قوة تابعة للتحالف الدولي في سورية/وكالة الصحافة الفرنسية
قوة تابعة للتحالف الدولي في سورية/وكالة الصحافة الفرنسية

هل من الممكن أن تبقى سورية دولة واحدة؟

يقول نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إنه "لا يعرف كيف سيتطور الوضع".

سورية الآن مقسمة فعلا. السؤال والجواب يتعلقان فعليا بالأجندة، بما تريده روسيا لسورية.

شبكة معقدة

يسيطر النظام السوري حاليا على ما يقارب 52 بالمئة من مساحة سورية.

مؤخرا، دخلت قوات النظام إلى منطقة الميادين وتقدمت في الغوطة. قد يصدق هذا مستقبلا على مناطق مثل الحمراء التي يسيطر عليها داعش، والرستن التي تسيطر عليها قوات المعارضة.

الناظر إلى خريطة الصراع في سورية الآن، يتصور أن النظام ينجح في سعيه لإعادة كامل التراب إلى سيطرته.

لكن الوضع أكثر تعقيدا.

في المجمل. تسيطر قوات الجيش السوري الحر، وقوات المعارضة الأخرى على نحو 12 بالمئة من مجمل مساحة سورية، لكن إدلب والمناطق المجاورة لدرعا تبدو الوحيدة التي تمتلك فرصة بالصمود أمام تقدم قوات النظام، في حال قررت التقدم.

الكثير من المساحات التي تسيطر عليها قوات المعارضة أو داعش، محاطة بالكامل بقوات النظام، بشكل يجعل قيمتها الاستراتيجية منخفضة بالنسبة للقوات المسيطرة عليها.

في الشمال، تسيطر قوات "غصن الزيتون" التركية على عفرين، وطردت القوات الكردية منها، لتقترب للمرة الأولى من الالتقاء بالقوات السورية المتمركزة في حلب.

تفرض قوات المعارضة المدعومة من تركيا نمطا من التشدد الإسلامي، لكن ليس إلى درجة التشدد الذي تفرضه جبهة النصرة.. القريبة من القاعدة.. أو التشدد الذي تفرضه داعش. كما أن علاقاتها بتركيا، تمنحها ملاذا وقاعدة انطلاق ممتازة من الأراضي التركية، بالإضافة إلى التسليح.

يمثل الجيش الحر في مؤتمرات المعارضة، ومؤتمرات الحوار الدولية، نسبيا يتمتع الجيش الحر بأفضل وضع دولي بالنسبة لفصائل المعارضة الأخرى.

يجعل هذا من مناطق الجيش الحر مناطق مستقلة تقريبا عن مناطق النظام.. ضعيفة اقتصاديا، لكن مستقلة.

مناطق الفصائل المتشددة الأخرى أقل استقلالية، خاصة تلك التي تحيطها قوات النظام، والتي تدير دخول وخروج البضائع والأشخاص من والى تلك المدن.

كما أن الدول المتدخلة في الوضع السوري تمتنع عن دعم تلك الفصائل علانية، بسبب مخاوف من اتهامها بدعم الإرهاب.

الشرق مفتوح على الاحتمالات

إلى الشرق، تسيطر قوات سورية الديمقراطية الكردية على مايعادل 25 بالمئة من مساحة سورية.

تدعم الولايات المتحدة هذه القوات بالتسليح والمعلومات الاستخبارية ومؤخرا بالوجود المباشر.

نظريا، هذه القوات تعادي القوات النظامية.

لكن المواجهات الأقسى التي خاضتها القوات الكردية كانت مع داعش، ومؤخرا نجحت بطرد التنظيم من الرقة، مركز تواجد التنظيم في سورية.

تطالب تلك القوات بـ"الإدارة الذاتية" ويقول النظام إنه مستعد للتفاوض بشأن هذا المطلب.

لكن المراقبين يقولون إن هناك معارك أخرى مؤجلة قد تندلع في حال حققت القوات النظامية الانتصار في معاركها مع المعارضة وداعش.

إذا كان هذا التقسيم معقدا.. فهو لم يصل بعد إلى الصورة الحقيقية للتعقيد.

تتكون قوات سورية الديمقراطية، التي ينظر اليها على أنها قوات كردية من عشرات الفصائل الصغيرة.

بشكل أساس.. تسيطر وحدات حماية الشعب الكردية على تلك القوات.

لكن العرب، والآشوريين، والسريان، والتركمان، والعرب المستكردون، والكرد المستعربون، موجودون في هذه القوات بشكل واضح.

بل أن هناك وحدات صغيرة مثل جيش الثوار وشمس الشمال مكونة من عرب وكرد وتركمان.

عاجلا أم آجلا، ستطالب كل واحدة من تلك الفصائل بمكاسب، أو قد تتقاتل في حال زوال العدو الرئيس.

وهو ليس النظام بالنسبة للكثير منها، بل داعش.

مناطق المعارضة ليست موحدة هي  الأخرى، على الرغم من صغرها.

يخدم بعض المعارضين أجندات تركية، وقطرية، وسعودية. في حين تخدم جبهة النصرة أجندة خاصة، تتمثل في التواصل مع القاعدة سرا، وإنكار ذلك التواصل علانية.

احتلال سوري إيراني؟

حتى مناطق النظام، لايسيطر عليها النظام بمفرده.

تسيطر ميليشيا حزب الله وأتباعها من المقاتلين العراقيين على المناطق الدينية، والمناطق القريبة من الحدود اللبنانية، وتمارس نفوذها على المناطق المحررة حديثا مثل حلب والغوطة.

فيما تفضل إيران دمشق، وتسيطر روسيا على المناطق الساحلية.

يتقاسم الروس والإيرانيون السيطرة على الجيش، والميليشيات المساندة للنظام. والتنافس بين الفريقين قد يظهر قريبا.

تعاني سورية من اقتصاد مضطرب، وأوضاع امنية وسياسية سيئة، وأوضاع إنسانية مريعة.

جواز السفر السوري من بين الأسوأ في العالم، وهناك ملايين اللاجئين السوريين موزعون على بلدان العالم.

كما أن سورية تتمزق.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.