السيارة التي استخدمها منفذ عملية الدهس في تورونتو الكندية / AFP
السيارة التي استخدمها منفذ عملية الدهس في تورونتو الكندية / AFP

الاثنين، خرجت وسائل الإعلام الكندية والأميركية بخبر عاجل: "قتلى وجرحى في عملية دهس متعمد".

انشغل الصحافيون في البحث على مواقع داعش عن بيان تبني أو مسؤولية عن "الهجوم". وكتبت وكالة رويترز "أن الواقعة تشبه هجمات مميتة بسيارات نفذها أنصار لتنظيم الدولة الإسلامية في الولايات المتحدة وأوروبا".

لكن اسم المنفذ "أليك ميناسيان" لم يكن يشبه الأسماء التي تظهر عادة في بيانات تنظيم داعش ما ألقى بشكوك حول "دوافع المنفذ". أعلنت الشرطة الكندية اعتقال ميناسيان بعد أن قاد سيارته مسافة طويلة على الرصيف، وقتل تسعة أشخاص وأصاب 16 آخرين.

قد يكون من المفهوم أن يفكر الكثيرون بـ"الإرهاب" بعد عملية يقتل فيها أناس بشكل عشوائي. والسبب:

خلال عام واحد، نفذ ارهابيون ثماني عمليات دهس كبيرة.

أكبر هذه الهجمات، وربما أولها، كان اعتداء نفذه إرهابي يقود شاحنة دهس بها محتفلين في مدينة نيس الفرنسية عام 2016.

بعدها نفذ الإرهابيون هجمات في دول أوروبية، وفي الولايات المتحدة.

يقول المتخصص في الجماعات الإرهابية، اللواء المتقاعد أحمد السامرائي "الإرهاب هو عملية نشر الرعب، تخيل أن تبث شعورا بالخوف لدى المارة في شوارع العالم، هذه قمة أحلام الإرهابيين".

يضيف السامرائي "كان الناس يخافون من التواجد على الجبهات، وأصبحوا يخافون من الطائرات، والآن يخافون من الشاحنات، وإذا نجح الإرهابيون قريبا سيخاف الناس من التواجد في بيوتهم، هذا الخوف هو استثمار داعش الحقيقي، هو يساعدها في التجنيد، ويمنحها انتصارات وهمية بالمقاييس العسكرية، لكنها كبيرة بالمقاييس المعنوية".

في 22 نيسان/أبريل الحالي، هاجم مسلح مطعما في ناشفيل بولاية تينيسي الأميركية.

مرة أخرى يوحي هجوم استهدف أناسا عشوائيين بأنه "إرهابي". ومرة أخرى لم يكن كذلك.

"الهجمات من هذا النوع تصب في مصلحة الجماعات الراديكالية حتى وإن لم يكن المنفذ منها"، يقول الباحث الاجتماعي أحمد التميمي.

"نجح الإرهابيون بتنميط الهجمات العشوائية، هجمة من هذا النوع تعيد فورا ذكريات هجمات مماثلة نفذها المتشددون، وتساهم بديمومة الإرهاب، الإرهاب هو نشر الرعب، والجماعات الإرهابية تستفيد من كل الحوادث التي تثير الرعب حتى وإن لم يكن المنفذون منتمين إلى تلك الجماعات".

بالتالي، حتى الحوادث غير الإرهابية، هي حوادث إرهابية.

"لم يعد مهما"، يقول التميمي "إذا كان المنفذون يحملون أسماء أو أشكالا شرق أوسطية، فهذا أفضل، وإن لم يكونوا، فليس مهما".

"الهجمات من هذا النوع تصب في مصلحة الجماعات الراديكالية حتى وإن لم يكن المنفذ منها"، يقول الباحث الاجتماعي أحمد التميمي.

"نجح الإرهابيون بتنميط الهجمات العشوائية، هجمة من هذا النوع تعيد فورا ذكريات هجمات مماثلة نفذها المتشددون، وتساهم بديمومة الإرهاب، الإرهاب هو نشر الرعب، والجماعات الإرهابية تستفيد من كل الحوادث التي تثير الرعب حتى وإن لم يكن المنفذون منتمين إلى تلك الجماعات".

بالتالي، حتى الحوادث غير الإرهابية، هي حوادث إرهابية.

"لم يعد مهما"، يقول التميمي "إذا كان المنفذون يحملون أسماء أو أشكالا شرق أوسطية، فهذا أفضل، وإن لم يكونوا، فليس مهما".

ليس هذا فحسب، بل يبدو أننا نتفاعل أكثر مع جرائم الإرهاب من الجرائم العادية.

خلال عام 2017 قتل أكثر من 40 ألف أميركي بحوادث سيارات "عادية"، ومثلهم في عام 2016.

وفي العالم، يقتل 1.3 مليون شخص سنويا بحوادث سيارات.

بعض تلك الحوادث يروح ضحيته العشرات، لكن الناس تستمر بالقيادة في الشارع، دون اهتمام كبير كما يبدو.

في حين إن من الممكن أن يؤدي هجوم إرهابي واحد، يروح ضحيته ثمانية أشخاص كما في حادث دهس نيويورك عام 2017 أن يتسبب بحالة كبيرة من الذعر.

تقول أستاذة الإعلام في جامعة دجلة نغم السماوي إن "الإثارة المرتبطة بالهجمات الإرهابية تجعلها أكثر تداولا"، وتضيف "كما إن الهجمات الإرهابية تستدعي إعلان موقف، وتثير جدلا في مواضيع عدة، كما إنها تستغل كثيرا في الدعاية والدعاية المضادة".

"لا يمكن أن يستخدم شخص ذو توجه عنصري حادث تصادم سيارتين على الطريق السريع لإثبات وجهة نظره، يحتاج إلى عدو، وهو ما توفره له التنظيمات المتشددة بسرور".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.