الرياضية المتكاملة، وحفرت بئر ماء لسقي المزروعات في إطار إعادة الحياة للمخيم.
ويردف محمود "نظمنا حتى الآن أربع مخيمات كشفية، شارك فيها أكثر من خمسة آلاف كشفي من كلا الجنسين، إحدى هذه المخيمات كانت خاصة بقادة وقائدات الكشافة في العراق، وكان عددهم 220 شخصا من كافة مدن العراق.
ويضيف أنهم نظموا مخيماً خاصاً بذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس الموصل.
ويكشف محمود أن المشاركين في المخيمات الكشفية يتلقون محاضرات ترسخ لديهم روح حب الوطن ونبذ العنف وحب الآخرين والألفة بين مكونات المجتمع الموصلي، ويلفت الى ان شعبة الكشافة يحرص على تحسين الوضع النفسي للطلبة من خلال نشاطات وفعاليات رياضية وكشفية ومحاضرات ومسابقات.