جانب من جبل سنجار بعدسة عزت عيدو/ تنشر بإذن منه
جانب من جبل سنجار بعدسة عزت عيدو/ تنشر بإذن منه

استمع للمقال

​​

على قمة جبل سنجار، شمال العراق، تسكن 2000 عائلة أيزيدية الخيام.

هذه العوائل، التي تضم أكثر من 10 آلاف شخص، هي من تبقى من بين 50 ألفا هربوا من قراهم بعد سيطرة داعش عليها عام 2014.

حتى تحرير قضاء سنجار وقراه نهاية عام 2015، مر أكثر من عام على هذه العوائل وداعش يحاصرها على قمة الجبل.

ورغم مرور أكثر من عامين على تحرير قراهم، ما زال هؤلاء الأيزيديون يرفضون النزول عن الجبل النائي لأسباب عدة.

أحد هؤلاء الذين لا يستطيعون العودة هو عزت عيدو (28 عاما)، الذي يقطن مع عائلته المكونة من تسعة أشخاص في خيمة.

يقول عزت "لقد دُمر منزلي بالكامل، وبما أن لا أحد قد عاد إلى قريتنا بعد ولا توجد فيها خدمات، فمن المستحيل بالنسبة لنا العودة".

وتنحدر العوائل التي لجأت إلى جبل سنجار من منطقتين، إحداهما تقع شمالي الجبل والأخرى جنوبيه.

ويوضح الشاب الأيزيدي أن أهالي المنطقة الجنوبية عادوا، فيما لا يزال أهالي المنطقة الشمالية حيث كان يسكن لا يستطيعون العودة، بسبب أن مناطقهم ما زالت ملغومة، فضلا عن عدم وجود أي خدمات.

ويتابع "أفضل أن أعيش بصعوبة على الجبل من أن أموت مع عائلتي بانفجار لغم تركه داعش".

وفي هذا الشأن، يؤيد نائب رئيس مجلس محافظة نينوى نور الدين ما جاء على لسان الشاب الأيزيدي.

ويضيف في حديث لموقع (ارفع صوتك) "تقوم دائرة شؤون الألغام بجهود في هذا الإطار، لكنها لم تصل إلى المستوى المطلوب في رفع المتفجرات".

وتأمل حكومة نينوى المحلية بانتهاء ملف المتفجرات "قريبا بعد تعاقد حكومة المركز مع شركات أجنبية، مختصة برفع المتفجرات".

ويعرف مخيم جبل سنجار باسم "سردشتي" أيضا.

الخدمات في هذا المخيم "تكاد أن تكون معدومة"، فالمياه من الآبار، والكهرباء من مولدات وألواح شمسية صغيرة تبرعت بها منظمات خيرية غير حكومية، ومعظمها معطل الآن، وكذلك الحال في الجانب التعليمي والصحي.

ويشرح عزت "هنا إذا مرض الأطفال، فإن الوصول إلى أقرب مستشفى في إقليم كردستان أو في تلعفر يتطلب سيارة، والقليل من السكان يملكون سيارات أو يستطيعون تحمل تكاليف النقل".

ويقدم عزت الذي تخرج العام الماضي من كلية التمريض في جامعة دهوك، خدمات طبية مجانية للأهالي. وهو اليوم يستثمر ما تعلمه في رعاية أهالي المخيم، آملا في الحصول على وظيفة.

يقول "عُرض عليّ العمل التطوعي في إحدى المنظمات الخيرية. سوف أعمل، لكنني أتمنى الحصول على وظيفة".

تشير الناشطة المدنية الأيزيدية سراب الياس إلى أن "350 حالة من الأمراض المستعصية سجلت في المخيم".

وتقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "يصعب توفير العلاج لهذه الحالات، للصعوبات التي يتسبب بها موقع الجبل".

ويقع جبل سنجار على الحدود العراقية السورية، ويبلغ ارتفاعه حوالي 1400 متر.

وتوضح الناشطة الإيزيدية، أن انقطاع الطرق إلى جبل سنجار أدى إلى قلة قدوم المنظمات الإنسانية إليه، ما تسبب بشح في المساعدات الغذائية والصحية وحتى المالية، على حد قولها.

وآخر منحة حصلت عليها عوائل المخيم كانت قبل ثلاثة أشهر، من قبل منظمة دولية، وفقا لعزت. ويضيف "لم تتسلم تلك العوائل أي منحة من الحكومة".

وهذا يتسبب بصعوبة في توفير متطلبات الحياة للمقيمين في المخيم.

يقول الشاب عزت "كان والدي وأخي متطوعين مع البيشمركة ويتقاضيان مبلغ 300 دولار لكل واحد منهما، وبعد انسحاب البيشمركة من الجبل، توقفوا عن العمل".

أما عن تكيف العوائل مع المعيشة، فيروي الشاب عزت "الشتاء مروع لأن مياه الأمطار تتسرب إلى الخيام وهي باردة جداً جداً. وفي فصل الصيف، تكون الخيام ساخنة بشكل لا يُحتمل، لأننا لا نملك مروحة ولا كهرباء لتشغيل واحدة".

تضطر العوائل في بعض الأحيان، وخصوصا بالصيف إلى النوم خارج الخيمة، لأن الجو يكون أكثر برودة، "لكن الثعابين والعقارب هنا تشكل خطراً كبيراً على الأطفال".

الوضع الأمني

الجانب الأمني هو "الصورة المشرقة الوحيدة" في مخيم جبل سنجار، وفقا لوصف الشاب الأيزيدي الذي يوضح "الوضع الأمني مستقر جدا، وخصوصا في الأسبوعين الأخيرين بعد قدوم الجيش العراقي وقوات الشرطة إلى الجبل".

استقرار الوضع الأمني، هو من أهم الأسباب التي تدفع تلك العوائل إلى البقاء على قمة الجبل.

يضاف له قدسية جبل سنجار لدى الأيزيديين، حيث يعتبرونه "ملجأ وفر لهم الأمان في كل الأزمات التي مر بها الأيزيديون على مر العصور".

لكن ذلك لا يمنع من وجود بعض القلق لدى سكان الجبل، بسبب تلويح تركيا بنيتها شن هجوم عسكري في سنجار، "زاعمة أن أعضاء في حزب العمال الكردستاني يحتمون فيه".

ويوضح عزت "في الفترة السابقة كانت الطائرات والمدفعية التركية تقصف بين الحين والآخر مناطق في الجبل، وهذا ما يثير قلقنا، خصوصا بعد تهديدات تركيا".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.