خطف الحبل أنفاس فاطمة بعد أن أخفقت محاولتين سابقتين في طي صفحات كتابها.
كتبت فاطمة (18 عاما) على صفحتها في فيسبوك قبل أن تلف حبل الانتحار حول رقبتها: "مللت من تكرار آلامي ومعاناتي".
وفي هذه الرسالة المطولة التي تداولتها صفحات فيسبوك بشكل موسع، تشير الفتاة المنتحرة إلى أن "تعنيفها" منزليا أدى بها إلى قرار الانتحار. لكن أخيها "حارث" أكد في مقطع مصور تداولته مواقع التواصل الاجتماعي أن فاطمة "توفت بسبب الجهد النفسي نتيجة الدراسة".
وفي حديث لموقع (ارفع صوتك) يروي أحمد العامري، أحد أصدقاء فاطمة، أن الأخيرة كانت "دائما تعيسة، وبعد أن فشلت مرتين بالانتحار، كنت أطلب منها أن تبتعد عن هذه الفكرة لكنها كانت مصرّة".
اقتصرت معرفة أحمد بالفتاة على مواقع التواصل الاجتماعي. ويشير إلى أنها كانت "لطيفة ومتمردة على واقعها في الوقت ذاته".
ولفت إلى أن فاطمة قد حدثتهم عن مراجعتها لطبيب نفسي "فشل هو الآخر في ثنيها عن الانتحار".
مرض الكآبة
تقول نور القيسي، وهي شابة عراقية مقيمة في السويد، "تابعت حالة فاطمة منذ فترة طويلة، كنت أحاول التواصل معها لكنها لم ترد".
ووفقا لنور، فإن فاطمة كانت تعاني من مرض كآبة حادة المعروف باسم "ثنائي القطب" أو "ذات القطبين".
أما أميمة مجيد، التي تعمل في مجال الصحافة، فترى أن انتحار فاطمة هو نتيجة "أعوام من الحشو الثوري بعقول المراهقات". وتقول أميمة "المراهق بطبعة حساس ومتمرد. وعندما تزرع برأسه ثوريات وتحرريات سينقلب إلى قنبلة موقوتة، وهذا ما يحصل مع بعض المراهقات".
وتعتبر أميمة أن مواقع التواصل الاجتماعي وفرت مساحة كافية لنشر دعوات "التمرد داخل مجتمع محكوم بعادات وتقاليد لا يمكن تجاوزها".
وتقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "كل الأعراض التي تنطبق على الشخص الذي يعاني من هذا النوع من الكآبة تنطبق على فاطمة".
لكن نور القيسي تستبعد أن يكون لمواقع التواصل الاجتماعي أو ما يوصف بـ"الأفكار الثورية التحررية"، علاقة بانتحار فاطمة.
وتوضح "لا توجد في مواقع التواصل الاجتماعي كروبات تشجع على الانتحار، كما لم تجد فاطمة شخصا يشجعها أن تنتحر عندما كانت تكتب عن نيتها الانتحار".
تحليل المختصين
حملنا تفاصيل حالة فاطمة، والتي شاعت في الآونة الخيرة، وطرحناها على طاولة أستاذة علم النفس في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز.
تقول "ثقافة مجتمعنا ترفض مراجعة طبيب النفسي، خصوصا الفتيات، لأن ذلك سيضعها في إطار الجنون".
ولدى أخصائيي علم النفس، كانت الفكرة السابقة أن فئات محددة من المجتمع مستعدة للانتحار، لكن اليوم أصبحت فكرة شائعة لدى الجميع.
وتوضح أستاذة علم النفس "كانت حالات محصورة على المدمنين، لكن الآن أصبحت ظاهرة وبكثرة، ومعظمها غير معلن".
وسجلت حالات الانتحار حتى في المناطق الهادئة، كإقليم كردستان.
وأجرى عدد من الأساتذة في قسم علم النفس بكلية الآداب دراسة عن أسباب تزايد حالات الانتحار إلى حد الظاهرة.
توصلت الدراسة وفقا لعبد العزيز إلى أن أهم أسباب الانتحار هي:
-الوضع المادي وغياب فرص العمل لدى الشباب.
-الكبت والتعنيف والممنوعات الذي تتعرض لها الفتيات.
-الأخطر في ذلك، دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر ثقافة الانتحار، وتصوير المنتحر على أنه بطل عندما اتخذ قرارا لا بمكن لأي شخص اتخاذه.