سيدة يمنية تحضّر مزيجا من البخور في عدن/وكالة الصحافة الفرنسية
سيدة يمنية تحضّر مزيجا من البخور في عدن/وكالة الصحافة الفرنسية

تنحدر بونا سالم، وهي سيدة ثلاثينية، من أسرة يمنية تمتهن صناعة “البخور العدني” منذ زمن طويل.

والبخور هي مادة معطرة يتم تحضيرها في المنازل، باستخدام خلطات سرية مختلفة ذات رائحة ذكية.

“تعلمت صناعة البخور العدني من والدتي وشقيقاتي، جميع أفراد أسرتي يعملن في هذه المهنة، التي تعد مصدر رزقنا الوحيد”، قالت بونا سالم، التي بدأت مشوارها بالعمل في هذه المهنة منذ كانت طفلة.

تحمل بونا مؤهلا جامعيا في مجال التربية منذ 2012 لكنها لم تحصل على وظيفة حكومية رسمية، وتعمل حالياً متعاقدة في تدريس محو الأمية.

“منذ عرفت نفسي وأنا بين البخور. تخرجت من الجامعة ولم أحصل على وظيفة، فانتقلت إلى صناعة البخور”.

وأضافت لموقع (ارفع صوتك) “نصنع كل أنواع البخور، وأهمها العرائسي الذي نستخدم في صناعته العود والعطور والأخضرين ومواد نباتية أخرى، نقوم بخلطها وحرقها بنار هادئة للحصول على تلك المادة الصلبة المسمى البخور”.

وتسوق بونا منتجاتها من البخور بعرضها على محلات لبيع العطور في مدينة عدن الذين يقومون بدورهم بتوزيعها على تجار في مختلف محافظات البلاد ودول الخليج.

وأوضحت أن الأعياد والأعراس هي أفضل المناسبات لبيع البخور، لكنها لم تخفِ أن المشتغلين بهذه المهنة تضرروا كثيراً بسبب الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو أربع سنوات.

قبل الحرب، كانت الطبخة العرائسي (إنتاج أفضل البخور) تكلف بونا 20 ألف ريال (6.41 دولار أميركي)، الآن تكلفتها أكثر من 30 ألف ريال (5.62 دولار)، بسبب ارتفاع أسعار مدخلات صناعة البخور. 

وأشارت السيدة إلى أن كثير من محلات بيع العطور والبخور في مدينة عدن أغلفت أبوابها.

اقرأ أيضا:

امرأة يمنية طموحة تؤسس 15 مشروعاً

أكثر من 60 امرأة

وهذا ما أكدته أيضاً الدكتورة كلثوم ناصر، وهي رئيس اتحاد مالكات المشاريع الصغيرة في عدن، قائلة إن ارتفاع سعر الدولار أمام الريال اليمني ساهم في تدهور هذه المهنة، وتراجع حركة الاستيراد والتصدير.

وذكرت الدكتورة كلثوم أن هناك أكثر من 60 امرأة من صانعات البخور مسجلات في اتحاد مالكات المشاريع الصغيرة في عدن، “غالبيتهن خريجات جامعيات لم يحصلن على فرص عمل في مجالات تخصصاتهن”.

من يستخدمه

وإلى جانب تعطير وتطييب النساء والمنازل والحفلات والأعراس، يستخدم اليمنيون البخور في مناسبات عديدة منها تطييب الأطفال حديثي الولادة، ومراسم العزاء وحلقات الذكر.

وتختلف نوعية البخور المستخدم بحسب طبيعة المناسبة، سواء كانت ولادة أو زواج أو عزاء.

ويستعمل المعالجون بالقرآن نوعاً معيناً من البخور في جلساتهم لطرد الجن والأرواح الشريرة كما يزعمون.

كذلك يستخدم في تطييب الكنائس وغيرها، وفقاً للدكتورة كلثوم ناصر، وهي رئيسة اتحاد ملكات المشاريع الصغيرة في عدن.

أرض البخور

ويحظى البخور العدني بشهرة كبيرة ويلقى رواجاً وإقبالاً واسعاً على شرائه من اليمنيين.

وحسب رئيسة اتحاد مالكات المشاريع الصغيرة في عدن فإن هناك جيلاً جديداً في عدن بدأ بتطوير صناعة البخور وإدخال مميزات على هذا المنتج الذي يحظى بإقبال الكثيرين.

أضافت لموقع (ارفع صوتك) “أخبرني كثير من الفتيات أنهن استخدمن منصات التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتهن من البخور إلى دول الخليج خاصة”.

وأكدت رئيسة اتحاد مالكات المشاريع الصغيرة في عدن أن “مدن جنوب اليمن تحديداً هي أرض البخور تاريخياً الذي كان يستخدم في تطييب الكنائس منذ مئات السنيين”.

زوجي يحبذه

“يومياً أبخر منزلي لأن البخور يجعل رائحة المنزل مميزة، حتى عندما أذهب لزيارة صديقاتي أو إلى أي مناسبة خاصةً فرائحية أتطيب بأفضل أنواع البخور”، تقول سيدة يمنية فضلت تسميتها بكنيتها أم محمد.

أضافت أم محمد لموقع (ارفع صوتك) “أحرص على شراء أفضل أنواع البخور العدني كونه يميزني عن صديقاتي، زوجي أيضاً يحبذ ذلك".

اقرأ أيضا:

في اليمن.. لا يحق للمرأة أن تزوّج نفسها

أسعاره

بدورها تقول الخمسينية أنيسة طربوش، وهي صانعة بخور “هذه المهنة تعني لي كل شيء، هي مصدر رزقي الوحيد، كنت أصدر البخور إلى الخارج عبر وكالة المشاريع الصغيرة في صنعاء قبل الحرب، الآن توقفنا ونواجه صعوبات في التصدير”.

وذكرت أن أبرز المواد التي تستخدمها في صناعة البخور هي “ماء الورد، السكر، العود، الخشب العفص، دقة العود، المسك، العنبر، والعطور حسب الرغبة”..

أضافت لموقع (ارفع صوتك) “بالنسبة لطريقة العمل يتم تسخين ماء الورد حتى يصبح لزجا ثم نضيف إليه كل المواد المعطرة، وبعد أن يصير متماسكاً نصبه في الصحون حتى يجف ثم يتم تعليبه”.

وأكدت أن أسعار البخور العدني تتفاوت من نوع إلى آخر “مثلاً سعر العلبة الصغيرة (115  غرام) 3 آلاف ريال يمني (6.25 دولار أميركي)”.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.