يمنع قانون العمل الأردني الأجانب من مزاولة 19 مهنة منها الطب
يمنع قانون العمل الأردني الأجانب من مزاولة 19 مهنة منها الطب

أحمد الشمري طبيب أسنان، لكنه لا يستطيع أن يستقبل مرضى أو يفتح عيادة!

يعيش أحمد، وهو مواطن عراقي، في الأردن منذ 18 سنة. في سنة 2013، تخرج من كلية طب الأسنان في الجامعة الأردنية. لكنه رسميا ممنوع من ممارسة مهنته.

يمنع قانون العمل الأردني الأجانب من مزاولة 19 مهنة، منها الطب والهندسة والأعمال الإدارية والمحاسبة والديكور والتجميل وحتى حراسة المباني.

السبب: معدلات البطالة في البلاد في ارتفاع متواصل منذ سنوات: 13 في المئة سنة 2015، 15.8 في المئة سنة 2016، ثم 18.3 في المئة السنة الماضية.

يشعر أحمد (28 عاما) أن السنوات الست التي قضاها في دراسة الطب ضاعت. كان يأمل أن تتغير القوانين، خاصة أن نقابة أطباء الأسنان كانت تعمل قبل سنوات على إصدار قانون يسمح بإصدار تراخيص مؤقتة للأجانب لمزاولة الطب، تجدد سنويا.

يقول طبيب الأسنان العراقي إن حوالي 200 طبيب أسنان من أبناء بلده يعيشون في مثل وضعيته، بعضهم اضطروا للعمل بشكل قانوني في عيادات يملكها أطباء أردنيون.

تعترف نقابة أطباء الأسنان بالأمر. ويقول رئيس لجنة التراخيص فيها رجائي القريوني إنه اطلع على حالات أكثر من 100 طبيب عراقي في الأردن.

ويوضح أن النقابة منحت تراخيص مزاولة مؤقتة لنحو 15 طبيبا من قطاع غزة مقيمين في الأردن، لكن مقترح القانون حول التراخيص المؤقتة ما يزال في مكتب رئاسة الوزراء.

أمارس الطب وكأنه جريمة!

درس حمزة ع، وهو طبيب عراقي من مواليد 1992، الطب في جامعة صنعاء في اليمن قبل أن يفر من البلاد بسبب الحرب.

هو الآن مقيم في الأردن منذ ثلاث سنوات، ويعمل بشكل غير قانوني.

يقول إنه يمارس مهنة الطب في الأردن وكأنه "يرتكب جريمة"، خوفا من ضبطه من قبل نقابة الأطباء أو وزارة الصحة.

وينص القانون في الأردن على "معاقبة كل طبيب يمارس المهنة دون أن يكون مسجلا في السجل بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن 1000 دينار (1400 دولار) أو بكلتا هاتين العقوبتين. وتضاعف العقوبة في حال التكرار" (المادة 64 من قانون نقابة الأطباء).

لكن نقيب الأطباء الأردنيين علي العبوس يوضح أن الفرق التفتيشية المشتركة بين النقابة ووزارة الصحة تكتفي بالإنذار أو الغرامة "احتراما للزمالة".

ويعمل الأطباء غير الأردنيين في عيادات أطباء أردنيين حاصلين على رخصة المزاولة من النقابة، ويتقاضون غالبا نفس الأجور.

وتكتب وصفات العلاج باسم الطبيب الأردني المزاول.

البقاء أو الرحيل انتحار!

لا يعلم أحمد الشمري ما ينتظره مستقبلا. لا يستطيع ممارسة مهنته بشكل رسمي في الأردن، ويقول إن حياته مهددة إذا عاد إلى العراق.

"لا أدري ما الخيارات التي سأقدم عليها. إن أردت العودة للعراق فأنا أحكم على نفسي بالإعدام.. وعدم حصولي على ترخيص لمزاولة للعمل في الأردن أيضا إعدام"، يقول.

حسب طبيب الأسنان العراقي، تقيم عائلته في الأردن منذ فترة طويلة لكنها قررت الاستقرار نهائيا في البلاد بعدما تلقت تهديدات من جماعات مسلحة في العراق سنة 2003. يقول إن التهديدات لاحقت العائلة حتى العاصمة الأردنية عمان.

يقول نقيب الأطباء الأردنيين إن سلطات بلاده لا تسمح للأجانب بمزاولة مهنة الطب خوفا من مزاحمتهم للأطباء الأردنيين الذين يصل عددهم إلى 22 ألفا.

حسب العبوس، منحت النقابة لغير الأردنيين، عام 2015، استثناء لمرة واحدة بمزاولة المهنة مقابل شروط، من بينها أن يكون الطبيب مقيما في الأردن منذ 10 سنوات.

لسوء حظ أحمد الشمري، لم تقم نقابة أطباء الأسنان بخطوة مماثلة.

فرص لن تأتي!

يمكن لغير الأردنيين الحصول على فرصة نادرة لمزاولة مهنتهم، لكن تحققها يكاد يكون مستحيلا.

وتسمح المادة 8 من قانون نقابة الأطباء بمزاولة الطبيب غير الأردني للطب، "بشرط أن يكون اختصاصيا تحتاج المملكة لاختصاصه".

يقول نقيب الأطباء علي العبوس إنه عند فتح وزارة الصحة أو النقابة الأطباء باب الترشح لشغل وظائف فارغة، تعطى الأولوية للأردنيين. لكن، في حال عدم تقدم أي طبيب أردني لملء المقعد الشاغر، يفتح الباب أمام غير الأردنيين.

أما نقابة أطباء الأسنان، فتسمح لغير الأردنيين بمزاولة المهنة وفق شروط خاصة تحددها المادة 17 من قانون النقابة.

تقول المادة: "للوزير، وبعد الاستئناس برأي النقيب، منح الطبيب غير الأردني تصريحا لمزاولة المهنة إذا كان حاصلا على شهادة صادرة عن جامعة معتمدة ومسجلا في النقابة في بلده وحاصلا على تصريح مزاولة المهنة في بلده".

لكن هذا الترخيص يمنح في حالات خاصة فقط، مثل أن يكون المعني طبيبا زائرا مؤقتا، ولمدة شهر قابلة للتجديد.

وتمنح التراخيص المؤقتة أيضا لغايات التدريس والتعليم والتدريب في الجامعات والمؤسسات ومراكز التدريب الأردنية، أو لطلبة الدراسات العليا لغايات الدراسة أو التدريب.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.