العنف في صلاح الدين دمّر انتاجها الزراعي
العنف في صلاح الدين دمّر انتاجها الزراعي

علي عبد الأمير وهشام الجبوري

إلى حين قريب كانت صلاح الدين معروفة كمناطق زراعية وفيرة الحصاد والثمار، غير إن سنوات من الاقتتال الطائفي وسيطرة المجموعات الإرهابية على مناطق واسعة من المحافظة، أحرقت الأخضر واليابس.

"القطاع الزراعي في محافظة صلاح الدين يعاني تراجعاً كبيراً في الإنتاج، بدأ بعد سيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة من المحافظة، وما أعقبها من تطورات أمنية أدت لاحتضار الزراعة"، يوضح الدكتور زياد فاضل، رئيس قسم في كلية الزراعة بجامعة تكريت.

وتأثير تنظيم داعش وجد عاملاَ مساعداً في شل عجلة الإنتاج الزراعي والتسبب بتخريب حياة المزارع، ألا وهو "التقصير الواضح من وزارة الزراعة بعدم دعم الفلاح بالموارد"، يوضح الأكاديمي الزراعي.

وبحسب استقراء لحالات كثير من مزارعي صلاح الدين، نجدهم قد أنفقوا كل ما يدخرون في سنوات النزوح والتهجير بعيدا عن مناطقهم الأصلية، والآن بعد عودتهم، فمعظمهم مشغول بتعمير بيوتهم التي فجرها داعش، قبل أن يقرر زراعة أرضه. أغلب الملكيات الزراعية وخصوصا الصغيرة منها "لن تعاد زراعتها، بالإضافة إلى إن بعض الأسمدة تم حضر دخولها الى مناطق عدة في المحافظة، إلا بموافقات أمنية".

​​

وهذه إشارة من الدكتور زياد فاضل إلى خشية استخدام الأسمدة في عمليات التفجير لاحتوائها على عناصر مساعدة على الاشتعال، وكانت قد استخدمت في العديد من الاعتداءات الإرهابية.

وداعاً للزراعة

وفي ملاحظة تتعلق بمسارات الذين كانوا قبل سطوة داعش يزاولون الزراعة، نجد أن أغلبهم نزحوا الى المناطق الحضرية واستقروا فيها بعد حصولهم على فرص عمل حتى لو كانت بسيطة، ولا يفضل العودة إلى أرضه، حتى الذي كان عنده قطيع أبقار أو أغنام فقد باعه بسعر بخس لضمان عيش عائلته في مكانها الجديد.

أكثر من 600 ألف طن قمح تصبح 186 ألفا

صلاح الدين كانت معروفة بتمويل البلاد بمحاصيل استراتيجية مثل الذرة، القمح والشعير. وبلغ إنتاج القمح 635 ألف طن عام 2013، وتراجع بعد تحرير المحافظة من داعش في 2015 إلى 186 ألف طن، يقول رئيس لجنة الزراعة في مجلس المحافظة، فيصل الحدوش.

أما الخضروات والفواكه، التي تمتاز بها مدينتا سامراء وبلد، وتشكلان قلب العراق الإنتاجي للخضروات والحمضيات، "عام 2013، كنا نصدّر للمحافظات الجنوبية والشمالية آلاف الأطنان، مع تحقيق الاكتفاء الذاتي للمحافظة، وبعد الأحداث تراجع إنتاجها بنسبة 70 بالمئة".

وإذ يقر الحدوش بـ"تدمير البنى التحتية للقطاع الزراعي في هذه المناطق"،  يؤكد "علينا البدء من الصفر".

غير إن تأكيد المسؤول المحلي يكشف عن تعرض خطة مجلسه لمعالجة ما تعرضت له الزراعة إلى " نكبات بسبب قلة التخصيصات المالية ما أدى إلى توقفها".

وفضلا عن داعش والعنف، فثمة الفساد في زراعة صلاح الدين، فقد كشفت هيئة النزاهة الشهر الماضي عن ضبط 14 معاملة عقود زراعية مُزورة صُرِفَت على أساسها قروضٌ زراعيَّةٌ بمبلغ 786 مليون دينار (نحو 700 ألف دولار) في المصرف الزراعيِّ - فرع تكريت بمحافظة صلاح الدين.

وكانت الهيئة قد أعلنت في 21/8/2017 عن "ضبط معاون مدير زراعة صلاح الدين متلبساً بتزوير 247 كتاباً رسمياً أضرَّت المال العام بـنحو 600 مليون دينار" أي نحو نصف مليون دولار.

الزراعة تحت سيطرة داعش؟

"بعد سيطرته على مناطقنا، أجبر داعش الفلاحين على دفع مبالغ من المحصول السنوي الذي يجنيه المزارع في موسم الحصاد، حتى وصل نسبة محصول صاحب المزرعة إلى 2 بالمئة فقط" يقول المزارع كمال جراح (47 عاما) وهو من سكنة جزيرة الرواشد غرب سامراء.

و أصبح الفلاحون يعملون بأجر لدى داعش، و"هذه الأساليب كان يستخدما أيضا مع الموظفين، بأجبارهم على منحه ثلاثة أرباع الراتب الشهري، بحجة دعم الدولة الإسلامية كواجب شرعي واجب التنفيذ" يضيف جراح.

أما المزارع جاسم الخزرجي فيورد مطالبة بذمة الحكومة العراقية "في عام 2014 قبيل دخول داعش إلى مناطقنا، سلمنا محصولي الحنطة والشعير الى الحكومة وحتى الآن لم نتسلم مستحقاتنا المالية".

كما إن أغلب المزارعين كانوا قد استلفوا قروضا مالية من الحكومة وباتوا اليوم لا يستطيعون سد هذه القروض بسبب تدمير "داعش " لمزارعهم وسرقة معداتهم.

وثمة جانب آخر للأزمة يكشفه المزارع عطية السلمان، وهو من أهالي منطقة بلد "المزارعون غير قادرين على إعادة المساحات الزراعية التي أتلفت وذلك لكون الأسواق متخمة بالمنتوج المستورد بينما محاصيلنا الزراعية مكدسة بالأسواق".

ويؤكد المسؤول في زراعة صلاح الدين المهندس عامر حسن، موافقة وزارة المالية على تأجيل استيفاء القروض المستحقة بذمة الفلاحين من 250 مليون فما دون".

لكن المسؤول المحلي يستدرك "الحل الجذري، هو بإعفائهم بسبب دمار مزارعهم بالكامل، خصوصا أن أغلب المشاريع التي تضررت تحتاج وقتاً طويلاً لإعادتها، في ظل انهيار المحاصيل الزراعية المحلية أمام المستورد".

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.