وصف إصدار جديد لداعش زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بـ"المرتد"
وصف إصدار جديد لداعش زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بـ"المرتد"

استمع للمقال

​​

لم يكتف "الجهاديون" بغيرهم، بل قسموا أنفسهم إلى "دار إسلام" و"دار كفر".

في بداية العام الحالي، نشر تنظيم داعش عبر مؤسسة إعلامية تتبع له كتابا جديدا، وصف فيه زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بـ"المرتد" و"سفيه الأمة".

يقول الكتاب، الذي يحمل عنوانا لاذعا "الرد القاصف على شيوخ القاعدة الخوالف"، "لا زال المرتد الظواهري في غيه وضلالاته".

هاجم الكاتب، ويحمل اسما مستعارا هو أبو البراء اليماني، القاعدة وكل التنظيمات التابعة له أو المتحالفة معه، مثل حركة الشباب في الصومال وطالبان في أفغانستان.

وصف حركة الشباب "بالحركة الضالة التي تحولت إلى ما يشبه مافيا"، وطالبان بـ"الوطنية المرتدة" التي يحتوي دستورها "على مواد وثنية وطنية كفرية".

بين القاعدة وداعش

عبد الغني مزوز، الباحث المغربي في شؤون الجماعات الجهادية، يقول إن حرب التكفير بين الغريمين التقليديين، داعش والقاعدة، بدأت بعد إعلان أبي بكر البغدادي قيام "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، سنة 2013.

أصدر البغدادي هذا الإعلان في نيسان/أبريل 2013، عقب سيطرة مقاتليه مع فصائل أخرى على مدينة الرقة شرق سورية.

وقال زعيم داعش حينها إن "جبهة النصرة" في سورية ليست إلا امتدادا لتنظيمه "دولة العراق الإسلامية"، مؤكدا أنه قرر دمج التنظيمين معا تحت اسم جديد هو "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).

إلا أن زعيم النصرة، أبو محمد الجولاني، رفض هذا الإعلان وأصر على استقلاله تنظيمه. وأعلن بيعته لزعيم القاعدة أيمن الظواهري.

وقوف تنظيم القاعدة في صف جبهة النصرة جر عليه عداوة تنظيم داعش.

تحول النزاع بين الطرفين إلى حرب تكفير. "عندما دعا الظواهري للرئيس المصري المعزول محمد مرسي بـ(أن يفك الله أسره)، اعتبر داعش ذلك إقرارا بـ(الحكم الديمقراطي الكفري)"، يقول مزوز.

وكان الظواهري وجّه، في شباط/فبراير 2014، رسالة إلى مرسي قال فيها "بداية أسأل الله أن يفرج كربك". إثر ذلك، توالت أشرطة داعش المكفرة لتنظيم القاعدة وزعيمه. أما أيمن الظواهري فتشبث بوصف داعش بـ"الخوارج" وبـ"جماعة إبراهيم البدري" في إشارة لزعيم تنظيم داعش.

مؤلف "الرد القاصف على شيوخ القاعدة الخوالف" برر تكفير القاعدة بانحرافها عن منهج مؤسسها أسامة بن لادن الذي كان يكفر الحكام والديمقراطية، وبموقفها الجديد المتعاطف مع جماعات الإسلام السياسي، مثل الإخوان المسلمين.

ولم يسلم من تكفير داعش منظرو التيارات الجهادية، مثل الأردنيين من أصل فلسطيني أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني، والمصري هاني السباعي، الذين وصفهم داعش في أحد إصداراته بـ"أئمة الضلال".

وترفض كل هذه التنظيمات الاعتراف بـ"الخلافة" التي أعلنها داعش في تموز/يوليو 2014.

يقول عبد العزيز مزوز إن "البيعة في الإسلام حسب داعش من أصول الدين الواجبة، وكل من رفض مبايعته فهو كافر مرتد".

تكفير في الداخل والخارج!

حرب التكفير بين التنظيمات المتطرفة وصلت شرارتها إلى الأراضي الفلسطينية، حيث تسيطر حركة حماس على قطاع غزة منذ عام 2006.

يكفر داعش حركة حماس، ويعتبرها عائقا أمام قيام حركة "جهادية" في فلسطين.

في كانون الثاني/يناير الماضي، أصدر فرعه في سيناء شريطا فيديو يعدم فيه أحد أعضائه بتهمة تهريب أسلحة وعتاد لحماس.

وفي سورية، يكفر داعش مختلف الفصائل الإسلامية المسلحة. ويعتبرها مسؤولة عن الهزيمة التي حلت به هناك.

ولم يسلم الصف الداخلي لداعش هو الآخر من التكفير.

فيسبب خلافات حول قضايا عقدية، تتعلق بـ"التوحيد"، انقسمت الحركة إلى تيارين: الحازميون والبنعليون.

ينتسب التيار الأول إلى الشيخ السعودي أحمد بن عمر الحازمي المسجون في السعودية منذ نيسان/أبريل 2015.

يؤمن الحازميون أن "من لم يكفر الكافر فهو كافر"، في المقابل لا يؤمن البنعليون بهذه القاعدة.

وينتسب البنعليون إلى البحريني  تركي البنعليالذي قتل في غارة أميركية منتصف سنة 2017. وهم كفار في أعين التيار الحازمي.

​​​​

واندلعت بين الطرفين سجالات حادة وتراشق بالفتاوى، وحتى تبادل لعمليات إعدام، خاصة في سورية.

ووصلت حمى التكفير داخل داعش إلى درجة التلميح بكفر زعيم التنظيم أبي بكر البغدادي.

ففي يونيو/حزيران 2017، نشرت صحيفة إلكترونية تابعة لداعش مقالا شنت فيه هجوما لاذعا على القيادي بالقاعدة عطية الله الليبي الذي قتل في باكستان سنة 2011.

جاء الهجوم رغم أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي سبق أن نعى الليبي واصفا إياه بـ"العالم المجاهد".

يقول عبد العزيز مزوز في مقال سابق "معلوم أن الحازمية يكفرون عطية الله الليبي.. وبما أن أبا بكر البغدادي لا يكفر الشيخ عطية الله الليبي بل نعاه بعد مقتله... فقد لحقه في الكفر والردة".

وهذا هو جوهر قاعدة "من لم يكفر الكافر فهو كافر".. وهي قاعدة يتناسل فيها التكفير، من استسهال تكفير المسلمين وغيرهم، إلى تكفير من لا يكفر هؤلاء رغم أن "شروط" التكفير لا تنطبق عليهم حتى بمعايير داعش، إلى تكفير الذين لا يكفرون من لا يكفرون من لا يكفرون الذين كفرهم داعش!

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.