قررت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إرسال فريق محققين إلى مناطق الغوطة الشرقية قرب دمشق، للبحث في الأداة التي استخدمت في هجوم دوما في 7 نيسان/أبريل والتي يفترض أنها تمت بالسلاح الكيماوي.
أول من أكد استعمال السلاح في الكيماوي في الهجوم، الذي أودى بحياة 40 شخصا، هم مجموعة من أطباء ومسعفين سوريين.
القوى الغربية، وعلى رأسها أميركا وبريطانيا وفرنسا، وجهت أصابع الاتهام إلى دمشق، بينما نفت التهمة عن الأخيرة كل من موسكو وطهران.
فريق التحقيقات المؤلف من خبراء في مجال الأسلحة الكيماوية الذي تشكل في 2014، زار سورية عدة مرات.
لكن الوصول إلى مطار دمشق هذه المرة مرهون بتحسن الوضع الأمني، فقد تعرض الفريق الأمني التابع للأمم المتحدة، والذي ينتظر أن ينهي مهامه قبل دخول فريق المحققين، إلى إطلاق نار.
ونتج عن ذلك قرار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأربعاء بتجميد عمل محققيها.
هذا ليس التحدي الوحيد الذي يواجهه فريق التحقيقات. هناك جملة من التحديات تجعل السيطرة على السلاح الكيماوي، ليس فقط في سورية بل في أي دولة، مسألة معقدة. وذلك للأسباب التالية:
أولا: صعوبة الإثبات المادي
يهدف عمل أي فريق تحقيق ترسله منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى تحديد ما إذا كانت المواد المحظورة التي نصت عليها "اتفاقية الأسلحة الكيميائية" قد استخدمت فعلا في الهجوم أم لا.
وليس من مهامه تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم.
في سورية مثلا، مسؤولية تحديد الجهة المنفذة لهجوم تم بالسلاح الكيماوي تقع على عاتق لجنة تحقيق مشتركة من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي أسسها مجلس الأمن الدولي في 2015.
وأوضحت التقارير السابقة للجنة أن قوات الحكومة السورية مسؤولة عن ثلاثة هجمات بغاز الكلور في 2014 و2015 وأن مقاتلي داعش أيضا استخدموا غاز الخردل، حسب وكالة رويترز للأنباء.
ثانيا: لا وجود لسلطة ملزمة
من الناحية النظرية، ينحصر عمل منظمة الأسلحة الكيماوية في الأعضاء الذين صادقوا على اتفاقية نزع الأسلحة الكيماوية.
معاهدة نزع السلاح الكيماوي في 1997 تنص على أن جميع الدول الموقعة على الاتفاقية لا يجوز لها أن تقوم إنتاج أسلحة الكيمياوية أو حيازتها أو الاحتفاظ بها.
وتتعهد الدول أيضا بعدم استعمال الأسلحة الكيمياوية، وبتدمير الأسلحة التي تملكها على أراضيها أو التي خلفتها في أراضي دولة أخرى.
يعني هذا أنه في حالة وجود أسلحة كيماوية في دولة لم توقع على الاتفاقية، لا يمكن للمنظمة أن تتدخل لنزعها.
وحتى عام 2016 يوجد ثلاث دول لم توقع على الاتفاقية ولم تصادق عليها وهي مصر وكوريا الشمالية وجنوب السودان.
أما سورية، فانضمت إلى المعاهدة سنة 2013. ووافقت على تدمير مخزونها من السلاح.
وفرضت المنظمة بعدها إجراءات لنقل المخزون السوري (بلغ قدره 1300 طن)، تحت رقابة روسية وصينية، إلى سفن نرويجية ودانماركية حسب وكالة رويترز.
رغم ذلك، اتهمت لجان التحقيق عن المنظمة والأمم المتحدة سورية باستخدام أكثر من مرة حتى بعد تجريدها المفترض من الأسلحة الكيماوية.
ثالثا: سهولة التهريب
النزع الكامل للأسلحة الكيماوية أمر معقد جداً، حسب مقال تحليل نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
ذلك أن كل أنواع السلاح الكيماوي يسهل إخفاؤها أو نقلها بشكل سري. وهو أمر صعب لفريق تحقيق يهدف إلى رصد نقط وجود الأسلحة في بلد ما.
تقول الصحيفة إن المواقع الخفية أو الصغيرة للأسلحة الكيماوية التي كان يطورها العراق في عهد الرئيس صدام حسين لم يتم الكشف عنها إلا بعد سنوات عديدة.
وكانت الأسلحة التي عثر عليها مميتة فعلا، رغم أنها كانت مخزنة بشكل رديء.