من انتخابات سابقة في الأنبار
من انتخابات سابقة في الأنبار

"ضماناً لمستقبلنا".. بهذه الجملة تحاول لافتة إعلانية الترويج لتحالف انتخابي يقوده رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

اللافتة تحمل أيضا سهما أزرق اللون مكتوب عليه "هزيمة داعش" تحت صورة للعبادي مع جنود وأطفال.

​​الرمزية تبدو واضحة، العبادي ومن خلفه الجنود يحاولون ضمان المستقبل للأطفال من خلال هزيمة داعش.

اسم التحالف هو "النصر".. والرمزية هذه المرة أصبحت تصريحا: "العبادي انتصر في الحرب على داعش، ويجب إعادة انتخابه".

لافتة أخرى تحمل "منجزا" آخر للعبادي، مكتوب على السهم الأزرق هذه المرة "وحدة العراق" في إشارة كما يبدو للتوتر الأخير بين الحكومة المركزية وأربيل، والذي قاد إلى افشال الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، والسيطرة المركزية على كركوك ومناطق أخرى على الحدود بين الجانبين.

ومرة أخرى يبدو "النصر" عاملا مهما في الدعاية الانتخابية.

لكن النصر له آباء كثيرون كما يقال.

تحالف "الفتح" الذي يقوده هادي العامري زعيم منظمة بدر والقيادي في الحشد الشعبي، يحاول هو الآخر الاستثمار في الإنجاز العسكري.

كلمة "الفتح" لغويا تعني "فتح مدينة: دخلها بعد أن غلب أهلها وأخضعها لسلطته". كما يقول القاموس الجامع.

ومثل النصر، يعمد الفتح إلى التركيز على صور المقاتلين وفيديوهات القتال مع داعش في مواده الترويجية.

​وفي البرنامج الانتخابي للتحالفين، تحتل أهداف مثل الأمن و"بناء هيبة الدولة"، والوعود بـ"إنصاف الشهداء من المقاتلين" الحجم الأكبر من الوعود، فيما تتراجع الوعود الاقتصادية والخدمية إلى مؤخرة القائمة.

يقول الصحفي فادي حنة "قوائم المالكي والصدر وعلاوي تستثمر في اسماء زعمائها، وتأثيرهم الشعبي، لكن التحشيد الحقيقي هو في الإنجازات العسكرية التي يحاول العبادي وقادة الحشد استغلالها كل لصالحه".

يبدو الإنجاز العسكري "موضة" الانتخابات الحالية، لكن المشكلة هي أن العبادي والحشد هما الوحيدان القادران على ملاحقة هذه الموضة، فيما تحاول التحالفات الأخرى أن تستثمر في مجالات مختلفة.

تحالف سائرون مثلا، الذي يضم التيار الصدري والشيوعيين، يستمر بنشر خطب الجمعة وتوجيهات مقتدى الصدر على صفحته على فيسبوك، فيما تقول دعاية لنوري المالكي "شرعنا بإنجازات كبيرة لكنها توقفت ونحتاج إلى دعمكم لاستئنافها".

يقول الصحافي أحمد حسين إن الصراع ما يزال صراع "شخصيات".

 "المالكي ما يزال يراهن على الطائفية، فيما يحاول العبادي أن يظهر كأكثر قادة الشيعة عقلانية، ويركز علاوي (إياد) على شخصيته الكارزمية".

ويضيف "لا تعتمد القوى السياسية المختلفة على مشاريع أو منجزات حقيقية، بل تعتمد على انتاج شخصيات كارزمية تقنع الجمهور بانها قادرة على الحكم، بدلا من أن تحاول الكتل بناء قوة نيابية تدافع عن حقوق ناخبيها".

ويبدو هذا صادقا أيضا بالنسبة لتحالف "سائرون" الذي يدعمه مقتدى الصدر.

السنة يركزون على المدن المهدمة، والنازحين، وهموم أخرى كثيرة، بينما يحاول الكرد التركيز على الوضع الاقتصادي بعد أن تراجع ملف الاستفتاء والاستقلال.

لكن بالنسبة للقوائم الكردية والسنية فإن إثارة اهتمام الجمهور ستكون صعبة، فالوعود مكررة، وتنفيذها صعب.

بينما على الجانب الآخر، فإن الوعود العسكرية تحققت مسبقا، لهذا تبدو مهمة الفتح والنصر أسهل وأكثر اغراء لباقي القوائم.

تحاول قوائم سنية، مثل قائمة الأخوين أسامة (نائب رئيس الجمهورية) وأثيل (المحافظ السابق للموصل) النجيفي، التذكير بأن "النجيفي أول من أسس سرايا الدفاع الوطني"، فيما تقول قوائم سنية أخرى إنها اشتركت في الدفاع عن مناطقها ضد داعش.

بحسب الباحثة رغد الدليمي، المختصة في دراسات تأثيرات الصراعات على المجتمع فإن "منح السلطة ردا للجميل سلوك بشري شائع".

وتقول الدليمي إن "من المعتاد أن يكافئ المجتمع العناصر التي تقدم له خدمات، والمكافأة تكون بحجم الخدمة، أو على الدقة بحجم تقدير المجتمع لهذه الخدمة، وبالنسبة لكثير من العراقيين فإن الانتصار على داعش والتخلص من خطر التنظيم، ورد الاعتبار المعنوي للهزيمة التي حلت بالجيش العراقي، أمور تستحق المكافأة".

لكن المحلل السياسي محمد الشماع فقال إن هذا الكلام لايشمل كل الناخبين، لأن "المؤيدين المخلصين للتيارات لن يتأثروا بدعاية الانتصار على داعش".

حجة الشماع هي أن "هذه النسبة من الناخبين ستقول إن مرشحها هو من أخرج داعش، سواء كانوا مؤيدين للحشد أو للبيشمركة أو للصحوات".

لكن الشماع يلفت إلى أن "جزءا مهما من الناخبين كان يفكر بانتخاب العبادي، لأنه أدى بشكل جيد نسبيا خلال فترة حكومته، وحافظ على خطاب متوازن، لكنهم تراجعوا عن تأييد العبادي بعد تحالفه مع الميليشيات، قبل انفصالهم عنه".

في البداية كان من المفترض أن يدخل الحشد والعبادي بقائمة واحدة، لكن الفصائل المسلحة تراجعت بعد يوم واحد من اعلان القائمة، وشكلت قائمة بمفردها، وبحسب محللين، فأن هذا أفقد العبادي الجماهير التي كانت تراهن على أنه سيحصر السلاح بيد الدولة، وترحب بخطابه العقلاني، فيما لم يؤثر على جماهير الفصائل.

ملفات الخدمات والشفافية وسيادة القانون لم تحقق تقدما كبيرا حينما كانت أولوية في دعايات المرشحين في الانتخابات الماضية، ولا يبدو أنها ستحقق تقدما كبيرا الآن.

" المتابع للمشهد السياسي سيشاهد حالة غياب تامة لأية معالم لمشروع حقيقي"، يقول الصحافي أحمد حسين.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.