قبل 18 شهرا، انطلقت القوات العراقية مدعومة بقوات التحالف الدولي لتحرير الموصل، ثاني أكبر مدن العراق وأكبر مدينة خضعت لسيطرة داعش.
وصف المسؤولون الأميركيون القتال في الموصل الذي بدأ في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2016 بأنه "الأكثر كثافة منذ الحرب العالمية الثانية".
استغرق التحرير تسعة أشهر، وتباينت عقبه التقديرات لأعداد الضحايا من المدنيين.
ما أكده الناجون أن عناصر داعش كانوا يضعون المدنيين في مناطق القتال، ويقاتلون وسطهم، ويستخدمونهم كدروع بشرية، وأحيانا يبقونهم في مبان مفخخة.
وفي تقرير صدر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قدرت الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 741 مدنياً قد أعدمهم داعش أثناء المعركة.
وقتل مئات آخرون في القصف والسيارات المفخخة، فضلا عن نيران الأسلحة التي كانت تحيط بالمدنيين الفارين.
لكن وكالة أسوشيتد برس، قدرت في كانون الأول/ ديسمبر 2017، أن ما بين 9 آلاف إلى 11 ألف مدني قد لقوا حتفهم في المعركة، وهو تقدير يزيد بنحو 10 أضعاف عن الرقم المبلغ عنه رسميا.
تقول صحيفة “The Atlantic” إنه "خلال الأشهر التسعة بعد تحرير الموصل، أهمل المشاركون في العملية بشكل واضح إحصاء عدد المدنيين الذين قتلوا، فلا إحصائية رسمية لأعداد الموتى في الموصل".
إحصائيات رسمية
طلبنا من وزارة الصحة العراقية إحصائيات عن أعداد القتلى، اكتفى المتحدث باسم الوزارة سيف البدر بالقول "أنا غير مخول بإعطاء أعداد الضحايا، الجواب يكون من الجهات الأمنية".
وردا على ما ورد في الصحيفة، علق البدر "إعلان أعداد الجرحى والضحايا مسؤولية الجهات الأمنية".
لكن قائد شرطة نينوى السابق العميد واثق الحمداني يعتبر الأرقام التي قدرتها وكالة أسوشيتد برس "مبالغا فيها".
يقول الحمداني "يصعب إحصاء أعداد الضحايا بين المدنيين بشكل نهائي،بسبب وجود جثث قتلى تحت الأنقاض حتى اللحظة"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "مع ذلك الأرقام الواردة كبيرة جدا".
ويقدر قائد شرطة نينوى السابق أعداد الضحايا بنحو "ثلاثة آلاف".
ويقترب عضو مجلس محافظة نينوى حسام الدين العبار من الحمداني في التقدير، ويكشف أن "عدد جثث ضحايا المدنيين الذين انتشلتهم فرق الدفاع المدني كان 2850 جثة".
لكن العدد الدقيق أكبر "بكثير"، يقول العبار، موضحا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "هناك الكثير من الجثث انتشلها الأهالي وقاموا بدفنها، فضلا عن جثث تم دفنها في الحدائق وتم استخراجهم في وقت لاحق".
خسائر النخبة الخاصة
على صعيد آخر، عانت قوات الأمن العراقية من خسائر فادحة في وقت مبكر من القتال بين وحدات النخبة الخاصة بها.
خسر جهاز مكافحة الإرهاب "10 في المئة من القوة المقاتلة"، وفقا للمتحدث باسم الجهاز صباح النعمان، الذي يؤكد في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أن هذه الخسائر كانت "ضمن القوة القتالية فقط، وليست القوة الكاملة للجهاز".
وشارك في عمليات تحرير الموصل 14 فوجا من قوات النخبة (مكافحة الإرهاب)، بمعدل يتراوح ما بين 600 - 800 مقاتل في الفوج الواحد.
ويلفت النعمان إلى أن مقاتلي الجهاز هم "الأقل عددا من حيث المشاركة والخسائر بين صنوف القوات الأمنية المشاركة في العمليات"، مضيفا أن قوة ودقة التدريب التي تلقاها مقاتلو الجهاز أدت إلى "نتائج كبيرة بخسائر قليلة، قياسا إلى حجم العدو".
ورغم أن عمليات تحرير مدينة تكريت كانت "الأصعب" أمام جهاز مكافحة الإرهاب، كونها المعركة الأولى التي يشارك بها مقاتلو الجهاز، لكن عمليات تحرير الموصل كانت لها "خصوصية".
يقول النعمان "في الموصل قاتل كل عناصر داعش الذين انسحبوا من المناطق الأخرى خلال عمليات التحرير".
ويتابع "في المدينة القديمة بأيمن الموصل، واجه مقاتلو الجهاز عناصر داعش الشيشانيين، المعروفين بشراسة القتال".
ودعما للقوات العراقية على الأرض، قام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، بأكثر من 1250 ضربة في المدينة، مستهدفا آلاف الأهداف بأكثر من 29 ألف قطعة ذخيرة.