يتجول أحمد سامي (34 عاماً) يوميا بين الأنقاض في منطقة الكورنيش وسط الموصل، حاملا كيساً قماشياً على ظهره بحثاً عن أي مادة معدنية، كي يبيعها ويؤمن لقمة العيش لعائلته.
لم يجد سامي فرصة عمل، بعد تعرض دكانه للدمار خلال معارك تحرير الموصل العام الماضي.
مع وصوله إلى الكورنيش في الصباح الباكر، يشعل سامي النار ويبدأ بالبحث. ترتسم علامات الفرح على ملامح وجهه كلما وجد أوصال أسلاك كهربائية مقطعة، أو قطع مواد حديدية أو نحاسية أو ألمنيوم.
يقوم بعدها بوضع الأسلاك فوق النار ليذيب عنها المادة البلاستيكية العازلة ومن ثم يضعها في الكيس إلى جانب المعادن الأخرى.
سامي حاصل على شهادة الدبلوم في الميكانيك من المعهد التقني في الموصل. يقول لموقع (ارفع صوتك) "هذه ليست مهنتي، لقد دمر داعش مصادر رزقنا باحتلاله المدينة، وحولنا إلى نباشين بين الأنقاض والنفايات".
النباشة
ينتشر النباشون في المدينة القديمة والمناطق المدمرة الأخرى، والساحات التي تجمع فيها الأنقاض، وهم مجموعات من الفتية والشباب ورجال كبار السن، يبحثون بين أنقاض وركام هذه المناطق عما يمكن بيعه من بقايا الحرب، لسد حاجة عائلاتهم اليومية.
غسان خلف، نباش آخر لم يتجاوز عمره الـ18 عاماً، كان يعمل خلال السنوات الماضية حمالاً في سوق باب السراي في الموصل القديمة، لكنه فقد عمله بسبب الحرب، فأسواق المدينة القديمة دُمرت.
يقول خلف لموقع (ارفع صوتك) "أجمع يومياً ما بين خمس إلى ست كيلوغرامات من المعادن، وأبيعها لمعامل صهر المعادن بنحو عشرة آلاف دينار عراقي، أي ما يقارب ألفي دينار لكل كيلوغرام واحد من هذه المواد".
فرص العمل نادرة
بعد سيطرته على الموصل في حزيران/ يونيو 2014، بدأ تنظيم داعش بتفكيك كافة المعامل الموجودة داخل مدينة الموصل وأطرافها، ونقلها إلى سورية، ومنع غالبية أصحاب المهن في المدينة من ممارسة عملهم.
خلفت هذه الممارسات آثاراً سلبية كبيرة على الاقتصاد في المدينة، إضافة الى معارك تحرير الموصل التي استمرت لنحو تسعة أشهر، وتسببت في تدمير غالبية أسواق المدينة.
ورغم مرور أكثر من تسعة أشهر على تحرير الموصل، إلا أن عودة الحياة إلى أسواقها لا تزال بطيئة، لذلك ما زالت المدينة تعاني من شح فرص العمل، خصوصا أن عملية إعادة إعمارها لم تبدأ بعد.
عثمان خليل (30 عاماً) يعمل هو الآخر نباشا بين الأنقاض. يقول لموقع (ارفع صوتك) "قد يعتبرنا عدد من الناس لصوصاً، لكننا لسنا كذلك، نحن نبحث عن لقمة العيش بين أنقاض الحرب التي حرمتنا من مصادر الرزق".
ويلفت خليل إلى أن النباشين ينتظرون بدء عمليات إعمار الموصل للحصول على فرص عمل تناسبهم وتليق بهم وبعائلاتهم وعندها سيهجرون النباشة.