في 2013 قرر شابان عراقيان أن يفعلا شيئا لإنقاذ الأطفال السوريين النازحين إلى العراق بعد تصاعد العنف في سورية.
كانت الأعداد كبيرة جدا، وميزانية الشابين صفرا، كل ما كانا يمتلكانه، هو بعض الشعبية على مواقع التواصل. فاستغلاها ببراعة.
أطلق الشابان حملة تبرعات باسم (دفيني) على فيسبوك، فجمعا فورا 2000 بطانية، وبعض المدافئ النفطية والحاجيات الأخرى.
في 2016 تمكن أحمد أغا، وهو اسم واحد من الشابين، وخمسة من رفاقهما، من إيصال طعام ودواء وأغطية ومستلزمات إلى نحو 30 ألف نازح عراقي وسوري في حملة أسموها غوث. كما تمكنوا من تشكيل فريق طبي أوصل الرعاية الطبية إلى نحو عشرة آلاف نازح.
ساعدت (غوث) النازحين في شمال العراق وجنوبه، ونسقت لإيجاد منازل مؤقتة للمئات منهم.
يقول أغا "كان هناك الكثير من الموت والبؤس، والوضع في العراق كان مهددا بالانزلاق نحو الحرب الطائفية من جديد، قررنا أن نعمل شيئا".
ألهمت تجربة (غوث) الكثير من الفرق التطوعية الأخرى، التي مازالت تعمل في العراق حتى الآن.
عمر محمد أو عمر أفندي كما يحب أن يسمي نفسه كان دارس تاريخ من الموصل، يسجل باستمرار ما تمر به مدينته، من الحكم البعثي، إلى مدينة بوضع أمني سيء، وحتى سيطرة داعش عليها.
راقب عمر كيف تحولت مدينته إلى مدينة مكروهة، وكيف يحمل العالم المدينة التاريخية القديمة، مسؤولية تصرفات عناصر داعش، بعد أن اختارها خليفة التنظيم، عاصمة له.
يقول عمر "كان التنظيم يصر على شيطنة المدينة، ومع كل فيلم يصدره داعش، كنا نتحول إلى مجرمين بنظر الجميع".
في تلك الفترة، كان داعش يصدر فيديوهات لتنفيذ جرائمه، وبعضها ينفذ من قبل جلادين في مكان عام، ويحرص على تصوير المتجمهرين الفضوليين واظهارهم كمؤيدين.
بعد دخوله بأشهر، احتاج داعش إلى أن يهدد بالعقوبات من أجل جمع جمهور يظهر في فيديوهات تنفيذ جرائمه.
"بدأت الناس تتقزز منهم" قال عمر في مقابلة مع موقع (ارفع صوتك).
"كان لابد من اعلام الناس بما يجري، جرائم داعش ضد أهل الموصل، وكراهيتهم للتنظيم".
أنشأ عمر صفحة عين الموصل، التي سرعان ما أصبحت مصدرا رئيسا لأخبار المدينة، وتنقل أخبارها وكالات الأخبار العالمية مخاطرا بالموت ان علم تنظيم داعش بأنه من يدير الصفحة.
"حينما أحسست انهم اقتربوا من معرفتي خرجت من المدينة والعراق، ولا أستطيع أن أعود الآن لأنهم مازالوا يبحثون عن الانتقام".
حميد جحجيح مدير مدرسة ابتدائية في منطقة البلديات الشعبية في بغداد.
عمل حميد معلما لسنوات طويلة قبل ان يتولى الإدارة، مما جعله يعرف جيدا التحديات التي تواجه المشتغلين في القطاع التربوي في العراق.
"المدارس صغيرة ومكتظة، والطلاب لا يؤدون نشاطات ممتعة لضيق المكان".
يحرص حميد على تعليم طلابه الموسيقى والفنون، وهذا تحد كبير في منطقة محافظة كالتي تقع فيها المدرسة، يشتكي أهالي الطلبة من أن حميد يعلم أبنائهم "الحرام" لكن حميد يستمر.
في أيام من الأسبوع، يتحدى حميد طلابه بلعبة شطرنج أو كرة قدم. وفي أحدى المحاضرات، علمهم ضرورة التفكير المنطقي والمستقل من خلال تدريسهم معادلة رياضية بسيطة خاطئة، وتشجيعهم على الاعتراض عليها.
قبل أيام، تظاهر طلبة حميد ضده لأنه ألغى سفرة مدرسية، لكنه كان سعيدا "أشعر أن ما أعلمه لهم مفيد فعلا، يمتلكون صوتهم المستقل الآن وتطور احساسهم برفض الظلم، هذا مبشر جدا".
أم حسين امرأة خمسينية تسكن في منطقة القيارة شرق بغداد.
قتل زوج أم حسين في الحرب العراقية الإيرانية، تاركا لها ثلاثة أطفال..
عملت أم حسين في بيع السمك بسوق المدينة الشعبي، حتى كبر أطفالها الثلاث، ولدان وبنت.
بعد سيطرة داعش على مناطق واسعة في العراق، تطوع ابناها لمقاتلة التنظيم. قتل الأكبر في معركة الفلوجة تاركا خلفه زوجة وابنا.
تقول ام حسين "بقيت أعمل حتى عندما كبر ابناي، وسأبقى أعمل حتى يكبر ابناءهم، لابد للحياة أن تستمر".