"من هنا تفتيش النساء" عبارة يستخدمها رجال الأمن ليرشدوا النساء لدخول غرف مخصصة للتفتيش.
وبات العراق أكثر تشددا في تفتيش النساء عند نقاط التفتيش والسيطرات بعد أن روّج الزرقاوي أحد أمراء تنظيم القاعدة عام 2005 لفكرة المرأة الانتحارية.
وبالفعل قامت الجماعات المتشددة بتدريب نساء انتحاريات على ارتداء الأحزمة الناسفة لتنفيذ عمليات تفجيرية في مؤسسات وتجمعات بشرية راح ضحيتها المئات.
الاستعانة بالنساء
وكشفت مجلة Moyen-Orient)) الفرنسية أن عدد اللواتي نفذن عمليات انتحارية في العراق هو 50 امرأة، وذلك نتيجة لمسح امتد من أيار/مايو 2005 حتى أواخر العام 2008.
ولأن تفتيش رجل الأمن للمرأة مسألة صعبة اجتماعيا، كان لا بد من الاستعانة بالنساء لتفتيش النساء.
هذا جانب من مهام شغلتها العراقيات عند انتسابهن للقطاع الأمني. تقول المفتشة أحلام سعد (32 عاماً) "العمل بصفة شرطية أو مفتشة يتوجب التغلب على الكثير من الصعوبات للاستمرار".
بدأت أحلام عملها مفتشة أمنية عام 2007، في مرحلة من الاضطراب الأمني بسبب الصراعات الطائفية، وكانت ترتدي ثيابها المدنية نفسها أثناء قيامها بمهمة تفتيش النساء اللواتي يدخلن أو يخرجن من سوق شعبية.
"كانت مهمتي رصد ما تخفيه النساء تحت ثيابهن أو ما تحتويه حقائبهن، والعثور على الأحزمة الناسفة أو العبوات التي قد يسهل حملها. كان هذا أمرا مخيفا".
المجتمع العشائري
وبقي إقبال المرأة على قطاع الأمن ضعيفا نسبيا بسبب الظروف الأمنية وطبيعة المجتمع العشائرية، رغم أن شروط الانتساب في تلك الفترة قد اقترحت أن يكون التقديم بعمر لا يزيد على 30 سنة للمدنيات و40 سنة للمنتسبات والموظفات.
وأشارت سناء حسون، وهي مفتشة أيضا، إلى أن "القوانين العشائرية لا تستوعب فكرة أن تكون المرأة شرطية. لقد تعرضت الكثيرات بعد تطوعهن للعمل بصفة مفتشات إلى مشكلات كثيرة أقلها التصفية الجسدية لغسل العار".
سناء التي تطوعت للعمل في مؤسسة أمنية بصفة إدارية عقب مقتل زوجها إبان الصراعات الطائفية عام 2006 تمّ تحويلها للعمل بصفة شرطية في السنوات اللاحقة.
تقول "كنت مضطرة للالتزام بقرار تحويل الإداريات إلى شرطيات لحاجتي الماسة للعمل، بينما كثيرات أخريات من المنتسبات تركن المهنة خوفاً من العشيرة والمجتمع".
المشاركة والحماية والوقاية
نظرة المجتمع تجاه المرأة العسكرية بدأت تتغير تدريجيا بعد أن وسعت وزارة الداخلية والدفاع عملها في استيعاب العنصر النسوي وخاصة بعد تطبيق قرار مجلس الأمن (1325) عام 2014، والذي ارتكز على مشاركة المرأة في الحماية والوقاية، والترويج للقرار وحشد الموارد والرصد والتقييم. وشارك في إعداد هؤلاء النساء عدد من منظمات المجتمع المدني.
بعد شهرين من إقرار خطة العمل بهذا القرار، دخل تنظيم داعش للعراق وسيطر على عدد من المناطق.
واستجابة للتطورات الأمنية، قدمت وزارة الدولة لشؤون المرأة وبالتشاور مع المنظمات المدنية خطة طارئة لمجلس الوزراء أقرها في أيار/مايو 2015 بثلاث ركائز هي المشاركة، والحماية، والوقاية.
وكان الهدف العام منها هو توفير المتطلبات الأساسية للنساء النازحات ومتابعة ملف المختطفات وكل من تعرضن للاعتداء من تنظيم داعش الإرهابي.
الخطة الطارئة نصت على تشكيل غرفة عمليات تتابع تنفيذ الخطة، وبعد نحو شهرين من إقرارها ألغيت وزارة شؤون المرأة وهي الآلية المسؤولة عن تطبيق الخطة الطارئة. وواجهت تلكؤاً مؤقتاً.
في كانون الثاني/يناير عام 2016، أتت توجيهات من مكتب رئيس الوزراء بإعادة العمل بغرفة العمليات لغرض متابعة تنفيذ الخطة مع الوزارات القطاعية.
بعد مناقشات واجتماعات مكثفة بالتشاور مع منظمات المجتمع المدني تم بلورة خطط تنفيذية لكل الجهات ذات العلاقة للمباشرة بتنفيذ الخطة على أرض الواقع.
الشرطة المجتمعية
بعد هذا، تم تعديل شروط التقديم في مديرية الأمن الداخلي وتمثلت في أن تكون المتقدمة عراقية من أبوين عراقيين، وألا يقل عمرها عن 17 سنة ولا يزيد عن 35 سنة، ومستوفية لشروط اللياقة البدنية والسلامة الصحية، وغير محكوم عليها بجناية أو جنحة وأن تكون متخرجة من الدراسة الابتدائية أو المتوسطة أو الإعدادية.
وتشير وزارة الداخلية إلى أن هناك (10838) ضابطة ومنتسبة وموظفة في وزارة الداخلية، مقسمة بين (273) ضابطة و (2509) موظفات و(7178) منتسبة.
وتقول الملازم أول في العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية بسمة إن "الوزارة تهتم كثيرا بتطوير المرأة وتسعى لمشاركتها في الميدان الأمني الذي كان مقتصرا على الرجال فقط".
ودخلت المرأة العراقية للعمل في التحقيق الجنائي والطب العدلي وعمليات الشرطة، وتنظيم المرور، وربما أكثرها إقبالاً كانت الشرطة المجتمعية ومديرية الحماية الأسرية.
وتضيف "الشرطة المجتمعية والحماية الأسرية من المديريات البعيدة عن مراكز الشرطة المتعارفة، إذ يلجأ اليها كل من تعرض للعنف الأسري لإيجاد الحلول له، فضلا عن واجب العاملات فيها بإقامة الندوات والورش التثقيفية والتوعوية والزيارات الميدانية الى مؤسسات الدولة والمدارس وغيرها".
وتشير إلى أن المرأة المنتسبة بدأت تتدرب كما يتدرب الرجال على حمل السلاح وتطبيق القوانين والعقوبات كافة، منها الضابطات المتخرجات من معهد التطوير الأمني والاداري بعد إكمال دورة التدريب الأساسي للانضباط العسكري مدتها (45) يوما.